تبدو المقاربة التي يريد البعض ترويجها مغشوشة ومخادعة وفيها تحايل كما سنبين.
ويمكننا من خلال فك رموز الفكر الغربي فهم التناقض بين الديمقراطية الغربية ووحشية الغرب الاستعماري في أفريقيا وآسيا ومجازره الرهيبة ونهبه لثروات شعوب القارتين.
1- من السذاجة أن نغفل توظيف الدين من قبل الغرب العلماني في تعاطيه معنا، فدعم التنصير (المؤتمر الأفخارستي في تونس في ثلاثينيات القرن الماضي)، ومناصرة نصارى الشرق على حساب مسلميها، وتحويل المساجد إلى كنائس في الجزائر، وغيرها، تأخذ ثلاثة أبعاد:
أولاً: وجدت العلمانية الغربية أن تنصير المسلمين قد يساعدهم على البقاء طويلًا في المستعمرات.
ثانيًا: يمكنها أن تحيّد عنصرًا فعالًا في مقاومة الاستعمار.
ثالثًا: تحقيق نصر تاريخي على الإسلام باجتثاثه بعد أن دجنت أو حيدت أو أضعفت النصرانية أو كل ذلك جميعًا.
2- إن العلمانية وهي تُدين الدين وتحمّله المسؤولية عن الحروب والنزاعات والكراهية، لم تتورع في مناصرة شعوب على حساب شعوب ودول على حساب دول وفقًا لمصالحها، فاستبدلت المصلحة التي كانت أكثر جرمًا ودمارًا من الحروب الدينية استبدلتها بالدين.
3- ثالثة الأثافي هي أن العلمانية بأقانيمها الجديدة، ومنها الداروينية (الجانب الفلسفي) قد أسست للعنصرية باسم العلمانية من خلال تقسيم الإنسانية إلى «الأرقى» و«الأقل تطورًا»، وبررت العلمانية الغربية النهب والاحتلال وحتى الإبادة بهاتين الفريتين الداروينيتين، ليس باسم الدين القابل للتأويل، وإنما باسم العلم بمعنى «لا نقاش»، و«فوق سردية امتلاك الحقيقة»، وتم تسوية الأفارقة بالحيوانات ووضع بعضهم في حدائق الشمبانزي، وتم الطواف بهم في شوارع باريس؛ لتبرير القتل والنهب والإبادة.
ويحاول الكيان الصهيوني تبني هذه المقولة في حرب الإبادة التي تشهدها غزة، ووصف الفلسطينيين بالحيوانات، وهي كلمة لها علاقة بما ذكرناه آنفاً وليست مجرد سباب، كما يظن المغفلون، وهكذا تمت الاستجارة من الرمضاء بالنار.