اعتبر خبراء أتراك أن الجولة الخليجية المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ستدفع إلى المزيد من تعزيز العلاقات المتنامية بين الجانبين على الصعيد السياسي، حيث تعزز من فعالية أنقرة في حل أزمات المنطقة، وكذلك الاقتصادي نظراً لأهمية التعاون بين الطرفين في هذا الصدد حيث يكملان بعضهما بعضاً.
ومن المقرر أن يبدأ الرئيس التركي، اليوم الأحد، جولة خليجية، تستمر حتى 15 فبراير الجاري، تقوده إلى كل من البحرين والسعودية وقطر.
ويستهل أردوغان جولته من البحرين حيث يلتقي الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وكبار المسؤولين البحرينيين، لينتقل بعدها إلى المملكة العربية السعودية، ويلتقي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن نايف، وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ويختتمها بقطر، بلقاء أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وفق بيان عن الرئاسة التركية.
مرحلة جديدة
وتعقيباً منه على تلك الجولة، قال المدير العام لمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا)، البروفيسور برهان الدين دوران: إن النظام الدولي دخل مرحلة جديدة، وإن رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترمب، ذاهب لتغيير أساليب وأدوات الدور القيادي لبلاده على المستوى العالمي.
وأضاف دوران أن الولايات المتحدة تريد أن تغدو القوة المهيمنة في العالم، لكن دون تحمل تكلفة التحالف الأطلسي، وأن هذا التوجه لن يقف عند حد تغيير موازين القوى في أوروبا، بل سيؤثر أيضًا على التطورات الجارية في الشرق الأوسط، وفق “الأناضول”.
وأشار إلى أن ترمب ينظر إلى الشرق الأوسط من منظار محاربة الأصولية، لهذا فإن المرحلة المقبلة ستشهد مواجهة مع إيران، تحت شعار التصدي للدول الممولة للإرهاب، وفق نهج يسعى لتهدئة مخاوف “إسرائيل” ودول الخليج، وذلك في إطار مقاربة تتناقض مع سياسة سابقه باراك أوباما، الذي اعتمد نهجًا تصالحيًا مع طهران.
وتابع: ينبغي النظر إلى جميع هذه التطورات على أنها إشارات لتحولات جيوسياسية خطيرة في المنطقة.
ولفت دوران إلى أن التأثيرات الأولى لسياسة ترمب ستلقي بظلالها على إيران واليمن، قائلاً: قد يهتم ترمب بقضايا سورية والعراق في وقت لاحق، ما سيؤخر وصول هاتين الدولتين إلى الاستقرار المنشود، حيث سيبدأ باليمن ليكتب فيها قصّة نجاح يدفع دول الخليج إلى مزيد من التعاون الفعَّال، الذي يعقبه محاولة الانتقال إلى الحد من النفوذ الإيراني في دول أخرى، بعد ضمان تعاون دول الخليج والتحالف مع السلطة السلطوية في مصر.
واستناداً إلى ما سبق، رأى دوران أنه يمكن النظر إلى زيارة أردوغان إلى المنطقة على أنها بمثابة دبلوماسية تحضيرية، تأتي بالتزامن مع وقوف المنطقة على عتبة مرحلة جديدة.
أما المنسق العام لفرع “سيتا” في العاصمة التركية أنقرة، البروفيسور محي الدين أتامان، فاعتبر أن تركيا تمتلك أفضل العلاقات مع دول الخليج، وزيارة أردوغان تأتي تتويجًا للعلاقات التي أخذت تتطور بزخمٍ أكبر خصوصًا خلال العامين الماضيين.
وأضاف أن تلك الجولة تحمل كذلك أهمية خاصة على صعيد تعزيز العلاقات السياسية، خاصة أن المرحلة السابقة شهدت موجة تغيير انفرط في خضمها عدد من دول المنطقة التي لم يبق فيها سوى تركيا وإيران ودول الخليج، التي تمكنت من الحفاظ على بنية الدولة فيها.
ولفت أتامان إلى أن الاقتصادين التركي والخليجي قادران على أن يشكلا عنصر تكامل لبعضهما بعضاً، حيث الإنتاج التركي والموارد الطبيعية في دول الخليج.
وفي هذا الصدد، أوضح أتامان أنه في الواقع، يرجح البعض أن تقوم دول الخليج بتحويل استثماراتها ورؤوس أموالها إلى تركيا، لاسيما بعد القانون الأمريكي المعروف باسم جاستا”، والذي أقر من قبل الكونجرس الأمريكي العام الماضي، والذي يتيح مقاضاة دول كالسعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
ونوه أتامان إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تقاربًا أكبر بين تركيا والإدارة الأمريكية الجديدة، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، مشيرًا إلى أن النظام الإيراني انتهج في الآونة الأخيرة سياسات مضطربة ضد دول الخليج وتركيا، وأن العلاقات بين دول الخليج وتركيا سوف تتطور قدمًا نحو الأمام مع تحقيق نمو ملحوظ.
ملفات مهمة
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول، البروفيسور أحمد أويسال، قال، من جانبه: إن أوباما دفع الشرق الأوسط نحو فوضى كبيرة، لكن ليس من الواضح تمامًا فيما إذا كان ترمب سيخلص المنطقة من تلك الفوضى أم لا.
أويسال لفت أيضاً إلى الدور المهم الذي تمارسه تركيا وقطر في محادثات السلام السورية، فضلاً عن أن العلاقات الثنائية بين هذين البلدين يتطور بشكل مستمر نحو الأمام، كذلك فإن العلاقات مع الإدارة السعودية الجديدة، يمكن تصنيفها بأنها جيدة جدًا، لافتًا إلى أهمية التنسيق بين تركيا والسعودية وإيران ومصر من أجل مصلحة المنطقة ككل.
كما أشار إلى أن زيارة أردوغان إلى دول الخليج ستتناول ملفات مهمة في المنطقة، مثل مصر والعراق وتنظيم “داعش” الإرهابي، وسورية والعلاقات بين دول الخليج وإيران، مؤكدًا أهمية التعاون بين تركيا ودول الخليج اقتصاديًا وسياسيًا.
يشار إلى أن تركيا تدعم التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن وتشارك فيه 5 من دول الخليج الست، وتتطابق وجهات نظر أنقرة مع دول الخليج، فيما يتعلق بإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية وكذلك السورية.
ووصلت العلاقات التركية الخليجية مرحلة متقدمة العام الماضي، الذي شهد 12 قمة جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقادة ومسؤولي دول الخليج، تم خلالها وضع أسس راسخة لعلاقات متنامية، تنبئ بتعاون أكبر وأعمق في مختلف المجالات بين الجانبين في المرحلة المقبلة.