في ظل التحول الرقمي المتسارع عالميًا، تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات دورًا محوريًا في تحسين جودة الخدمات، وزيادة الإيرادات، وتسريع اتخاذ القرارات.
وخلال الحوار المفتوح الذي نظمته أكاديمية «كودد» تحت عنوان «الوظائف في علم البيانات والذكاء الاصطناعي في الكويت عام 2025»، ناقش خبراء محليون أهمية هذه التقنيات في تطوير القطاعات المختلفة بالكويت، مع التركيز على الدور الذي تؤديه في تشكيل سوق العمل المستقبلية.
وأجمع الخبراء المشاركون في الحوار على أن «علم تحليل البيانات» يمثل النقلة النوعية التي تحتاجها القطاعات المختلفة بالكويت، سواء الحكومية أو الخاصة؛ إذ إن البيانات لم تعد مجرد أرقام مجمعة؛ بل أصبحت أساسًا لرسم السياسات ووضع الإستراتيجيات التي تدعم اتخاذ القرارات الدقيقة.
وأوضح المشاركون أن البيانات غير المحللة تشبه «النفط الخام»، الذي يفتقر إلى قيمته الحقيقية قبل معالجته، الشركات والمؤسسات التي تدرك أهمية تحليل البيانات يمكنها تحويل هذه المعلومات إلى رؤى تفصيلية تساعدها على فهم احتياجات عملائها بشكل أفضل، وتطوير خدماتها، وزيادة عوائدها؛ لذا، الحاجة اليوم ليست فقط لجمع البيانات، بل لوجود كفاءات متخصصة قادرة على تحويلها إلى قرارات إستراتيجية.
العويش: من لا يُتقن تحليل البيانات اليوم قد يُعتبر أميًا غدًا
وأكدت مي العويش، الرئيسة التنفيذية لشركة «ساينت»، أن «عالم البيانات» أصبح أحد الأعمدة الأساسية للوظائف الحديثة، وأوضحت أن جميع القطاعات، بدءًا من البنوك ومرورًا بالقطاع المالي ووصولًا إلى الخدمات السكنية، تعتمد على تحليل البيانات في قراراتها اليومية.
وأضافت أن كل معاملة مصرفية أو تجارية تنتج عنها كميات هائلة من البيانات، عند تحليلها، تصبح هذه المعلومات أداة قوية تساعد أصحاب القرار في صياغة خطط وإستراتيجيات تخدم مصالح الشركات والمستهلكين على حد سواء.
وأشارت العويش إلى تغير متطلبات سوق العمل خلال الأعوام العشرين الماضية، وقالت: قبل سنوات، كان عدم إلمام الشخص باستخدام الحاسب الآلي يُعتبر أمية تقنية، أما اليوم، فإن عدم القدرة على تحليل البيانات قد يُصنف ضمن الأمية الجديدة في سوق العمل، وأكدت أن تعلم مهارات تحليل البيانات بات إلزاميًا، مشيرة إلى أن كل وظيفة مستقبلاً، بغض النظر عن القطاع، ستتطلب فهمًا عميقًا لهذا المجال.
تحليل البيانات.. قرارات ذكية وإيرادات مضمونة
سمية صادق، رئيسة تحليل معلومات إدارة التجزئة في البنك الأهلي، شددت على أن علم البيانات ليس رفاهية، بل ضرورة أساسية لكل مؤسسة، وأوضحت أن البيانات هي «النفط الجديد»، حيث تحمل قيمتها الحقيقية بعد تحليلها وإعادة هيكلتها لتتناسب مع احتياجات المؤسسات.
وأشارت صادق إلى أن القطاع المصرفي في الكويت استفاد بشكل مباشر من تحليل البيانات في تحسين قراراته وزيادة إيراداته، كمثال، ذكرت أن تحليل سلوك العملاء المالي يساعد البنوك في تقديم منتجات وخدمات مخصصة تلبي احتياجاتهم بشكل أفضل، وأضافت أن المؤسسات التي تتبنى هذه التقنيات تقدم خدمات أكثر تنافسية؛ ما يعزز مكانتها في السوق.
ولفتت إلى أن وجود نظام قوي لتحليل البيانات، مع كوادر متخصصة تمتلك المهارات المطلوبة، يمكن أن يحول كل قرار إلى فرصة لزيادة الإيرادات وتحسين كفاءة العمل، وختمت بالقول: لا يمكن لأي مؤسسة اليوم أن تتجاهل قيمة تحليل البيانات إذا أرادت البقاء في المنافسة.
رجب: مستقبل الخريجين يبدأ من تحليل البيانات
أحمد رجب، رئيس مجموعة الموارد البشرية في شركة أسيكو، دعا حديثي التخرج إلى الإسراع بالاستثمار في تعلم مهارات تحليل البيانات، وأوضح أن هذه المهارات أصبحت أحد المحركات الأساسية لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة، خصوصًا مع النمو المتسارع في التحول الرقمي.
وأضاف أن أزمة جائحة «كوفيد-19» كانت درسًا كبيرًا، حيث أجبرت المؤسسات على تسريع عملية الرقمنة، الشركات التي كانت تعتمد على الأدوات التقليدية شعرت بأهمية الانتقال إلى العصر الرقمي لتحسين كفاءتها واستمراريتها، وأكد أن المهارات المرتبطة بتحليل البيانات أصبحت ضرورة وليست خيارًا.
وأشار رجب إلى أن المؤسسات الكبرى، خصوصًا في القطاعات المصرفية والاتصالات، تقود الطريق في هذا المجال؛ لذا، من المهم جدًا أن يُطور الخريجون الجدد شغفهم بهذا المجال، وأن يستثمروا وقتهم في تعلم تقنيات تحليل البيانات لضمان مستقبل مهني ناجح ومواكب لتغيرات السوق.
الإبراهيم: تعزيز الكوادر الوطنية عبر الحوار
واختتم الحوار عمر الإبراهيم، المدير العام لأكاديمية «كودد»، بالحديث عن الهدف من تنظيم هذه الفعالية، وأوضح أن الأكاديمية تسعى لتسليط الضوء على أهمية «عالم البيانات» في القطاعات المختلفة بالكويت، وأكد أن الحوار المفتوح جاء لتقريب وجهات النظر بين المجتمع التقني وصناع القرار، ولتعزيز وعي الشركات بضرورة الاستثمار في هذا المجال.
وأشار الإبراهيم إلى أن هناك فجوة في سوق العمل المحلية بسبب قلة الكوادر المتخصصة في علم البيانات، وأضاف: مع أي مجال جديد، يحدث انفجار في الطلب على الموارد البشرية المؤهلة، واليوم نرى هذا الطلب يتزايد بشكل كبير؛ ما يجعل تطوير المهارات في علم البيانات أمرًا حتميًا لسد الفجوة وتلبية احتياجات السوق.
وختم الإبراهيم بالتأكيد على أن «كودد» فخورة بتمثيل المجتمع التقني في الكويت، وأضاف: مهمتنا الأساسية هي توعية الأفراد والشركات بأهمية علم البيانات، وتشجيعهم على الاستثمار في تدريب الكوادر الوطنية لمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية.