بعد مقاطعة الدول الثلاث لقطر، تغيرت مفاهيم واستحدثت مفاهيم جديدة في علم العلاقات السياسية، واستُبعد من القاموس السياسي مفهوم «غير وارد» و«يستبعد حدوثه».. وغيرهما من المفاهيم التي تستعمل عند الحديث عن العلاقات الأخوية بين الأشقاء!
اليوم، وبعد هذا الزلزال الذي ضرب دول مجلس التعاون، يتوقع المراقبون أن تكون له ارتدادات عنيفة على المنطقة، خصوصاً بعد أن بذل أمير الإنسانية جهده في رأب الصدع، لكنه ووجه بجدار أسمنتي من الإصرار على الموقف من الدول الثلاث؛ مما جعل الطرف الآخر يتبنى موقفاً متصلباً في المقابل، والنتيجة أن الزيارات المكوكية للشيخ صباح الأحمد لم تؤت ثمارها كما أظن!
الآن من المتوقع أن تبحث قطر عن حليف يساعدها في ضمان أمنها واستقرارها، وهذا وضع ما كنا نتمناه، خصوصاً أنها تعيش حالة من «الحصار».
من انعكاسات أو ارتدادات هذا الإعصار التسونامي وجود حالة من التحامل في نفوس شعوب الدول المعنية ضد أشقائهم – وإن صح التعبير من كانوا أشقاءهم – من الدول الأخرى! وهذا مؤشر خطير في مستقبل مجلس التعاون، إن كنا ما زلنا نأمل في وجود مستقبل لهذا المجلس، الذي يتهاوى أمام أعيننا، ومنها أن هذه الأزمة قد تساهم في فرض واقع من التقييد للحريات العامة، وبالأخص حرية الكلمة، ومع أني لم أسمع رأياً رسمياً يؤيد ما أشيع من صدور قرارات تهدد التعاطف مع الطرف الآخر من الأزمة، فإن صدور قائمة من أربع دول بعدد من الأفراد والمؤسسات يوحي بشعور مشابه لذلك، خصوصاً أن الكويتيين المدرجين بالقائمة لا دليل على مشاركتهم في أنشطة إرهابية، وأحدهم لم يؤثر عنه إلا استعماله لقلمه في التعبير عن آرائه، لكنها الحرب على الإرهاب وهي التي لا تعطي مجالاً للتروي والحذر والتدقيق في المعلومات والشبهات!
ختاماً وأخطر هذه الارتدادات لهذه الأزمة انعدام الثقة عند المواطن الخليجي بمنظومة مجلس التعاون، وسنشاهد قريباً شعار «نفسي نفسي» يسيطر علينا في تحركاتنا ومخططاتنا، حيث سينتهي الأمل في رؤية العملة الموحدة والقطار الخليجي وإزالة الحدود، وستتجه كل دولة خليجية إلى البحث عن بدائل من دول الجوار وما أدراك ما الجوار (!!) لتعويض فقدان الأخ والصديق والشقيق!
أتمنى أن «يحدث الله بعد ذلك أمراً» وتصبح كل تخوفاتي أوهاماً ونعود ننشد من جديد «خليجنا واحد».
(*) ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.