توصلت الجزائر إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي لاستئجار طائرتين لإخماد الحرائق، في وقت اقترب عدد ضحاياها من 69 شخصا، في ظل تأكيدات رسمية بتسبب “أياد إجرامية” في إشعال الحرائق.
ونقل التلفزيون الرسمي عن الوزارة الأولى قولها “سيتم وضع الطائرتين (اللتين كانتا تستخدمان في عملية مكافحة الحرائق المشتعلة باليونان) حيز الاستغلال بدءا من اليوم الخميس بالولايات التي نشبت فيها حرائق الغابات، في إطار تسخير كل الإمكانيات والدعم لإطفاء هذه الحرائق“.
ومن جهة أخرى، كشف عبد القادر عميروش، النائب العام لدى مجلس قضاء تيزي وزو، عن ارتفاع عدد ضحايا الحرائق بالمنطقة إلى 69 منهم 20 عسكريا.
بدوره، قال المتحدث باسم الحماية المدنية النقيب نسيم برناوي لتلفزيون “الشروق” المحلي، صباح اليوم الخميس، إن 69 حريقا لا تزال مشتعلة في 17 ولاية، منها 24 حريقا في تيزي وزو وحدها، وحذّر من أن الرياح التي تهبّ حاليا يمكن أن تزيد انتشار الحرائق.
وأوضحت المديرية العامة للحماية المدنية -في بيان- أنها جندت لإخماد الحرائق في تيزي وزو 800 رجل إطفاء و115 شاحنة إطفاء فضلا عن تدخل مروحيتين من المجموعة الجوية التابعة لها.
واندلعت الحرائق التي تقول السلطات إنها “مفتعلة” في منطقة القبائل شمال شرقي البلاد، ثم اجتاحت كل المناطق الساحلية (شمال وسط، شرق) وصولا إلى ولاية الطارف الحدودية مع تونس التي شهدت بدورها اندلاع بعض الحرائق.
“أياد إجرامية“
وفي السياق، أكد الوزير الأول (رئيس الوزراء) أيمن بن عبد الرحمن اليوم وجود “أدلة علمية قامت بها المصالح المختصة أثبتت أن الحرائق التي اندلعت مؤخرا في العديد من الولايات كانت بفعل فاعل وتحت أياد إجرامية“.
وقال عبد الرحمن خلال زيارته ولاية تيزي وزو الأكثر تضررا “الأولوية القصوى هي الحفاظ على صحة المواطن” مشيرا إلى أن “الهبة التضامنية التي نشهدها هي أهم العناصر المكونة للمجتمع الجزائري“.
وكشف أن الرئيس عبد المجيد تبون خصص ميزانية لتعويض المتضررين من الحرائق، مشيرا إلى أنه “سيتم الشروع اليوم في إحصاء الخسائر وكافة المتضررين“.
تضامن داخلي وخارجي
وتشهد البلاد حملة تضامن واسعة مع الضحايا، فقد فتح مواطنون بيوتهم لاستقبال الهاربين من النيران، وفق رئيس الوزراء الذي أعلن أيضا تسخير كل الفنادق حتى الخاصة منها وكذلك الإقامات الجامعية من أجل إيواء المنكوبين.
ومنذ صباح الثلاثاء، بدأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لتنظيم قوافل لمساعدة سكان قرى تيزي وزو، وجمع مواد غذائية وأدوية وتقديم وسائل نقل المياه والمساعدة بإخماد الحرائق.
وانطلقت من العاصمة شاحنات تنقل مواد تبرع بها مواطنون وتجار، وكذلك سيارات مواطنين حمّلوها بمياه الشرب وحليب الأطفال والحفاظات، وفق ما نقل مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
وعلى المستوى الخارجي، قررت فرنسا إرسال تعزيزات للمساعدة إلى الجزائر، وقال الرئيس إيمانويل ماكرون، في تغريدة عبر تويتر “نتضامن مع الشعب الجزائري أمام المآسي التي يواجهها أصدقاء فرنسا“.
وأضاف أن بلاده سترسل طائرتي إطفاء، وطائرة توجيه إلى منطقة القبائل (شمال) التي تجتاحها حرائق عنيفة، اعتبارا من الخميس.
كما عرض عمدة مدينة مرسيليا، بنوا بايان، إرسال فريق من رجال الإطفاء والمعدات إلى منطقة القبائل إذا طلبت الجزائر ذلك.
كما عرضت كل من تونس وموريتانيا وفلسطين على الجزائر المساعدة في مواجهة الحرائق المندلعة منذ أيام.
من جانبه، أعرب المغرب أمس عن الاستعداد لمساعدة الجزائر في مكافحة حرائق الغابات التي تجتاح مناطق عدة منها، في وقت تشهد فيه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين توترا على خلفية قضية الصحراء الغربية.
وقالت الخارجية المغربية في بيان مقتضب إن الملك محمد السادس “أعطى تعليماته السامية لوزيري الداخلية والشؤون الخارجية من أجل التعبير لنظيريهما الجزائريين عن استعداد المملكة لمساعدة الجزائر في مكافحة حرائق الغابات التي تجتاح العديد من المناطق“.
وأضافت “بتعليمات من جلالة الملك (…) تمت تعبئة طائرتين من طراز كنادير للمشاركة في هذه العملية” التي ستنطلق “بمجرد الحصول على موافقة السلطات الجزائرية“.
وتشهد دول حوض البحر المتوسط من تركيا إلى تونس أعلى درجات حرارة منذ عشرات السنين، وقد حذرت لجنة المناخ بالأمم المتحدة هذا الأسبوع من أن العالم بات قريبا بشكل خطير من سخونة مفرطة.