أجرى الحوار: هاني صلاح
قالت الداعية رباب مهدي رشيد، خلال حوار مع «المجتمع»: إن دورات السيرة النبوية السنوية التي تلقيها بالمراكز الإسلامية في ولاية شيكاغو الأمريكية تعد أول مشروع تعليمي إسلامي ممنهج أقدمه لمسلمات شيكاغو، وقد ركزت على السيرة النبوية كونها دعوة عظيمة لمنهج حياة كامل يرتقي بالإنسان والأسرة والمجتمع معاً.
رباب مهدي رشيد.. في سطور:
رباب مهدي رشيد، سورية الأصل، أمريكية الجنسية، خريجة دراسات إسلامية، باحثة ماجستير فقه، مجازة بعدة روايات في القرآن الكريم، داعية بأمريكا منذ 8 سنوات، ومحاضرة بعدة مراكز إسلامية في شيكاغو، وغيرها.
في بداية حوارنا، نود نبذة تعريفية عن مشروعكم في تدريس السيرة النبوية لمسلمات أمريكا.
– تعليم سيرة الحبيب المصطفى هو أول مشروع ممنهج أُقدمه للجالية المسلمة بمسجد مكة في شيكاغو، بدأ المشروع عام 2011م على شكل درس أسبوعي مفتوح.
وتطور المشروع في عام 2012م، حيث قُدمت سيرة المصطفى كدورة أكاديمية للأخوات ضمن منهاج مدروس لمدة عام دراسي كامل يشرح كل تفاصيل السيرة النبوية من زمن سيدنا إبراهيم والقبائل العربية التي كانت بشبه الجزيرة العربية، وكيف دخلت الأديان لها، مروراً بكل تفاصيل مولد الحبيب ونشأته ونسبه وأصحابه وزوجاتها وكل صغيرة وكبيرة في سيرته العطرة.
وكمحاضرة لهذه المادة، فإنني أعتمد على 25 مرجعاً، كمصادر للمادة، ونعتمد على الخرائط وبعض الفيديوهات لشرح المادة بشكل واضح، كما أن الأخوات يخضعن لعدد من الامتحانات لهذه المادة ولجديتها.
لماذا ركزتم فقط على السيرة النبوية دون غيرها من العلوم الإسلامية؟
– ركزنا على السيرة النبوية كونها دعوة عظيمة لمنهج حياة كامل يرتقي بالإنسان والأسرة والمجتمع معاً، وهو يناسب كافة الأعمار وسواء للمسلم ولغيره، دعوة لبناء مجتمع راقٍ في وسط الهمجية التي يعيشها العالم، دعوة لكل خُلق رفيع ودعوة لدعوة التوحيد التي أُمرنا أن نُبلغه.
كما أن سيرة الحبيب المصطفى دعوة لكل العلوم الدينية الأخرى، للقران وللسُّنة وللحديث وللفقه ولكل ما يتعلق بالدين، ومن يحب محمد ويحب هديه لا بدّ أن يحب كل ما جاء به من أحكام وعبادات وأخلاق.
وسيرة الحبيب دعوة للرد على كل مستشرق أو جاهل أو طاعن لهذا الدين، لا يقف عن بث أحقاده للدين أو للرسول أو حتى للمسلمين.
وعلى هامش دورات السيرة، لديَّ مادة التجويد أقدمها أسبوعياً ولا أستطيع أن أستغني عنها كونها متعلقة بالقرآن الكريم.
نود إطلالة سريعة على منهج السيرة الذي تقومون بتدريسه.
– نحن ندرس تفاصيل مراحل الحبيب المصطفى؛ فنقدم محمد الفتى.. الغلام.. الشاب.. الزوج، مع التطرق لزوجاته، فنتحدث عن الزوجة ودورها في منهاج هذه الحياة، نتحدث عن محمد الابن البار، والأخ الرؤوف، ومحمد الأب، والصديق، والمعلم، والقائد، وكذلك محمد العدو بعيون أعدائه، كل هذا من شخص واحد نتمثل كل صفاته وأخلاقه في منهجية عالية، في مجتمعنا المعاصر في أمريكا أو في أي بقعة نحن بحاجة ماسة لاقتداء بهكذا شخصية عظيمة كسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فهو منبع الصلاح والرقي.
ما الشريحة المستهدفة لمشروعكم؟
– الشريحة المستهدفة للآن هن الأخوات، وهناك دراسة لتقديمها للشباب والشابات ولكن بصورة وقفات مع الحبيب المصطفى لا بصورة دورة كاملة لعام دراسي، وذلك لارتباطهم بالجامعات وأعبائها.
كما طُلب مني على استحياء أن أقدمها للرجال والنساء معاً، ولكن لم يُرتب بعد لهذا المشروع؛ فالأخوات أشد التزاماً من الرجال في مشروع كهذا، كونه مشروعاً لعام دراسي كامل، بلقاء أسبوعي لمدة ساعتين ونصف ساعة في كل مرة، فالرجال لا يتحملون، كما أن هناك إقبالاً كبيراً من الأخوات وطلبات كثيرة من المراكز الإسلامية لتقديم هذه الدورة.
بلغة الأرقام، ما أبرز إنجازات مشروعكم حتى اليوم؟
– بلغة الأرقام، في بداية المشروع بدأنا الدورة بـ6 أخوات، والآن الدورة تصل من 30 – 50 أختاً، وكنت أقدم دورة واحدة في السنة بمركز واحد، واليوم أقدم أربع دورات أسبوعية بمراكز مختلفة لـ3 أيام، ولو لم أكن مرتبطة بتقديم مواد أخرى لكانت 5 دورات أسبوعية أو أكثر.
ونظراً لشدة الإقبال على هذه الدورات بمركز أكاديمية أورلاند؛ فقد تم الاتفاق على تقديم السيرة مرتين بيوم واحد (دوام صباحي، وآخر مسائي).
كما قُدمت هذه الدورة بشكل مكثف جداً العام الماضي بأحد المراكز بشهر واحد، وكان الإقبال عليها طيباً جداً ضمن برنامج ممنهج مع عدد من المواد الأخرى لهذا المركز.
ماذا عن التطوير المستقبلي لمشروعكم؟
– الأخوات اللواتي تخرجن من هذه الدورات ما زلنّ على استمرارية بحضور ما بعد السيرة النبوية من الشمائل والخلفاء الراشدين، وبناء عليه فقد تم تنظيم احتفالية سنوية لكافة الأخوات المنتظمات وغيرهن لحضور فعالية لنشر وتوعية لأهمية السيرة في حياتنا.
والتطوير مستمر لمنهج هذه الدورات لمن أنهى السيرة النبوية؛ فقد قدمنا دورة “الشمائل المحمدية” (للترمذي)، ثم تابعنا المسيرة التاريخية بعد رسول الله مع سيرة الخلفاء الراشدين.
كما أن هناك توسعاً مستمراً في تنظيمها بالمراكز الإسلامية؛ فقد بدأنا انطلاقة جديدة لهذه الدورة في معهد ماس منذ العام الماضي، وما زلنا مستمرين فيها، وفي هذا العام انطلقت هذه الدورة لمركز آخر، ولو كان للأسبوع عشرة أيام لامتلأت بهذه الدروات في المراكز الباقية؛ نظراً لإقبال الأخوات عليها بشكل كبير ومتحمس لفقدهن هذه العلوم التفصيلية الممنهجة الهادفة للارتقاء الأسري والإنساني والأخلاقي والديني ولرفع شأن المجتمع.
ومن الأفكار التطويرية لهذا المشروع ومن باب التطبيق العملي ندرس حالياً تنظيم عُمرة في المستقبل القريب لطالبات السيرة إلى الأراضي المقدسة لشرح بعض من مواقف السيرة على أرض الواقع.
هل من رسالة أخيرة للجهات المهتمة بهذا المشروع؟
– رسالتي الأخيرة: أتمنى أن يتم التواصل بين العاملين في مجال السيرة النبوية على المستوى الدولي بهدف تبادل الخبرات، على سبيل المثال؛ هناك مشروع رائع في السعودية تحت اسم “معرض للرسول” بكل ما يتعلق بالحبيب المصطفى، فليت مثل هذا المشروع بين أيدينا لشرح أوضح للسيرة وبكل ما يتعلق به صلى الله عليه وسلم.