وجه أكاديميون فلسطينيون ومحللون سياسيون دعوات إلى الدول العربية والإسلامية لمساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بعد أن بات القطاع في مواجهة رد انتقامي وحشي من قبل العدو «الإسرائيلي» تحت عنوان «السيوف الحديدية»، ومن خلفه قوى دولية كبرى.
وقال د. أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، في تصريحات لـ«المجتمع»: إن «طوفان الأقصى» عملية فدائية جماعية نوعية، والخشية من القادم حيث يتجهز الاحتلال «الإسرائيلي» لحرب برية ضروس على قطاع غزة.
وتوقع الرقب أن يرتكب الاحتلال «الإسرائيلي» جرائم حرب في قطاع غزة بعد أن منحت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وغيرها، الضوء الأخضر للاحتلال لشن حربه على قطاع غزة.
تحرك عربي
ورأى الأكاديمي الفلسطيني أن المرحلة القادمة تتطلب تحركاً عربياً سريعاً، يبدأ بعقد جلسة طارئة لجامعة الدول العربية أقلها على مستوى وزراء الخارجية العرب، وذلك لتقرير أمرين؛ أولهما: توفير دعم إنساني لقطاع غزة الذي سيعاني خلال 24 ساعة من نقص في الغذاء والدواء.
مطالب بتقديم كل أنواع الدعم السياسي والمالي والإعلامي لغزة
وبين الرقب أن الأمر الثاني الذي يجب أن تقرره الجلسة الطارئة للجامعة العربية هو التحرك الدولي لعقد جلسة لمجلس الأمن لوقف العدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني، والضغط لفتح حلول سياسية تنهي هذا الوضع القائم والاحتلال لأرض دولة فلسطين.
كما دعا الإعلام العربي إلى فضح جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وفتح كافة المنصات الإعلامية لنقل جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، خاصة أن المنصات الغربية تدافع عن الاحتلال وكأنه الضحية.
مساندة شاملة
مصطفى الصواف، المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، دعا هو الآخر، في تصريحات لـ«المجتمع»، الدول العربية والإسلامية إلى دعم ومساندة الفلسطينيين في مواجهة العدوان «الإسرائيلي» المدعوم دولياً.
وقال الصواف: إن الجميع يعلم الدور المنوط به في الدفاع عن دينه وعقيدة ومقدساته، صحيح أن الفلسطيني يقف في الصف الأول للدفاع عن القدس، ولكن الصف بحاجة إلى دعم ومساندة كل من يقول: «لا إله إلا الله»، ولذلك اليوم الدفاع عن المسجد الأقصى بات فرض عين على الجميع.
تعزيز المساعدات الإنسانية والطبية للقطاع بشكل عاجل
وأضاف أن قطاع غزة الذي انطلق بـ«طوفان الأقصى» يقف في وجه الاحتلال الصهيوني، وهو كما يعلم الجميع محاصر منذ 17 عاماً، ولا موارد له ولا مال، فاليوم مطلوب من الجميع تقديم كل أنواع الدعم السياسي والمالي والإعلامي، والخروج إلى الشوارع والتعبير عن الغضب الذي هو فيه، والضغط على حكومته من أجل التحرك العاجل والعاجل جداً.
وأشار الصواف إلى أن غزة تتعرض حالياً لعملية إبادة، وأنها بحاجة للجميع من أجل التحرك قبل فوات الأوان، داعياً إلى أن تكون هناك حملات لجمع التبرعات لمساندة أهل فلسطين في غزة.
دعم ثلاثي
بدوره، قال د. سليمان بشارات، مدير مؤسسة يبوس للاستشارات والدراسات برام الله، في تصريحات لـ«المجتمع»: إن هناك ثلاثة أبعاد تنطلق منها حالة الدعم للقضية الفلسطينية بعمومها وقطاع غزة بشكل خاص في ظل هذه المعركة مع العدو «الإسرائيلي».
وأوضح بشارات أن البعد الأول هو الإنساني، والمتمثل في تعزيز المساعدات الإنسانية والطبية بشكل خاص، لافتاً إلى أن آثار الدمار التي يخلفها الاحتلال بحق المواطنين في قطاع غزة كبيرة جداً، وأن أعداد المصابين والشهداء ترتفع بشكل جنوني؛ وهو ما يعني الحاجة إلى كثير من المعدات الطبية.
وعن البعد الثاني، فقال: إنه بُعد سياسي، فالاحتلال «الإسرائيلي» عمل بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة على تهميش القضية الفلسطينية، وإضعاف حضورها كقضية حق للفلسطينيين وتحييد وجودها على الساحات الدولية، وبالتالي الآن الفرصة لإعادة تعزيز مكانة القضية الفلسطينية سياسياً وحقوقياً أمام كافة المحافل، والضغط على الاحتلال بهدف الاعتراف بحق الفلسطينيين في الحياة والعيش، وهذا الأمر أيضاً يمكن أن يكون من خلال عمل دبلوماسي مشترك عربياً وفلسطينياً.
فرض القضية الفلسطينية إعلامياً ودبلوماسياً على المحافل الدولية
وأوضح الباحث الفلسطيني أن البعد الثالث يتمثل في الحضور الإعلامي، فالاحتلال يحاول أن يقدم روايته على أنه ضحية، بينما في الأصل أن الفلسطينيين هم ضحية الاحتلال وممارساته، وهنا يكمن أهمية الخطاب الإعلامي المساند للقضية الفلسطينية في هذا التوقيت بالتحديد.
وكانت حركة «حماس» قد شنت عمليتها العسكرية «طوفان الأقصى» الواسعة النطاق، فجر السبت الماضي، غداة الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر 1973م، وفي اليوم الأخير من عيد المظلات «سوكوت» لدى اليهود.
وخلال العملية التي يقول محللون: إنها باغتت الجيش «الإسرائيلي»، أطلقت الحركة آلاف الصواريخ من قطاع غزة على «إسرائيل»، فيما اقتحم مقاتلوها السياج الذي يفصل القطاع عن الأراضي المحتلة، مستخدمين متفجرات وجرافات؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف «إسرائيلي»، وإصابة 2500 آخرين، وأسر العشرات بينهم ضباط وجنود، في أكبر خسارة للكيان الصهيوني منذ حرب عام 1973م.
وتقوم قوات الاحتلال بشن غارات عشوائية على قطاع غزة، وقصف للأبراج السكنية؛ ما تسبب في استشهاد أكثر من 800 فلسطيني، وإصابة 3 آلاف آخرين، وتدمير البنى التحتية في القطاع.