أصدرت المحاكم المصرية المدنية والعسكرية خلال 5 سنوات في الفترة الفاصلة بين (يوليو 2013 – ديسمبر 2018 م) المئات من أحكام الإعدام على المتهمين في القضايا الجنائية والسياسية ليصل عدد الأحكام الصادرة إلي 2532 حكم قضائي علي الأقل، كما استمرت السلطات المصرية في تنفيذ أحكام الإعدام ليصل عدد المنفذ فيهم أحكام الإعدام في هذه القضايا منذ 2013 وحتى نهاية 2018م إلى 165 شخص على الأقل.
جاء ذلك في تقرير حقوقي مشترك للجبهة المصرية لحقوق الأنسان وكوميتي فور چستس والمؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية “نضال”حمل عنوان” الإعدام في مصر” مساء الأثنين 11 فبراير، ووصل “المجتمع”.
وطالبت المنظمات الثلاثة السلطات المصرية بالتوقف عن تنفيذ المزيد من أحكام الإعدام دون قيد أو شرط وتعليق العمل بهذه العقوبة، لحين فتح حوار مجتمعي واسع حول تلك العقوبة وفق التزامات مصر الدولية.
وتنص التشريعات المصرية بحسب التقرير على ما لا يقل عن 78 نصًا قانونياً يجيز استخدام عقوبة الإعدام كجزاء لـ 104 جريمة على الرغم من أن العالم يتجه نحو إنهاء عقوبة الإعدام. وفي الحالات التي ما زالت تفرض بها العقوبة هناك توجه كبير نحو وقف التنفيذ، فهناك أكثر من 160 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهي دول ذات نظم قانونية وتقاليد وثقافات وخلفيات دينية مختلفة، ألغت عقوبة الإعدام أو أوقفت العمل بها اختيارياً إما في القانون أو في الممارسة العملية أو علقت تنفيذها لأكثر من عشر سنوات.. ومع ذلك، ما زال السجناء في عدد من البلدان منها مصر يواجهون الإعدام.
ورصدت المنظمات الثلاثة استخدام القضاء المصري عقوبة الإعدام بشكل تعسفي عقب عزل الجيش المصري للدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر بالثالث من يوليو2013م، حيث ضربت مصر موجة من أعمال العنف استهدفت في جزء كبير منها قوات الأمن وذلك بعد قيام الجيش والشرطة بإستخدام القوة المفرطة من فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة مما أسفر عن مقتل ما يقارب الـ 1000 مواطن طبقاً لإحصائيات حقوقية دولية.
وأوضح التقرير أنه يسعي لتسليط الضوء على أحد أبرز الانتهاكات التي عصفت بحقوق الإنسان في مصر في السنوات الحرجة الأخيرة، خاصة عقب تولي مصر منصب رئاسة الاتحاد الأفريقي وما عليها من مسؤولية إقليمية في دعم الأليات الحقوقية الإقليمية والدولية، والتي سبق وأدانت استخدام السلطات المصرية التعسفي لأحكام الإعدام وأوصت بوقف تنفيذها في عدد من القضايا.
وطالبت المنظمات الثلاثة بالتزام مصر بتعهداتها الدولية والإقليمية بحماية حقوق الإنسان، والتجاوب فوراً ودون أي قيد أو شرط مع كافة التوصيات من قبل المجتمع الدولي تجاه وقف تنفيذ عقوبة الإعدام.
ودعت المنظمات كذلك إلى وقف فوري لتنفيذ أحكام الإعدام، خاصة في القضايا العسكرية حيث لا مجال لضمانات المحاكمة دوائر الإرهاب الاستثنائية والمسيسة وخاصة تلك التي صدر فيها أحكام منذ يوليو 2013م، وكذلك الدوائر الجنائية.
وأكدت المنظمات أهمية تقديم الحكومة المصرية مقترحات لتعديل كافة القوانين التي تنص على عقوبة الإعدام، وخاصة القرار رقم 136 لسنة 2014م، وتعديلات قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية، والتي انتقصت من حقوق المتهمين في محاكمة عادلة مع فتح السلطات القضائية المصرية تحقيقات مستقلة مع السلطات المسئولة عن الانتهاكات التي تعرض لها المتهمين خلال مسار التقاضي.
وشددت على أهمية احترام الحق في النظر المنصف للقضايا والذي يشمل جميع الإجراءات والضمانات الخاصة بالمحاكمة العادلة المحددة وفقاً المعايير الدولية والإفريقية واحترام وحماية حق أي فرد في الحصول على المعلومات المتصلة بالأحكام الصادرة بالإعدام وما يتصل بها من معلومات ووثائق، وأن تعي أهمية توافر المعلومات المتعلقة بعقوبة الإعدام لعامة الجمهور، وأن تلتزم مصر بعدم ممارسة عقوبة الإعدام سرا، كون السرية فيما يتعلق بالأشخاص الذين يتم إعدامهم تشكل انتهاكا لمعايير حقوق الإنسان.
وقال أحمد مفرح المدير التنفيذي لكوميتي فور چستس: ” إن السلطات المصرية قامت بتنفيذ أحكام الإعدام في عدد من القضايا التي لم تنتهج سبل الانصاف فيها بالمخالفة لمعايير القانون الدولي والتزامات مصر الدولية والإقليمية، كما حدث في القضية المعروفة بإستاد كفر الشيخ حيث تم تنفيذ عقوبة الإعدام بحق خمسة متهمين على الرغم من ثبوت أدلة تدلل علي براءتهم وتغاضت عنها المحكمة العسكرية وتم تنفيذ الإعدام.. وكذلك قضية “مقتل الحارس” حيث اختفي المتهمين قسرياً وتم إجبارهم على الاعتراف تحت التعذيب، وغيرها من القضايا التي ظهر فيها غياب ضمانات المحاكمة العادلة وفقدان حقوق المتهم وعدم تطبيق القانون”.
وأوضح محمد صبحي المدير التنفيذي للمؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية- نضال- أن مصر في مقدمة دول العالم في تشريع وتطبيق عقوبة الإعدام خلال الأعوام القليلة الماضية بالمخالفة للسياق الدولي الذي يعمل على تجفيف الطرق التي تؤدي إلي تطبيق أو تنفيذ تلك العقوبة”.
ودعا كريم طه مدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أن يستخدم سلطاته الدستورية للعفو أو لتخفيف الأحكام بالإعدام، وأن يراجع مجلس النواب الحالي عشرات القوانين المتعلقة بعقوبة الإعدام في القوانين المصرية.