اعتبر محللون ومراقبون للشأن السياسي في مصر أن السلطات هناك تتعمد تضخيم أثر العمليات “الإرهابية” للتعمية على فشلها في ملفات أخرى، وتبرير وجودها كسلطة حامية للشعب.
كان هذا التوجه واضحا منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013، حيث دعا قائد الجيش وقتها عبد الفتاح السيسي للتظاهر تفويضا له بمواجهة “الإرهاب المحتمل” والذي ما لبث أن صار واقعاً مشكوكاً في نسبه ونسبته.
ورغم أن أكثر من جماعة تتنازع المسؤولية عن الهجمات والتفجيرات في مصر، فإن السلطة دائما ما تسارع باتهام الإخوان المسلمين. والمفارقة أن نشطاء يعيدون كرة اللهب لحجر السلطة متهمين إياها بـ “حتى وإن لم تكن الجماعات الإرهابية موجودة لاختلقتها السلطة لشرعنة وجودها كسلطة حامية للشعب“.
ويكاد لا يخلو خطاب أو لقاء للسيسي من حديث عن “الإرهاب ومكافحته”. وقبل يومين، قالت الصفحة الرسمية للرئيس على “فيسبوك”: إن لقاءه بأعضاء وفد الاتحاد الأوروبي بحث العديد من التحديات وفى مقدمتها “مكافحة الإرهاب“.
وبدوره، أعلن وزير الداخلية مجدى عبد الغفار -في مؤتمر صحفي قبل يومين- أن مخططاً معداً بالخارج من قبل جماعة الإخوان استهدف إغراق الدولة بالأعمال الإرهابية في ذكرى ثورة يناير، وفق قوله.
ويرى المحامي منتصر الزيات أن النظام يقوم على امتداد لفلسفة حكم نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهي الحرب على “الاٍرهاب” لكن مع تطويرها لتصبح هي الورقة الوحيدة، حيث كانت البداية التفويض لمواجهة العنف المحتمل.
وقال لـ”الجزيرة نت”: إنه بعد أكثر من عامين على هذه الحرب الوهمية لا تزال سيناء مصدر إزعاج للمصريين الذين يفقدون كل يوم أبناءهم هناك، بينما تواصل السلطات تكميم الأفواه وتملأ السجون بآلاف المعتقلين من صفوة أبناء الشعب من المثقفين وأساتذة الجامعات والشباب والطلاب المعارضين بذريعة هذه الحرب.
إلهاء
أستاذ الاجتماع السياسي محمد سيد أحمد اعتبر أن السلطة بعد 30 يونيو 2013 كانت في حاجة لتسويق فكرة الحرب على “الإرهاب” حيث كان هناك احتمال لنشاط بعض الفصائل بالداخل.
غير أنه يرى أنه بعد عامين ونصف العام، فإن الاستمرار في تسويق هذه الفكرة يعد مبالغة “لإلهاء وتعمية الشعب عن مطالبه المشروعة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، والتي فشلت السلطة في تحقيق أي تقدم فيها، في ظل عودة رموز النظام السابق لسدة الحكم“.
وأكد أحمد أنه لم يعد أمام هذه الحكومة من فزاعة لتكميم أفواه الشعب وإسكاته عن المطالبة بحقوقه المشروعة غير تسويق فكرة محاربة الإرهاب بدلا من محاربة الفساد.
وقال ذلك الأكاديمي: إن ما يجري من عمليات “إرهابية” بمصر لا يمكن مقارنته بما جرى خلال تسعينيات القرن الماضي، ولا يقارن بـ “الإرهاب” الذي تشهده المنطقة خاصة في ليبيا وسورية.
تجارة
ويلفت أستاذ العلوم السياسية حازم حسني إلى الطريقة التي يحاول بها النظام وأنصاره التسويق للحرب على ما يسمى الإرهاب، معربا عن استغرابه من الاتجار بدماء الشهداء من المدنيين ورجال الجيش والشرطة.
وقال حسني: أخشى أن تكون الرغبة في الاتجار بدماء الشهداء لدى بعض الجهات قد فاقت أي قدرة عقلية لها لتقدير قسوة التعبير، ناهيك عن قسوة الواقع الذى صرنا نعيشه وكأنه ثقافة اعتدنا التعايش معها وبها.