دخل رجل مسن الدكان ليشتري حاجاته، فلما انتهى من جمع أغراضه توجه إلى المحاسب واصطف خلف الرجل زبوناً آخر من فئة الشباب.
وحين أنهى المحاسب حساب الأغراض، أخبر الرجل المسن بالثمن، فأخرج محفظته، واستخرج المال الذي فيها، فكان أقل من الثمن المطلوب، هنا بدأ الشعور بالإحراج.. وظهر على قسمات وجهه أثر الانزعاج وأخذ يلتفت يميناً ويساراً بنظراته مؤرقة يخشى أن أحداً من الزبائن حوله يشهد موقفه الذي صعب عليه.
وفي هذه اللحظات، يعز على الزبون الشاب الذي يقف خلفه أن يرى الرجل المسن في هذا المشهد، الذي لا يرضاه لنفسه أو والده، فقام على الفور بإلقاء فئة ورقية من المال تحت قدم المسن، ثم أشار إليه بها قائلاً: لقد سقط المال منك يا سيدي.
فيلتفت إليه المسن ويجد المال تحت قدمه، فيقوم بالتقاطه بشعور من العزة والرضا يحسب أن المال الساقط منه، ولا تسأل عن علامات الفرح والسرور على وجهه من بعد علامات الحيرة والضيق!
الإسلام يُحثُّنا على العطاء والصدقات كوسيلة لتحسين الحياة وتعزيز الرفاهية للفرد والمجتمع في ظل هذا السياق، يتجلى العطاء بمهارات وابتكارات تجعل منه أكثر فاعلية وتأثيراً في خدمة الإنسانية.
الصدقات بها مهارات وابتكارات
1- الدقة والتحليل:
يعلمنا الإسلام أن الصدقة ليست مجرد تقديم مالي، بل تتطلب الدقة والتحليل لفهم احتياجات الفرد والمجتمع، استخدام مهارات التحليل يسهم في تحديد أفضل السبل للمساهمة في تحسين الوضع.
2- الإبداع والابتكار:
يشجع الدين على الإبداع في العطاء، حيث يمكن استخدام مهارات الابتكار لتصميم حلول مبتكرة تلبي احتياجات المحتاجين بطرق فعالة ومستدامة.
3- التواصل الفعّال:
تعتبر مهارات التواصل أحد أهم عناصر الصدقة، يُشجّع على التفاعل المباشر مع المستفيدين، والاستماع إلى مشكلاتهم واقتراح حلول تتناسب مع واقعهم.
العطاء بذكاء
1- التخطيط الإستراتيجي:
الصدقة بذكاء تتطلب التخطيط الإستراتيجي، حيث يمكن للفرد أو المؤسسة وضع خطط توجيهية لتحديد الأولويات والمجالات التي يمكن أن تكون فيها الصدقة أكثر فعالية.
2- الاستدامة:
يشجع الدين على الاستدامة في العطاء، فالصدقة الدائمة والمستمرة أفضل من العطاء الزمني، ويمكن تحقيق الاستدامة من خلال تنظيم مشاريع تنموية وبرامج توعية.
3- تحقيق العدالة:
الصدقة بذكاء تتضمن تحقيق العدالة في توزيع العطاءات، حيث يُشجّع على معالجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمحتاجين بطريقة عادلة.
الحياة لا تكسر عن حفظ الناس من الانكسارات
1- تعزيز التضامن:
الصدقات تعزز التضامن وروح المساعدة المتبادلة، وهي أداة قوية لتقوية الروابط الاجتماعية وتجاوز التحديات بروح التعاون.
2- مواجهة الأزمات:
العطاء يُعَدّ سلاحًا فعّالًا في مواجهة الأزمات، حيث يمكن استخدام الصدقات لدعم المتضررين وإعادة بناء المجتمعات بعد الكوارث.
الصدقة الصامتة
1- التواضع والإخلاص:
الصدقة الصامتة تُعَظِّم من فوائد التواضع والإخلاص، حيث يكون الهدف خدمة الله ومساعدة الآخرين دون رغبة في الإشهار أو الاعتراض.
2- تحفيز الخير:
يُشجّع على التحفيز للقيام بالخير بصمت، فالقيام بالأعمال الصالحة بسرية يزيد من تأثيرها وقوتها.
باختصار، الصدقات تتيح للإنسان تطوير مهاراته والابتكار في عمل الخير، وتشكل جزءًا أساسيًا من حياة مستدامة ومليئة بالروحانية والعدالة.