بسبب فشل الاحتلال الصهيوني في هزيمة المقاومة في غزة، ولتبرير الحكم العسكري للقطاع وممر أو محور صلاح الدين (فيلادلفيا) على الحدود المصرية، لم تتورع حكومة نتنياهو عن تسريب أكاذيب للإعلام الغربي وادعاء أنها وثائق من جهاز كمبيوتر زعيم «حماس» يحيى السنوار!
لكن لأن هذه الروايات عن الاستيلاء على كمبيوتر السنوار، كما أعلنوا من قبل أنهم عثروا على حذائه(!)، كشفتها صحف الاحتلال وأكدت أن من سربها هو نتنياهو، إذ إن المعلومات التي قيل: إنها وثائق مسربة هي بالضبط ما يريده نتنياهو.
حيث زعموا أن السنوار كتب في الوثائق يقول: إنه لا يريد صفقة تبادل، بينما هذا هو هدف نتنياهو، وإنه يريد الهروب بأسرى الاحتلال عبر محور فيلادلفيا إلى سيناء ومنها لإيران، وهو أيضاً ما يريده نتنياهو ليتذرع بضرورة احتلال محور صلاح الدين!
لذا، فتح الجيش «الإسرائيلي»، في 9 سبتمبر 2024م، تحقيقًا في الوثائق المزيفة المنسوبة لقائد «حماس» يحيى السنوار التي نشرتها صحيفة «بيلد» الألمانية، وصحيفة «جويش كرونيكل» البريطانية، ونقلتها وسائل إعلام عربية بينها «سكاي نيوز عربية»، وقناة «العربية».
https://x.com/AlArabiya/status/1832033081026355406
صحف الاحتلال أكدت أن التحقيق «الإسرائيلي» في تسريبات وثائق مزعومة لـ«حماس» يدور حول اعتبارها محاولة من جانب حكومة نتنياهو لتشكيل الرأي العام في «إسرائيل» بما يتماشى مع مزاعم نتنياهو أن «حماس» هي التي لا تريد صفقة وتبرير احتلال محور صلاح الدين (فيلادلفيا).
مفبركة من نتنياهو
صحيفة «يديعوت أحرونوت» قالت: في كلتا الصحيفتين («بيلد»، و«جويش كورنيكل») ظهر أن عقلية وتعليمات وإستراتيجية زعيم «حماس» (السنوار) المفبركة تعكس بالضبط ما زعمه نتنياهو في خطابه ومقابلاته بأن السنوار لا يريد صفقة، وفق المصادر «الإسرائيلية» التي تتهم نتنياهو ضمناً بتسريبها.
الوثيقة، التي نشرتها لأول مرة صحيفة «بيلد» الألمانية، في 6 سبتمبر، ويعود تاريخها إلى أبريل الماضي، تزعم أن «حماس» ضعفت عسكرياً، لكنها تسعى لاستغلال أسرى الاحتلال لتأليب الشعب «الإسرائيلي» ضد نتنياهو بالضغط على عائلات الرهائن والجمهور «الإسرائيلي».
وتزعم أن السنوار يريد الهرب من غزة مع عائلته وبعض أنصاره إلى إيران عبر سيناء، ويأخذ معه رهائن «إسرائيليين» أو يوفر له الصهاينة ممراً آمناً لمصر!
أيضاً زعمت الوثيقة المفبركة والمنسوبة للسنوار أن «حماس» ستحاول إلقاء اللوم على «إسرائيل» بشأن فشل المفاوضات، وإظهار الأمر أن «إسرائيل» ترفض الخطط التي قدمتها أمريكا للهدنة التي وافقت عليها «حماس».
كما ورد في الوثيقة، حسب الصحيفة، أن «حماس» تخطط لاقتراح نشر قوة عربية في غزة كحاجز بين «إسرائيل» والحركة؛ ما سيمنع «إسرائيل» من إعادة دخول غزة بعد وقف إطلاق النار.
«هيئة البث الإسرائيلية» (مكان) ذكرت، في 8 سبتمبر، أن السلطات العسكرية المختصة تحقق في ملابسات تسريب وثيقة لحركة «حماس» زعمت صحف ألمانية وبريطانية أنه جرى العثور عليها في قطاع غزة.
ورغم ثبوت أن الوثيقة مفبركة، فقد نقلت الهيئة عن ناطق عسكري محاولته تخفيف الفضيحة التي تقف وراءها حكومة نتنياهو بادعاء أن الوثيقة المسربة قديمة، وأن قادة من «حماس» على مستوى منخفض هم من وضعوها، وليس رئيس الحركة في قطاع غزة، السنوار، والمعلومات الواردة في الوثيقة ليست جديدة.
وفي 6 سبتمبر، نشرت صحيفة «هاآرتس» أيضاً أن وثيقة عُثر عليها على جهاز الكمبيوتر الخاص بزعيم حركة «حماس» في قطاع غزة السنوار، تُفصل إستراتيجية تلك الجماعة في المفاوضات ومحادثات الرهائن والحرب ككل مع «إسرائيل»، وقالت: إن ملخص الوثيقة المزعومة المفبركة هو أن ما يخطط له السنوار هو ما يريده نتنياهو؛ أي عدم التوصل لاتفاق تبادل أسرى واستمرار الحرب وتبرير سيطرة نتنياهو على محور فيلادلفيا بحجة أن وثيقة السنوار تقول: إنه سيهرب بالأسرى «الإسرائيليين» عبر سيناء إلى إيران!
لتبرير فشله
وقد فنّد تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في 11 سبتمبر، الادعاءات التي نشرتها صحيفة «بيلد» الألمانية، حول وثيقة وضعتها حركة «حماس»، عُثر عليها في كمبيوتر زعيم «حماس»، وقالت: إن هذه الوثيقة المزعومة هدفها تدعيم تصريحات رئيس الحكومة «الإسرائيلية» نتنياهو حول رفضه الانسحاب من محور فيلادلفيا.
ونقل التقرير عن مصدر «إسرائيلي» رفيع في دائرة الأسرى والمفقودين ومطلع على تفاصيل المفاوضات مع «حماس» حول صفقة تبادل أسرى، قوله حول النشر في «بيلد»: إنه حتى بمصطلحات الآلة السامة (لدعم نتنياهو) التي عممت هذه التشويهات، فإن هذه الحملة كانت ضارة وشريرة وشيطانية بشكل خاص، مضيفاً أن تعميم وثائق مفبركة على وسائل إعلام أجنبية، كأنها باسم «حماس» أو كتلك التي زُيّفت بشكل خطير، وتقول: إن «حماس» توشك على تهريب مخطوفين إلى إيران، كأنها من وثائق السنوار، هو تنكيل عبثي بعائلات المخطوفين، وهذا كله من أجل تدعيم اعتبارات سياسية ضيقة وأنانية.
ورددت سارة نتنياهو، خلال لقائها مع عائلات رهائن «إسرائيليين»، الخبر الكاذب الذي نشرته صحيفة «جويش كرونيكل» البريطانية، وكأن «حماس» على وشك إخراج الرهائن من غزة إلى إيران واليمن، لدعم ادعاء نتنياهو بأنه لهذا السبب لا يريد الانسحاب من محور فيلادلفيا ولو لفترة قصيرة، وقال المصدر «الإسرائيلي»: إن مخاوف عائلات المخطوفين استندت بالطبع إلى صفر حقائق ومائة بالمائة كذب وتسميم.
ووصف جهاز الأمن «الإسرائيلي» حملة نتنياهو بأنها حملة تضليل تمارسها جهات «إسرائيلية» بشكل مخالف للقانون على الجمهور، ومن خلال تشويه معلومات سرية، وفقاً للتقرير.
وقات صحيفة «يديعوت أحرونوت»: إن هذه الوثيقة المفركة ستزيد من حدة التوتر بين رئيس الحكومة ومن حوله، وهو التوتر الذي وصل بالفعل إلى ذروة جديدة في أعقاب الخلاف العميق بين الأطراف المحيطة به، بشأن الصفقة.
سربتها المخابرات
وكانت صحيفة «جويش كرونيكل» اليهودية البريطانية زعمت تحت عنوان «خطة السنوار السرية لتهريب الرهائن إلى إيران»، أن الوثائق التي استولى عليها الجيش «الإسرائيلي» والمعلومات التي تم الحصول عليها في التحقيق قد تشهد على الكيفية التي يخطط بها قائد «حماس» للخروج من ضائقته الصعبة، وقد كتب التقرير مراسل الصحيفة إيلون بيري، الذي يعتمد على مصادر استخباراتية «إسرائيلية»، كما كشفت ذلك صحيفة «يديعوت أحرونوت».
ونقل بيري، في تقريره عن أحد مصادره الصهيونية، أن السبب الحقيقي وراء عدم قدرة «حماس» على إطلاق سراح الرهائن، هو أنه بقي 20 منهم فقط على قيد الحياة في غزة، والعديد منهم محتجزون حول السنوار، ليكونوا بمثابة درع بشري له، رغم نفي الاحتلال صحة هذه المعلومة.
وشدد التقرير على أن هذا الادعاء يعني أنه ليس هناك فرصة للتوصل إلى صفقة، لأن السنوار لن يتخلى عنهم، وهو ما يتماشى مع الادعاءات التي يكررها نتنياهو.
وزعم تقرير بيري أن مصادر استخباراتية «إسرائيلية» أخبرت صحيفته بأن خطة السنوار كانت تتمثل في تهريب نفسه، وقيادات «حماس» الأخرى مع رهائن «إسرائيليين» عبر فيلادلفيا، إلى سيناء، ومن هناك إلى إيران!