أصبحت ظاهرة الاستدعاء عن طريق الهاتف الخلوي للمحررين لمقابلة ضباط المخابرات “الإسرائيلية” من الوسائل الدارجة، حيث يقوم ضابط المخابرات بالاتصال مباشرة بالأسير المحرر بدون ظهور الرقم، وفي بعض الأحيان يظهر رقم الاتصال.
المحررون الذين يتم استدعاؤهم من خلال الهاتف الخلوي تتفاوت استجابتهم لهذه الطريقة، فمنهم من يستجيب تجنباً لاقتحام جيش الاحتلال للمنزل وترويع العائلة، ومنهم من يرفض الاستجابة أو التعاطي لمثل هذه الاتصالات وتكون منازلهم مهددة بالاقتحام والترويع من أجل تسليم المحرر بلاغاً أمنياً للمقابلة، ويرافق ذلك مظاهر انتقامية لعدم الاستجابة للاتصال الهاتفي.
المحرر محسن شريم يروي لـ”المجتمع” ما جرى معه قبل أيام مع ضابط المخابرات منطقة قلقيلية، ورفضه الاستجابة للاتصال الهاتفي واقتحام منزله بعد ساعات من الاتصال من قبل ضابط المخابرات.
يقول المحرر محسن شريم (54 عاماً): قبل ثلاثة أيام تلقيت اتصالاً من هاتف خلوي يحمل رقماً من شركة “سيلكوم الإسرائيلية”، وعند فتح الخط عرف نفسه بأنه ضابط مخابرات المنطقة، ولكي يثبت أنه ضابط مخابرات أخذ يسرد عدة حوادث منها تاريخ والدتي واسمها الكامل، وأنه شارك في اعتقالي قبل عام ونصف عام من منزلي، وغيرها من القضايا الشخصية، وبعدها طلب مني الحضور إلى منطقة المعبر الشمالي، وكان ردي عدم الاستجابة ودار جدال ساخن بيني وبينه وصل إلى حد الشتم والسب، وهددني باقتحام المنزل بعد إنهاء المكالمة التي استمرت قرابة النصف ساعة، وكان معظمها جدالاً ساخناً بيني وبينه.
ويضيف المحرر شريم: لم تمضِ عدة ساعات عن وقت المكالمة الهاتفية، فإذا بدوريات جيش الاحتلال ومعهم ضابط المخابرات الذي اتصل بي يحاصرون منزلي في حي كفر سابا شرق المدينة، ويمارسون وحشيتهم المعهودة في كل اقتحام من ترويع للأهل وتخريب للممتلكات، فتصرفاتهم لا تشير أنهم جيش يتبع لدولة بل لعصابة تحترف الإرهاب والتخويف.
وتابع قائلاً: تم تسليمي البلاغ الأمني من قبل ضابط المخابرات وكان الموعد صباحاً من ذات اليوم، وعندما توجهت للمعبر كانت الإجراءات والتفتيش قبل الدخول لغرفة ضابط المخابرات التي كانت نبرته تهديدية وفيها التلويح بالاعتقال الإداري، وخلال النقاش كان الهدف إذلال كل أسير محرر من خلال الذهاب إلى المعابر الأمنية والخضوع إلى إجراءات أمنية تذكره بالأسر وعذاباته.
أما المحرر لؤي داود الذي أمضى أكثر من 11 شهراً فقال لـ”المجتمع”: قبل أكثر من أسبوعين اقتحموا المنزل، كزيارة ميدانية وحاول ضابط المخابرات التذكير بالاعتقال إذا كانت هناك أدلة على نشاطي، وسبق عملية الاقتحام عدة مكالمات هاتفية من قبل ضابط المخابرات، وهذه الاتصالات تحمل في طياتها جعل الأسير المحرر في حالة إرباك وترقب من اعتقال جديد.
ليس له سند قانوني
المحامي وسام إغبارية من أم الفحم في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48 أكد لـ”المجتمع” أن الاستدعاء الأمني عن طريق الهاتف ليس له أي أصل قانوني ولا يعاقب القانون من يرفض الاستجابة لطلب الاستدعاء عن طريق الهاتف الخلوي، إلا أن الكثير من المحررين يفضل الاستجابة عن طريق الاتصال لتجنيب عائلته ضرر الاقتحام لجيش الاحتلال للمنزل وترويع العائلة مقابل تسليمه ورقة استدعاء أمني، تطلب من الشخص الحضور للمقابلة، ويكون الاستدعاء مروّس بشعار شرطة الاحتلال حتى يكون الاستدعاء من منظور القضاء العسكري قانونياً.
وأشار إغبارية إلى أن جهاز المخابرات يلاحق المحررين باستمرار من خلال الاستدعاءات الأمنية والتحقيق الميداني في المنازل، أو الاعتقال لعدة ساعات بعد استجوابهم داخل مراكز التوقيف أو في المستوطنات القريبة من أماكن سكنهم.