صادرت السلطات الألمانية يختا بقيمة ستمائة مليون دولار مملوكا لأحد الأثرياء الروس، وصادرت فرنسا يختا مملوكا لرئيس شركة النفط الروسية الحكومية، وبريطانيا صادرت أملاك الروسي “رومان إبراموفيتش” مالك نادي تشيلسي الإنجليزي، ومعه سبعة مليارديرات روس آخرين داخل إنجلترا منهم “يفغيني ألكسندر ليبيديف” ابن ضابط المخابرات السوفيتي السابق، ومالك صحيفة “إيفنينغ ستاندرد” اللندنية.
فقط منذ أيام كان هؤلاء وأقرانهم من أباطرة رجال المال الروس مُرَحبًا بهم في الغرب، وتنتقل أموالهم بحرية عبر القارات، وينفقون أموالهم ببذخ في أسواق المال الأوروبية، ثم قررت هذه الدول مصادرة أموالهم وممتلكاتهم وإغلاق حساباتهم في البنوك، كإحدى وسائل معاقبة روسيا بعد غزوها لأوكرانيا.
هذه الفئة من رجال المال الروس كونت ثرواتها بالنفوذ والسلطة، واستحوذت على حصة الأسد من خصخصة مؤسسات الاتحاد السوفيتي بعد انهياره، وظلت متحالفة مع السلطات الروسية للحفاظ على مكتسباتها.
سمح لهم الغرب بنقل أموالهم المشبوهة لغسيلها في أوروبا، وتطايرت شرارة نيران الغزو الروسي لأوكرانيا لتلقي أضواءها على هذه الفئة من أصحاب الأموال، التي يسميهم البعض بـ”الطغمة الحاكمة”، أو “الأوليجارش” -أصحاب النفوذ-، والبعض يراهم الحكام الحقيقيين الذين يديرون المشهد الدولي من خلف ستار السياسة.
ونستطيع نحن الشعوب أن نسمي الأشياء بأسمائها؛ فنسميه “تحالف اللصوص الكبار حول العالم”.
تحالف يتحكم في دورة المال، ويدير دورة غسيل الأموال من المنبع للمصب، منبعها دول تحكمها نظم ديكتاتورية يصنعونها ويدعمونها لنهب ثروات الشعوب، ومصبها في دول ليبرالية ترفع شعارات الديموقراطية والشفافية والنزاهة، ومعها دول ذات أسواق مالية صاعدة تعتمد اعتمادا كبيرا على غسيل تلك الأموال.
والمحصلة أن كلهم لصوص.
وبقعة الضوء التي تسلطت فجأة على هذه الفئة من اللصوص الروس، تسَلَّطَت من قبل بعد ثورة يناير على أقرانهم من المتنفذين المصريين، وأولهم الرئيس المخلوع وأسرته وحاشيته، ثم خفتت الأضواء، وأُسدِل الستار بتبرئة لصوص دولة المنبع في محاكم محلية، لتظل أموالهم المنهوبة من قوت الشعب في حوزة حلفائهم الكُبار في دول المَصَب الليبرالي النزيه الشفاف.
تحالف لصوص السلطة المستبدة مع لصوص المال الحرام، ليس اكتشافا جديدا، لكنه امتداد لتحالف فرعون وقارون، على حساب الشعب الغافل المقهور.