سلسلة من القرارات المؤلمة بحق الرياضة الكويتية بدأت حلقاتها مع إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والاتحاد الدولي للملاكمة، والاتحاد الدولي للجمباز؛ تعليق عضوية الكويت لديها تماشياً مع موقف اللجنة الأولمبية الدولية الرافض للقوانين الرياضية الجديدة في الكويت، والتي اعتبرها تتعارض مع الميثاق الأولمبي والأنظمة الأساسية للاتحادات الدولية.
على الرغم من تمديد اللجنة الأولمبية الدولية للمهلة الممنوحة للكويت لتعديل أوضاعها القانونية حتى ٢٧ أكتوبر الماضي، بعد اجتماع عقد في لوزان بين وفد حكومي برلماني كويتي مع اللجنة الأولمبية الدولية بحضور اللجنة الأولمبية الكويتية؛ فإن قرار تعليق العضوية تم إصداره.
ويبدو أن الاتحادات الدولية اعتمدت المهلة المسبقة المحددة من الأولمبية الدولية وانتهت في ١٥ أكتوبر الماضي، حيث كانت الأولمبية الدولية قد أخطرت الاتحادات الدولية بوضع الكويت القانوني، ومنحت الاتحادات دعماً كاملاً لأي قرار تتخذه بحق الكويت.
وقد كان قرار «الفيفا» بإيقاف الكويت الأكثر إيلاماً للشارع الرياضي؛ كونه يأتي في وقت تُقبل فيه الكرة الكويتية على استحقاقات مهمة؛ منها تصفيات كأس العالم على مستوى المنتخب الوطني، وبطولة خليجي ٢٣ التي كان يزمع إقامتها في الكويت نهاية العام الحالي، إضافة لقبل نهائي كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الذي يشارك فيه ناديا القادسية، والكويت.
وبرر «الفيفا» الإيقاف الذي دخل حيز التنفيذ الفوري بعدم استقلالية الاتحاد الكويتي وأعضائه (الأندية)، وقال في كتابه: إنه سيتم رفع التعليق فقط عندما يكون الاتحاد الكويتي وكل أعضائه بما في ذلك النوادي قادرة على تنفيذ الأنشطة والتزاماتها بشكل مستقل.
وقال «الفيفا»: إنه نتيجة لهذا القرار لا يمكن لأي فريق من الكويت من أي نوع (بما في ذلك الأندية) أن تكون له أي صلة بالنشاط الرياضي الدولي (المادة 14 الفقرة 3 من النظام الأساسي للفيفا)، ولا يحق للاتحاد الكويتي أو أي من أعضائه أو المسؤولين أن يستفيد من أي برنامج إنمائي، أو دورة أو تدريب من «الفيفا» أو الاتحاد الآسيوي.
رسالة الاتحاد
وقد جاء في الرسالة الموقَّعة من الأمين العام المساعد «ماركوس كاتنر» الذي حلَّ مكان الفرنسي «جيروم فالك» المقال من منصبه بسبب قضايا فساد: لقد درست لجنة الاتحادات في «الفيفا»، واللجنة التنفيذية، القانون الكويتي الجديد، ووجدتا أنه يتضمن تدخلاً غير مقبول في شؤون الاتحاد الكويتي بما يتعارض مع لوائح «فيفا» التي تنص على أن تدير الاتحادات الأعضاء أمورها باستقلالية من دون تدخل طرف ثالث.
وتابع: ولذلك، فإن اللجنة التنفيذية لـ «فيفا» منحت الاتحاد الكويتي مهلة حتى 15 أكتوبر لإجراء التعديلات المطلوبة على قانون الرياضة الكويتية، وفي حال لم يكن الجواب إيجابياً حتى ذلك التاريخ؛ فإن قرار إيقاف الاتحاد الكويتي سيصبح ساري المفعول مباشرة.
وأضاف بيان «الفيفا»: نود أن نذكِّر بالانعكاسات المباشرة للإيقاف على الكرة الكويتية، فلن يكون بمقدور المنتخبات الكويتية بمختلف فئاتها فضلاً عن الأندية إجراء أي اتصالات رياضية بفرق أخرى، ولن يتمكن الاتحاد الكويتي مع أعضائه ومسؤوليه من الاستفادة من برامج التطوير والتدريب التي يوفرها الاتحادات الدولي والآسيوي للعبة.
أصحاب المناصب التنفيذية
فيما قالت الهيئة العامة للشباب والرياضة: إنها تابعت بكل أسى التطورات المتمثلة في إيقاف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) نشاط كرة القدم الكويتية الخارجي الذي جاء بناء على كتابه المرسل في 25 سبتمبر من العام الجاري، مستنداً إلى مجرد مشروع قانون ومعلومات مغلوطة.
وأضافت الهيئة أنها تعتبر هذا القرار ظالماً ومتعسفاً بكل المقاييس، في الوقت الذي لا تزال فيه المباحثات قائمة بين الوفد الكويتي برئاسة وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح واللجنة الأولمبية الدولية.
وحمَّلت الهيئة رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم الشيخ طلال الفهد الصباح، وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد الكويتي لكرة القدم مسؤولية هذا الإيقاف، مضيفة أن عليهم القيام بدورهم الوطني المتمثل في الدفاع عن النشاط الرياضي وسمعة الكويت؛ وذلك من خلال اتخاذ الإجراءات القانونية لرفع الإيقاف.
كما حمَّلت الهيئة المسؤولية للكويتيين أصحاب المناصب التنفيذية الدولية في «فيفا»، والذين لم يصلوا إليها إلا بدعم الدولة لهم طوال السنوات السابقة؛ حيث إن عليهم واجباً وطنياً في الدفاع عن اسم دولة الكويت.
وأهابت الهيئة بأعضاء الجمعية العمومية للاتحاد الكويتي لكرة القدم (الأندية الرياضية) الدفاع عن حقوق الرياضيين الكويتيين باتخاذ موقف واضح تجاه الاتحادين الكويتي والدولي للعبة.
وذكرت الهيئة أنها لن تألو جهداً في اتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على استمرار النشاط الرياضي والتصدي لأي محاولة للنيل من سمعة دولة الكويت الرياضية.
قرار مفاجئ
فيما أكد رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم الشيخ د. طلال الفهد أن الاتحاد تفاجأ بقرار «الفيفا» بتعليق عضوية الاتحاد، وقال: كانت مهلة «الفيفا» حتى 27 الماضي، لكن قرار الإيقاف جاء مفاجئاً لنا.
ورفض الفهد، في مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماع طارئ لمجلس إدارة الاتحاد، الاتهامات المرسَلة الموجَّهة للاتحاد بأنه المتسبب في الإيقاف قائلاً: من يتهم الاتحاد الكويتي ولديه دليل فإن عليه الاتجاه للقضاء الكويتي العادل.
وتابع: الاتحاد متهم اليوم، ولكن أمامنا حلين؛ إما أن يطبق قانون الغاب، وهذا ليس له وجود في الكويت، أو تطبيق قانون دولة ومؤسسات، والجميع يعرفه ويحترمه.
وأشار الفهد إلى أن النشاط المحلي مستمر ولن يتوقف، موضحاً أن الإيقاف يشمل المشاركات الخارجية وليست المحلية؛ بمعنى أن منتخباتنا لن تشارك في مباريات دولية.
وحول ما يتردد عن وجود توجه حكومي لحل اتحاد الكرة، قال الفهد: لا نخشى حل مجلس إدارة الاتحاد من قبل الحكومة، نحن مجلس منتخب، وإن حصل لن نعترض، ولكن لنكن واضحين؛ المشكلة في تعديل القوانين وليس بيد اتحاد القدم.
القرار متوقع وغير مستغرب
وطالب النائب راكان النصف، عبر «تويتر»، بمحاسبة جميع المتسببين في إيقاف النشاط الرياضي في الكويت، قائلاً: إن قرار «الفيفا» متوقع وغير مستغرب، وننتظر موقفاً حكومياً جاداً تجاه من تسبب في ذلك.
وأوضح أن الحكومة وبعد اجتماعها الأخير مع اللجنة الأولمبية في لوزان حددت وبشكل كامل الأطراف والأشخاص المتسببين، وإذا عجزت الحكومة عن القيام بدورها فسنقوم نحن بدورنا ونحاسبها.
وأكد النصف أننا لن نسمح كممثلين للأمة الإضرار بمصالح الكويت، وسنظل نتابع كافة الخطوات الواجب اتباعها لضمان تمتع الشباب بنشاطهم الرياضي الذي ضمنه لهم الدستور.
توصيات حازمة
ومن جانبه، طالب النائب د. عبدالله الطريجي وزيرَ الإعلام وزير الشباب والرياضة بالإسراع بحل اتحاد كرة القدم، ورفع قضايا ضده في الكويت كإجراء قانوني، ثم رفع قضايا في المحاكم السويسرية، مؤكداً أن اللجنة الأولمبية الكويتية واتحاد الكرة يتحملان مسؤولية إيقاف النشاط الرياضي ولا بد من معاقبتهما.
وقال الطريجي: إن المواجهة الحكومية باتت ضرورية لوضع حد للمسرحية الهزلية التي تعرض كل موسم، خصوصاً أن اللجنة الأولمبية الدولية واتحاد الكرة الدولي مسيران من الكويت، وذلك ما لمسناه عندما ذهبنا أنا وزميلي النائب عبدالله المعيوف إلى لوزان مع الوفد الحكومي إذ رفضوا إعطاء وزير الإعلام محضر الاجتماع رغم أنه ممثل رسمي للدولة.
وكشف الطريجي عن اعتزامه بعد التشاور مع النواب على المطالبة بعقد جلسة خاصة لإطلاع الشعب الكويتي والنواب على ما دار في الاجتماع، والتعسف الذي تعرض له الوفد الكويتي من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، مشدداً على أهمية خروج الجلسة بتوصيات حازمة لإيقاف المسرحية السمجة التي يعاد عرضها بين فترة وأخرى.
الاتحاد يتمادى ويتعسف
وقال عضو مجلس الأمة المستقيل رياض العدساني: بدايةً أشكر اللاعبين المخلصين والجماهير الوفية، وبالرغم من كل الضغوط والمشكلات الرياضية؛ فإنكم قمتم بدوركم، مشيراً إلى أنه من الواضح أن هناك صراعات ومصالح، والنتيجة إيقاف الكرة الكويتية دولياً، هذا غير تناحر المسؤولين في قنوات خليجية «كل واحد ينشر غسيل الثاني»، والضحية هي الكويت.
وتابع العدساني: إن إيقاف الكرة الكويتية دولياً سببه الاتحاد واللجنة الأولمبية الكويتية، وعجز الحكومة، والمجلس هش وضعيف جداً؛ مما جعل الاتحاد يتمادى ويتعسف، مبيناً أن هناك من يتاجر ويتكسب من قضية إيقاف الكرة الكويتية دولياً، وأصبحوا مكشوفين؛ هناك نواب يصرحون ضد الاتحاد، وشطبوا استجواباً يتضمن قضية الرياضة.
قرار غريب
واعتبر نائب رئيس الهيئة العامة للشباب والرياضة د. حمود فليطح أن قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بإيقاف نشاط الكويت يثير الاستغراب، لاسيما أنه استبق قرار اللجنة الأولمبية الدولية، والتي منحت الكويت حتى السابع والعشرين من أكتوبر الماضي.
وأوضح فليطح أن قرار الأولمبية الدولية بخصوص هذه القرارات يسبق قرار الاتحادات.
واعتبر فليطح قرار «الفيفا» بعيداً عن أي احترام للنظام الأساسي الكويتي، مؤكداً في الوقت نفسه أن حدوث تفاهم مع «الفيفا» واللجنة الأولمبية الدولية قادم مهما قصر أو طال الوقت.
وأضاف فليطح أن وفد الكويت إلى زيورخ وضع الصورة في نصابها الصحيح، وأبدى استعداده للتجاوب مع اللجنة الأولمبية الكويتية، وأشار فليطح إلى أن كتاب التعديلات المطلوبة كان من المقرر أن يصل 27 أكتوبر، لكن قرار «الفيفا» استبق حتى كتاب الأولمبية.