” صمويل هنتنجتون” في كتابه “صدام الحضارات” يقول: “الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضع شك”.
قال ذلك تعليقاً على قول المستشرق برنارد لويس: “لمدة ما يقرب من ألف سنة، منذ أول رسو للمسلمين في إسبانيا وحتى الحصار التركي الثاني لفيينا، كانت أوروبا تحت تهديد مستمر من الإسلام”.
هناك مدارس فكرية ومراكز بحوث في الغرب ترى أن عودة الإسلام كحضارة وثقافة هو تهديد وجودي للغرب.
ولذلك وضعوا خططاً وإستراتيجيات لمواجهة أي نهضة محتملة ولضمان بقاء علاقة تبعية العالم الإسلامي للغرب كما هي.
والمتابع لتلك الخطة يستطيع أن يقرأها كما يقرأ “كتالوج” يحدد كيفية التعامل مع الحالات المختلفة لمحاولة النهوض.
فأمام احتمال التغيير السلمي، ووصول الأحزاب ذات توجه إسلامي أو حتى وطني عبر صناديق الاقتراع، فالكتالوج يوضح طريقة التعامل مع الحالة:
إما بعدم إتاحة الفرصة لهم بانقلاب على نتائج الانتخابات والعودة بهم للمربع صفر وجرهم إلى طريق العنف.
وإما تركهم يتولون السلطة مؤقتاً ثم وضع العراقيل أمامهم لإثبات فشلهم في إدارة البلاد حتى لو أدى ذلك إلى العودة للانقلابات العسكرية أو حتى فرض الحصار.
أما إذا ضاقت بالشعوب سبل التغيير السلمي ولجأت إلى المقاومة المسلحة ضد أنظمتها الدكتاتورية فالكتالوج يَعتَبِر تلك الحالة فرصة ذهبية لتدخله العسكري المباشر، وتجريب أسلحته في لحومنا ودمائنا، والأخطر من ذلك ركوب موجة المقاومة المسلحة بجماعات تَدَّعي الجهاد في سبيل الله ويتم تزويدها بالمال والعتاد والمرتزقة، وتزويدها بأكثر الأفكار تطرفاً كي تقوم متطوعة بتقديم أكثر الصور تشويهاً للإسلام.
وأول ظهور لهذا البند في الكتالوج تم تطبيقه في أفغانستان، بنموذج “القاعدة” ثم “طالبان”، ثم ظهور النسخة الجديدة باسم “داعش”، وستتوالى الأسماء والشكل واحد بحسب ما حدده الكتالوج مسبقاً.
للوصول لهدف تشويه صورة الإسلام ذاته على مستوى العالم، وحتى تخلق صورة ذهنية عند الشعوب الإسلامية عن الإسلام ذاته تعوق إمكان تقديمه كنموذج لعشرات السنين القادمة.
بالطبع هذا الكتالوج ليس قَدَراً هابطاً من السماء، ولكنه سيظل فعّالاً ما دمنا لم نعِه جيداً، ولم نوعِّ به شعوبنا، وما دام عالمنا الإسلامي أسيراً لحكم الفرد، ومتفرقاً ومتناحراً أمام كتلة موحدة من الغرب وأمريكا.