أجمع خبراء وسياسيون على أن مصادقة الكنيست على قانون (التسوية) هو حالة اعتداء إضافية لحالات الاعتداء السابقة وغطاء غير مشروع لممارساتهم الاستيطانية.
وأشاروا لـ”وكالة الأنباء الأردنية” (بترا) أن هذا القانون يتنافى مع الشرعية الدولية ومواثيق حقوق الأنسان، إذ يتيح القانون، مصادرة أراض خاصة مملوكة للفلسطينيين لغرض الاستيطان، ويمنع المحاكم “الإسرائيلية” من اتخاذ أي قرارات بتفكيك تلك المستوطنات، ويعتمد مبدأ التعويض بالمال أو الأراضي.
وكان أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد أعرب في بيان صحفي له في وقت سابق، عن أسفه الشديد لاعتماد قانون يشرع الاستيطان من قبل الكنيست، وذلك لأنه مخالف للقانون الدولي وستكون له عواقب قانونية بعيدة على “إسرائيل”.
وقال عميد كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة الأردنية د. عبدالله نقرش: نحن لا نستطيع من حيث المبدأ أن نناقش هذا القانون، طالما نحن لا نعترف بالاحتلال، فكل ما يترتب على الفاسد فهو فاسد، وبالتالي فإن ما يصدر عن سلطات الاحتلال هو غير شرعي حكماً.
وأشار إلى أن صدور القانون هو حالة اعتداء إضافية لحالات الاعتداء السابقة، ومن وجهة النظر السياسية يقصد به تصغير المساحة التي يمكن للسلطة الوطنية الفلسطينية التفاوض بشأنها، وهذه إستراتيجية متبعة حتى الآن.
وأضاف أن هذه الإستراتيجية لم تأخذ بعين الاعتبار اتفاقيات السلام السابقة أو أي قرارات دولية تتعلق بالاحتلال وما ترتب عليه، كما أن استغلال هذا القانون ونتائجه في المفاوضات، إذا كان هنالك مفاوضات، بين السلطة و”إسرائيل” يعتبر ورقة إضافية لـ”الإسرائيليين” تريد أن تقنع المجتمع الدولي بأن لديها حقاً ونوعاً من الشرعية في التنازل عنه، فيما لو وجدت تنازلاً في أحسن الأحوال، بمعنى تحاول “إسرائيل” أن ترتب نتائج وهمية وخلق أوراق وهمية في جوهرها فاسدة للحصول على تنازلات من السلطة الوطنية الفلسطينية.
وأشار إلى أن هذه لعبة تقليدية “إسرائيلية” وهو ما ينبغي أن يتنبه إليه العرب والفلسطينيون، بحيث يرفضون جملة واحدة كل ما ترتب على الاحتلال سواء عبر قوانين تسنها “إسرائيل” لنفسها أو من خلال إيجاد واقع جديد على العرب، موضحاً أن عملية الاستيطان برمتها مرفوضة بالمطلق ولأي سبب كان لأنها تتم على أرض جرى احتلالها بالعدوان بصورة غير شرعية على الإطلاق، وهذا ما تؤكده القرارات السياسية العربية والسياسات الدولية.
وأوضح أنه بطبيعة الحال تريد “إسرائيل” استغلال الظروف الحالية في المنطقة وأن تراكم مجموعة الحقائق الواقعة، لتستثمرها في أي مفاوضات محتملة وهذا من شأنه أن يكون إعلاناً صريحاً من قبل “إسرائيل” ترفض به حل الدولتين، بل أكثر من ذلك ترفض به أي كينونة سياسية قانونية للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، كما تشكل حالة اعتداء على الأملاك الخاصة للمواطنين والتي يضمنها القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان.
وقال الرئيس السابق لجمعية يوم القدس د. صبحي غوشه: إن “إسرائيل” تستملك بقانون وغير قانون، وقانونهم هذا يأتي لتغطية الجرائم التي قاموا بها قبل فترة وليس بموجب قانون، مبيناً أن كل الاستملاكات قوننوها بواسطة التشريع.
وبين أن هذا التشريع تعارضه محكمة العدل “الإسرائيلية”، فبحسب شرائعهم قالوا: إن “هذا التشريع غير شرعي”، وبالتالي إذا كان على جزء صغير غير قانوني فهو غير قانوني، وما ينطبق على الجزء ينطبق على الكل، إذ أن قضاتهم اعترفوا بأن هذا القانون غير شرعي، وهذا يعني أن الدولة بشرائعها خارجة عن القانون “الإسرائيلي”، وهذا سيثير ضجة ومشكلات في الداخل، لأن الكثير من الساسة ينتقدون قرارتهم.
وأوضح أن الأمة العربية ساكتة على هذا القانون منذ الاحتلال، وأهملت السلطة هذا الموضوع منذ بدايته، وكان بالإمكان مخالفة القرار وفقاً للاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية أوسلو، فيما أشار الكاتب والباحث الخبير في شؤون الصراع والشرق الأوسط الزميل نواف الزرو إلى أن فلسطين تتعرض لأعظم وأكبر وأخطر حملة تهويدية يعتبرونها هم – بني صهيون – الأهم في إستراتيجيتهم، فهي تستهدف التاريخ والتراث بكل ما يحمله ذلك من مضامين تمس الهوية والسيادة والمستقبل.
وأضاف، وإذا كانت حكومة نتنياهو طالت بإجراءاتها الاستعمارية الاستيطانية الأخيرة مكانة القدس والضفة والسيادة عليهما على نحو خطير، وقبلها مست الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال وأسوار القدس، وصولاً إلى افتتاح كنيس الخراب الذي يعتبرونه بمثابة “الهيكل الصغير”، فإنها لن تتوقف قبل أن تستكمل مخططاتها ومشاريعها التهويدية لحوالي 30 ألف مَعْلم تراثي كما أعلن نتنياهو أمام مؤتمر هرتسليا مطلع فبراير 2010م.