كل حي سيموت، ولن يبقى إلا وجه الكريم عز وجل؛ (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ {26} وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) (الرحمن).
لقد صُعقت، كما صُعق غيري، بوفاة الرجل الكريم والأخ الحبيب دخيل نايف الشمري، رحمه الله وجعل الجنة مثواه، فقد تعرفت على أبي عبدالله في منتصف ثمانينيات القرن الماضي عندما كتب الله تعالى لي أن أتشرف بالانضمام إلى جمعية الإصلاح الاجتماعي- فرع الجهراء، هذه الجمعية المباركة التي تعرفت منها على كل خير، وتمتلك خيرة الرجال الذين نذروا أنفسهم لخدمة دعوة الله المباركة.
وكان الفقيد يكبرني بالسن، ولكن لم أشعر بهذا الفرق، فهو رحمه الله كان صاحب القلب الكبير والمعطاء الذي لا يكلّ ولا يملّ من خدمة دينه ووطنه.
ومن مواقفه عندما كان يعمل متطوعاً في لجنة زكاة الجهراء، لا ينتظر المحتاجين يأتون إلى اللجنة، ولكن يذهب إليهم بنفسه ويتلمس حاجاتهم، وعندما عمل في بيت الزكاة سار على هذا النهج، وكان لا يرد أحداً، ودائماً كانت له كلمة مشهورة: «لو هذا الإنسان مو محتاج ما جاء لبيت الزكاة».
ويعد، رحمه الله، من أبطال الجهراء أثناء الغزو العراقي الغاشم، حيث كان مسؤول جمعية الواحة بالجهراء وقتها، وكلنا يعلم أن من كان يعمل في خدمة المواطنين أثناء هذا الغزو سيتعرض للاعتقال والسجن، وهذا ما حدث فعلاً؛ فقد اعتقل هو ومجموعة من الشباب الذين نذروا أنفسهم لخدمة الكويت وشعبها في أحلك الظروف، ولكن بعد انقشاع هذا الغزو المجرم واصل، رحمه الله، عطاءه في لجنة زكاة الجهراء التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي.
وكان الفقيد الحبيب صاحب فكرة تخليد أسماء شهداء الكويت عبر نُصب تذكاري أقيم في حديقة مستشفى الجهراء.
إن بوعبدالله دخيل نايف الشمري، رحمه الله، كان يحمل هَمَّ الفقراء والمساكين، متواصلاً مع الناس، لا يتخلف عن أي دعوة أو واجب اجتماعي للصغير والكبير.
ولكن عزاءنا بوفاة الأخ دخيل الشمري أن الله تعالى ختم حياته بخاتمة طيبة، فبعد أدائه صلاة العصر يوم الجمعة توفي عند باب المسجد في المملكة الأردنية الهاشمية.
رحمك الله يا أبا عبدالله، والله إن في وفاتك بكت القلوب قبل العيون؛ لأن فقْد الرجال في هذا الزمان أمر صعب، اللهم نسألك الصبر والسلوان وحسن العزاء.