كاتبة المدونة: لينة عبدالباقي
قام الملك في الصباح، فصلى بالناس الفجر بالمسجد المجاور لقصره، ثم عاد بعد طلوع الشمس لتناول الفطور، وارتداء ملابس الصيد، حيث كانت هذه عادته قبل أن يجلس على كرسي الحكم والاطلاع على أحوال رعيته، واستقبال وفود الممالك المجاورة والبعيدة، والتجار، وحتى الفقراء.
وبينما كان يمر عبر أشجار البستان الذي يقع فيه القصر، لاحظ شجرة غريبة بين أشجار التفاح، شجرة ذهبية بها ثمار من الذهب، فاستراب وقال: يا سبحان الله! شجرة ذهبية بها تفاح من ذهب، لم أرها من قبل، وكيف يمكن أن تزرع شجرة كهذه؟! ثم تقدم ليقطف تفاحة ذهبية، لكن الشجرة صرخت: لا لا تقربني هذا التفاح ليس لك، اذهب وخذ تفاحة حمراء أو خضراء من البستان وكُلْها.
استغرب الملك من شجرة تتكلم وهي من ذهب لم يرها من قبل! ثم تقدم وقطف تفاحة حمراء غسلها وأكلها، فكانت لذيذة أكثر من قبل.
ظل الملك يفكر في سر الشجرة الذهبية وكلامها، وأنهى يومه وهو لا يكاد ينسى الموقف الذي مر به وكأنه أضغاث أحلام، وقرر أن يعود في اليوم التالي لتلك الشجرة العجيبة.
وفي اليوم الموالي ذهب الملك ليصلي بالناس، ثم استدعى أحد العلماء وأخبره بما رأى وطلب منه مرافقته إلى تلك الشجرة العجيبة.
توجه الملك والشيخ إلى الشجرة حيته وحيت الشيخ باحترام وهما في ذهول تام، وسألها الملك: لماذا رفضت أن أقطف تفاحة بالأمس؟ فردت: لديك ذهب كثير، وهذا التفاح هو حق الفقراء وليس من حقك ولا حق الأغنياء، ولكن وبشهادة الشيخ الذي جاء معك يمكنك قطف التفاح الذهبي بشرط صرفه على الفقراء، فأقسم الملك على الالتزام بذلك فهو يحب رعيته ويحب الفقراء، وبدأ الملك يقطف التفاح ويبيعه ويصرفه على الفقراء حتى لم يبق فقير في مملكته، والشيخ يدله كيف يفعل ذلك لأنه أعلم منه بالقرآن والدين.
وسأل الملك الشيخ: لماذا كانت الشجرة في بستاني وليس في مكان آخر؟ فقال له الشيخ: لأنك مسؤول عن رعيتك أيها الملك، وربما لو كانت في مكان آخر لسرقها البعض أو لسالت دماء من أجل السيطرة عليها والاستئثار بها، فشكر الملك الشيخ الذي أعانه ويعينه على إرضاء الله وعدم مخالفة أمره، وعاش الناس في تلك المملكة السعيدة في هناء وسعادة.