عادت الحياة لمبنى باب الرحمة المغلق منذ عام 2003م بقرار من شرطة الاحتلال بعد فتحه من قبل المصلين في السادس عشر من فبراير الماضي.
“المجتمع” التقت العديد من الوافدين داخل مبنى الرحمة لنقل مشاعرهم في الجمعة الرمضانية الأولى، حيث لم يكن هناك متسع للصلاة فيه لوجود أعداد كبيرة بداخله وهم يتفقدون المكان ويسألون عن التسمية والتاريخ والأخطار التي تحدق بالمكان.
لأول مرة في حياتي
الشيخ رمضان شتات إمام مسجد من بلدة بديا قضاء سلفيت لم يتوقف عن النظر إلى كل زاوية والتجول ببطء داخل مساحة المبنى ويقول: أنا لأول مرة في حياتي أعلم بوجود مبنى بهذا الجمال في المسجد الأقصى، فعندما كنا نأتي للمسجد الأقصى لم نكن نعلم أن هذا المبنى يغلقه الاحتلال ويحرمنا من دخوله.
ويضيف: فالتعتيم على المكان وتغييبه كان مقصوداً، وقد أخبرنا عدد من المقدسيين الذين تطوعوا بالشرح عن تاريخ المكان وأن الاحتلال كان يهدف إلى تحويله إلى كنيس ويتم الدخول إليه من مقبرة الرحمة من خلال باب الرحمة المغلق، وأن يكون هذا الكنيس بداية إقامة الهيكل المزعوم.
ويضيف شتات ومعه العديد من أبناء بلدة بديا: بعد سماعنا عن الأخطار المحدقة بالمكان سوف أبقى بداخله حتى انتهاء صلاة التراويح، فإعمار هذا المكان يجب أن يكون من أولويات كل وافد للمسجد الأقصى.
رهبة المكان
ويقول د. علي سمان، من قلقيلية: عندما توجهت لمبنى باب الرحمة بعد إرشاد صديق لي بضرورة زيارته، أصابتني رهبة قوية منذ بداية النزول عبر الدرجات والوصول إلى الساحة الأمامية، ثم الدخول من أحد أبوابه والصلاة فيه، فهذا المكان يشبه المسجد القبلي، وروعة البناء تضفي جمالية كانت مفقودة بسبب الإغلاق المتعمد.
ويضيف: الكل داخل المبنى يشعر بسعادة لا توصف، وقد تم فرشه بمصليات أحضرت بعد منع الاحتلال إدخال السجاد له، كما أن بصمات الاحتلال ما زالت بادية عليه من خلال منع الترميم وخصوصاً شبكة الكهرباء التي ظهرت بشكل بدائي، ومع ذلك هناك إصرار على أن يكون معموراً بالمصلين من كل أنحاء فلسطين.
قصدت باب الرحمة
تقول الوافدة سلام حنون (أم أحمد) من بلدة بيتونيا: منذ نيتي القدوم إلى المسجد الأقصى وبداخلي رغبة شديدة بالتوجه لمبنى باب الرحمة، فقد سمعت عنه في الأخبار، واليوم في الجمعة الرمضانية الأولى أكرمني ربي بالصلاة فيه مع مجموعة من النساء، وسمعت من إحدى المتطوعات وهي تشرح عن تاريخ المكان وأهميته، وكيف يسعى الاحتلال إلى سلخه عن المسجد الأقصى.
أهمية خاصة
ويقول المحرر المهندس نسيم الشنطي (62 عاماً)، من مدينة قلقيلية: هذا المكان له أهمية خاصة، فعندما كنا نأتي في السابق إلى هنا نجد كآبة في المكان المهجور، وعند استفسارنا كان الحراس يخبروننا بأن الاحتلال يغلقه ويمنع فتحه، واليوم اختلفت الصورة، فالحياة دبت في كل أروقته، والكل يشعر بنصر وبهجة وسرور، وأستطيع وصف الشعور بمن كان يبحث عن ابنه المفقود ووجده بعد غياب طويل!
فتى عالم بالمكان
الفتى عروة حمد (15 عاماً)، من قرى محافظة الخليل، يصلي داخل مبنى باب الرحمة بخشوع وبعد انتهاء الصلاة كان السؤال له، هل تعرف أين أنت؟ فرد بشغف مستنكراً السؤال: نعم في باب مبنى الرحمة، والاحتلال يريد أن يسيطر عليه، وبناء كنيس، وعند سؤاله عن هذه المعلومات قال: قبل أن أحضر دخلت على شبكة الإنترنت وكتبت على “جوجل” اسم المكان، وعلمت تفاصيله وكل المؤامرات حوله، وكيف يخطط الاحتلال مع المستوطنين لتحويله إلى كنيس، وأنا غاية في السعادة من وجودي هنا في أول جمعة رمضانية.
إحياء العشر الأواخر
ويقول الشاب هاشم عفانة: في شهر رمضان المبارك اتفقت مع أصدقائي إحياء العشر الأواخر داخل المبنى طوال الليل، فالمكان مستهدف وإعماره فرض وقت علينا جميعاً، وهي رسالة للاحتلال أن مساحة المسجد الأقصى الـ144 دونماً ليست ساحات عامة وحدائق كما تطلق عليها سلطات الاحتلال، وكل متر في الـ144 دونماً مسجد يجب الصلاة فيه.