منذ بداية العدوان على غزة، يواجه النازحون ثالوثًا قاتلًا يفترس حياتهم ويهدد بقاءهم: الجوع، والعطش، والمرض، في ظل الحصار والقصف المستمر، تحوّلت هذه المعاناة إلى كابوس يومي يعكس مأساة إنسانية غير مسبوقة، وسط عجز دولي عن وقف الكارثة، أو توفير الحماية اللازمة للسكان العزّل.
1- الجوع:
حذّرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، مؤكدة أن الجوع بلغ مستويات حرجة مع اضطرار السكان للبحث عن بقايا الطعام في النفايات المتحللة منذ أسابيع!
وأشارت الوكالة إلى أن الكميات المحدودة من المواد الغذائية التي يسمح الاحتلال «الإسرائيلي» بإدخالها عبر المعابر لا تغطي سوى 6% من احتياجات السكان.
في سياق متصل، كشف المفوض العام لـ«الأونروا» فيليب لازاريني أن عدد الأشخاص الذين لم يتلقوا مساعدات غذائية ارتفع من مليون في أغسطس إلى 1.4 مليون في سبتمبر، وسط تدمير 70% من الحقول الزراعية في القطاع.
وأوضح لازاريني أن أكثر من 100 ألف طن من المواد الغذائية عالقة خارج غزة بسبب القيود «الإسرائيلية» والدمار الذي ألحق بالبنية التحتية.
2- العطش:
تعمّد الكيان الصهيوني منذ بدء العدوان استخدام أزمة المياه كسلاح فتّاك ضد أهل غزة، مستهدفاً البنية التحتية للمياه وخزاناتها، بما في ذلك قصف مستشفى الرنتيسي للأطفال؛ ما يهدد حياة 7 آلاف مريض ونازح داخله بالموت عطشًا، وفق تصريح لوزارة الصحة الفلسطينية.
وفي ظل قطع الاحتلال 3 خطوط مياه رئيسة عن غزة، يعاني السكان من الاعتماد على المياه الملوثة؛ ما أدى إلى تسجيل أكثر من 1000 حالة يوميًا من الإسهال، والجدري، والتهابات الجهاز التنفسي، بحسب نائب مدير الرعاية الصحية، رامي العبادلة في تصريح لوكالة «الأناضول».
وتشير التقارير إلى أن مناطق عديدة، خاصة شمال غزة، قد تواجه كارثة عطش خلال أيام مع غياب المساعدات الإنسانية.
3- المرض:
تفاقمت الأوضاع الصحية بشكل غير مسبوق بسبب اكتظاظ النازحين في مراكز الإيواء التي تفتقر إلى مقومات النظافة والخدمات الطبية.
وفق بيانات المكتب الإعلامي الحكومي، تم تسجيل أكثر من 71338 إصابة بالتهاب الكبد الفيروسي بين مليوني نازح، إضافة إلى ارتفاع حالات الأمراض المعدية الأخرى.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن توقف محطات تحلية المياه وجمع النفايات الصلبة أدى إلى انتشار البكتيريا والحشرات الناقلة للأمراض، مع تسجيل 33551 حالة إسهال، و8944 إصابة بالجرب، و12635 حالة طفح جلدي.
في ظل هذه الظروف القاسية، يُتوقع أن تزداد حدة الأزمات مع فصل الشتاء، خاصة بالنسبة لـ50 ألف امرأة حامل و337 ألف طفل دون سن الخامسة، ما ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة إذا لم يتم التحرك لوقف هذه المأساة، وفق «الصحة العالمية».