بينما تخوض أغلب دول العالم معارك طبية في مواجهة “كورونا المستجد” (كوفيد 19)، تدور بين عدد من الدول معارك سياسية تستمد زخمها من الفيروس القاتل، وتمثل حلقة في صراع مستمر بين تلك الدول.
ومساء الأربعاء، صنفت منظمة الصحة العالمية كورونا “جائحة”، وهو مصطلح علمي أكثر شدة واتساعا من “الوباء العالمي”، ويرمز إلى الانتشار الدولي للفيروس وعدم انحصاره في دولة واحدة.
وذكرت أن الفيروس أصاب 118 ألفا في 115 دولة (آخرها كوبا)، وتسبب في وفاة 4219 آخرين، لافتة إلى عدم تسجيل 80 دولة أي إصابات بالفيروس.
السعودية وإيران
إحدى معارك “كورونا” تدور بين إيران والسعودية، وهما يخوضان، منذ سنوات، صراعًا إقليميًا على النفوذ في دول عربية عديدة، منها اليمن، لبنان والعراق، وفق مراقبين.
وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية، الأربعاء، ارتفاع وفيات الفيروس في إيران إلى 354، إضافة إلى تسعة آلاف إصابة.
ونفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، صحة حديث السعودية حول عدم ختم وثائق سفر المواطنين السعوديين العائدين من إيران إلى المملكة.
واعتبرت الرياض، التي سجلت 21 إصابة حتى الأربعاء، أن هذا التصرف من جانب طهران “دليل على مسؤولية إيران عن زيادة تفشي الفيروس عالميًا”.
وقال موسوى إن “هذا الموضوع لا علاقة له بمواطنين معينين أو بموضوع كورونا، ونوصي السعودية بالامتناع عن تسييس مرض كورونا وإشاعة أخبار غير صحيحة”.
كما تستخدم المعارضة الإيرانية في الخارج “سلاح كورونا” في صراعها ضد النظام الحاكم.
واتهمت أمانة “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، الأربعاء، النظام بالتأخر في إعلان حالة الطوارئ في محافظة “البرز” (شمال)، ما رفع عدد الوفيات إلى 120.
اتهامات لـ”حزب الله”
منذ أن سجل لبنان، في 22 فبراير/ شباط الماضي، أول إصابة، وهي لسيدة قادمة من إيران، تتصاعد اتهامات لجماعة “حزب الله” اللبنانية، الموالية لطهران، بـ”تسييس كورونا” لصالح كل من إيران وسوريا، عبر الضغط على الحكومة اللبنانية.
واستمر لبنان في استقبال رحلات جوية من دول انتشر فيها الفيروس، مثل إيران وإيطاليا، إضافة إلى دخول حافلات من سوريا، رغم إعلان وزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية وقف النقل جوًا وبرًا وبحرًا للقادمين من دول تشهد تفشيًا للفيروس.
وقال لقمان سليم، كاتب ومحلل سياسي لبناني، للأناضول قبل أيام، إن “تسييس كورونا دفاعًا عن صورة إيران هو ذنب إضافي يسجله حزب الله على نفسه لا مباليًا لا بناسه ولا باللبنانيين عامة”.
بينما قال فيصل عبد الساتر، صحفي مقرب من “حزب الله”، للأناضول، إن “الحزب لم يضغط على الحكومة لعدم توقيف حركة الملاحة مع إيران أو لعدم إقفال الحدود البرية مع سوريا”.
وأضاف عبد الساتر: “لا منطق لما يُشاع في هذا الصدد، ويمكن وضعه ضمن خانة خلق الإثارات ليس إلا، لاسيما وأنّ هناك حكومة تتخذ الإجراءات التي تراها مناسبة”.
روسيا والولايات المتحدة
نفت موسكو، في 23 فبراير/ شباط الماضي، صحة أنباء، على وسائل التواصل الاجتماعي، عن تفشي الفيروس في روسيا.
فيما قال مسؤولون أمريكيون إن حسابات مرتبطة بروسيا على مواقع التواصل اختلقت مزاعم لا أساس لها من الصحة بأن واشنطن نشرت الفيروس.
وهو ما نفته المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بقولها: “هذه قصة كاذبة ومتعمدة”.
إسرائيل وفنزويلا
قبل يومين، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، كافة الأحزاب إلى تحمل المسؤولية في ظل تفشي الفيروس، والدخول في ائتلاف حكومي معه، لتجنب التوجه إلى انتخابات رابعة مبكرة.
وهو ما رأى فيه منتقدون “تسييس” من نتنياهو للفيروس، في محاولة للضغط على الأحزاب لتشكيل حكومة طال انتظارها، في ظل أزمة سياسية تعصف بإسرائيل منذ نحو عام، جراء العجز عن حشد أغلبية تمكن من تشكيل حكومة.
فيما دعا الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، الأربعاء، المعارضين إلى التوقف عن تسييس الوضع بشأن الفيروس، قائلًا: “لا تسيسوا موضوعًا حساسًا للبشرية أجمع”.
تحذيرات مصرية سعودية
في مصر، حذرت السلطات من محاكمات قضائية وعقوبات بحق كل من يسعى إلى “تسييس” الفيروس، مع تصاعد شائعات بشأنه.
وأعلن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، الأربعاء، عن تخصيص رقمي هاتف، للإبلاغ عن أية شائعات تتعلق بالفيروس أو غيره، على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع.
وقالت السلطات المصرية إنها ستتخد كافة الإجراءات القانونية، بالتنسيق مع الجهات المعنية، بحق كل من أذاع أخبارًا أو بيانات كاذبة أو شائعات، تتعلق بالفيروس، بهدف تكدير الأمن العام أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
ويتهم معارضون مصريون في الخارج النظام بإخفاء معلومات عن مصابين بالفيروس، بينما قالت الحكومة، في بيانات عديدة، إنه من المستحيل إخفاء معلومات، وإنها تعتمد الشفافية.
ونقلت صحيفة “المصرية اليوم” (خاصة)، الأربعاء، عن مصادر أمنية لم تسمها إن أجهزة الأمن ألقت القبض على ثلاثة أشخاص بشبهة “الترويج لشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، تناولوا خلالها أخبارا مغلوطة عن حالات الإصابة بفيروس كورونا في مصر، على خلاف الحقيقة”.
وفي السعودية، حذرت النيابة العامة، في 3 مارس/آذار الجاري، من المساس بالنظام العام، عبر إشاعة الأخبار مجهولة المصدر، التي تصدر الهلع لدى المجتمع، محذرة من أن ذلك يعرّض للمساءلة العقابية.
وقالت صحيفة “عكاظ” السعودية آنذاك إن تحذير النيابة العامة “تزامن مع لجوء بعض الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي إلى بث الإشاعات والأخبار المغلوطة، وخصوصًا ما يتعلق بالإصابة بفيروس كورونا المستجد”.
وأدى انتشار الفيروس، الذي ظهر لأول مرة في الصين نهاية ديسمبر/ كانون أول الماضي، إلى تعليق العمرة، ورحلات جوية، وتأجيل أو إلغاء فعاليات رياضية وسياسية واقتصادية ودينية حول العالم، وسط جهود متسارعة لاحتوائه، في ظل حالة رعب تسود العالم.