رغم اندلاع عشرات المظاهرات في أمريكا وأوروبا ضد العدوان الصهيوني على غزة، وتغيير نظرة الكثير من الغربيين للإسلام بعدما أثار إعجابهم صمود أهل غزة، بدأت أصوات أوروبية يمينية متطرفة تدعو، بتحريض صهيوني، لتسوية مساجد بالأرض.
وكانت دعوات انطلقت من جانب صهاينة يعيشون في أوروبا لتحريض الأوروبيين على وقف بناء مساجد وتفتيشها بدعاوى أنها تستغل في دعم «حماس».
وبدأت أصوات يمينية أوروبية تتساءل في خبث: هل حان الوقت لوقف بناء مساجد في أوروبا وإزالة الموجود منها؟
وكانت البداية من السويد، التي شهدت حرق نسخ من القرآن عدة مرات هذا العام، حيث دعا زعيم حزب «ديمقراطيو السويد» جيمي أكيسون إلى مصادرة بعض المساجد وتسويتها بالأرض، خلال خطاب أمام مؤتمر حزبه السنوي 25 نوفمبر 2023م، بحسب «وكالة الأنباء الفرنسية».
قال أكيسون: «علينا أن نبدأ بمصادرة وهدم المساجد، ووضع خطة لوقف جميع أعمال البناء الجديدة للمساجد، وهدم القائمة منها؛ لأنها تنشر دعاية معادية للديمقراطية والسويد والشواذ والسامية أو مضللة بشكل عام»!
وقال موقع «إيرو ويكلي»، في 26 نوفمبر 2023م: إن هناك قلقاً في السويد من أن يعرض الاقتراح الذي قدمه عضو البرلمان السويدي، زعيم حزب الديمقراطيين السويديين، بشأن المساجد طلب انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي للخطر.
حيث تنتظر السويد تصديق برلمان تركيا على انضمامها لعضوية «الناتو» بعد توتر العلاقات مع أنقرة على خلفية سماح الشرطة بحق القرآن عدة مرات.
وأثار الخطاب العنصري لـ«أكيسون» غضباً في السويد وخارجها، وأجبر رئيس وزرائها كريسترسون على إصدار بيان عبر «تويتر» شدد فيه على «حق الحرية الدينية دستورياً» في السويد.
وأصدر رئيس الوزراء أولف كريسترسون بياناً يرد على زعيم حزب اليمين المتشدد الداعم لحكومته، بشأن تسوية المساجد بالأرض.
حيث وصف كريسترسون لشبكة «إس في تي»، في 27 نوفمبر 2023م، الذي لا تضم حكومته الائتلافية «ديمقراطيو السويد»، لكنها تعتمد على دعمه، تصريحات هدم مساجد بأنها تفتقر إلى الاحترام وتثير الاستقطاب.
قال: «في السويد، لا نهدم أماكن العبادة علينا كمجتمع مقاومة التطرف العنيف مهما كانت مبرراته، لكننا سنقوم بذلك في إطار دولة ديمقراطية وسيادة القانون».
أضاف: أولئك الذين يدلون بتصريحات معادية للسامية أو يحرضون ضد المسلمين يهينون الناس في بلدنا ويضرون السويد والمصالح السويدية على المستوى الدولي، وما نحتاجه الآن هو أن نجتمع معًا، وليس المزيد من الاستقطاب».
Those who make antisemitic statements or agitate against Muslims insult people in our own country and damage Sweden and Swedish interests internationally. What we need now is to come together – not further polarisation. 3/3
— SwedishPM (@SwedishPM) November 25, 2023
تطهير هولندا من الإسلام!
وكان اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، رئيس «حزب الحرية» اليميني المتطرف، الذي فاز بـ37 مقعداً من أصل 150 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، تعهد عقب فوزه بإنشاء وزارة لتطهير هولندا من الإسلام.
لكن يتعين عليه دخول تحالفات مع أحزاب أخرى من أجل تشكيل حكومة برئاسة فيلدرز.
وكان أعلن قبل الانتخابات عن خطط لحزبه لحظر القرآن والمدارس الإسلامية والمساجد، لكن حاول إظهار الاعتدال ليفوز وقال: إنها خطط ذهبت أدراج الرياح، وفق «BBC»، في 23 نوفمبر 2023م، لكن مسلمي هولندا متوجسون منه.
ومع ذلك، لم يخلُ برنامج حملته الانتخابية من الدعوة لإجراء استفتاء على خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي، ووقف اللجوء، ومنع المدارس الإسلامية والمصاحف والمساجد، على الرغم من أنه تعهد بعدم انتهاك القوانين الهولندية أو دستور البلاد الذي يكرس حرية التعبير والاعتقاد.
وسبق أن عرض النائب الهولندي غيرت فيلدرز رسوم كاريكاتير عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم على التلفزيون الرسمي، في خطوة هاجمها الأزهر ووصف النائب بأنه صاحب خيال مريض.
ويعتبر فيلدرز مؤيداً قوياً لدولة «إسرائيل» ومؤيداً لنقل سفارة هولندا إلى القدس، مقابل إغلاق البعثة الدبلوماسية الهولندية في رام الله، الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
وفي انتصار جديد لليمين المتطرف، في هولندا، فاز حزب الحرية الذي يرأسه المتطرف خيرت فيلدرز، 23 نوفمبر 2023م، بأكبر عدد من مقاعد البرلمان الهولندي متسلحاً ببرنامج انتخابي يقوم في أساسه على مناهضة الإسلام.
وبفوز المتطرف الهولندي الذي اشتهر بحرق نسخ من القرآن والدعوة لطرد المسلمين من هولندا، تكون شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة ارتفعت بين ناخبي 11 دولة في الاتحاد الأوروبي على رأسها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا، بعد فوز هذه الأحزاب العنصرية بأعلى الأصوات؛ ما يعني انتهاء ادعاءات الديمقراطية وحرية العقيدة.
مساجد فرنسا وألمانيا
وضمن الحملات على المساجد، أقدم مجهولون على نشر رسائل تهديد بالقتل وعبارات معادية للإسلام طالت مسجدين في فرنسا، أحدهما مسجد في بلدية فالانس وسط دعوات معادية للمساجد، على خلفية مقتل شاب فرنسي في مشاجرة، بحسب صحيفة «لوفيغارو»، في 25 نوفمبر 2023م.
وتعرض مسجد في بلدية فالانس الفرنسية لتهديد من طرف مجهولين حمل دلالات معادية للمسلمين في فرنسا ومسيئة لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، على خلفية مقتل مراهق فرنسي على أيدي شبان خلال مشاجرة بينهم.
وحسب صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، فقد تلقى مسجد فالانس جنوب شرقي فرنسا، رسالة مجهولة المصدر كُتبت عليها عبارة «المسلم الصالح هو مسلم ميت.. العدالة لتوماس»، صاحبها رسم كاريكاتيري مسيء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم سبق نشره على صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الشهيرة.
وقال الناطق الرسمي باسم جميعة الفرقان، مصطفى العقلي، التي تدير شؤون المسجد ببلدية فالانس: إن الجمعية رفعت دعوى قضائية وأضاف: نُدين هذه التهديدات بالقتل وهي مرفوضة، كما نُدين مقتل الشاب توماس.
وقال المسؤول عن المسجد: إن الدين الإسلامي يرفض مثل هده الأفعال، نستنكر ونأسف لهذا الخلط الواقع بين المسلمين الذي يحترمون القوانين الفرنسية وهؤلاء المجرمين الذين لا يُمثلون قيم الإسلام.
ومنذ واقعة مقتل توماس، انطلقت حملة شرسة لم تستثن المسلمين في فرنسا تعتمد نشر صور الشاب توماس والعلم الفرنسي، وجرى توزيع منشورات وملصقات في عدد من المدن الفرنسية.
ولم يسلم مسجد آخر من شعارات «الإسلاموفوبيا»، إذ رُسمت عبارات مسيئة للإسلام على جدار مسجد «شيربورغ أون كوتنتين» الواقع في مقاطعة المنش شمال غربي فرنسا، تحمل تهديدات بالقتل للمسلمين.