السوريون يتوسلون للثوار للإفراج عن أحبائهم «مسلخ» صيدنايا سيئ السمعة بعد أن حرر الثوار آلاف المعتقلين في أماكن أخرى في حمص.
وقد شهد سجن صيدنايا العسكري وحده وهو بالقرب من دمشق أو يلقب بـ«غرفة التعذيب الصناعية» إعدام ما بين 5000 إلى 13000 سجين منذ عام 2011م، حسب «الجزيرة».
وقال بحث أجرته منظمة العفو الدولية: إن السلطات السورية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية حيث تم قتل وتعذيب وإبادة آلاف السجناء في السجن الواقع على بعد 30 كيلومترًا شمال دمشق.
وقد قرروا أن الانتهاكات التي ارتكبت في المرافق الوحشية على مدى العقد الماضي في ظل نظام الدكتاتور بشار الأسد، التي شهدت اختفاء أكثر من 10 آلاف معتقل سياسي، كانت جزءًا من انتقامه من المدنيين.
وقد تدفق الآلاف إلى شوارع حمص الليلة الماضية بينما فرت القوات الموالية للنظام، حيث أطلق المتمردون سراح الآلاف من المعتقلين من سجن المدينة بينما غادرت قوات الأمن المدينة على عجل بعد حرق وثائقهم.
إعدام 50 شخصاً يومياً ومحرقة سرية للتخلص من رفات الضحايا
وأنكر الأسد سابقًا قتل الآلاف من المعتقلين في صيدنايا وكذلك استخدام محرقة سرية للتخلص من رفاتهم في عام 2017.
كما وصف مزاعم وزارة الخارجية الأمريكية بإعدام ما يصل إلى 50 شخصًا يوميًا في السجن العسكري الوحشي بأنها «قصة هوليوودية جديدة منفصلة عن الواقع».
والآن مع اقتراب الثوار من دمشق، يأمل العديد من السوريين في تحرير «غرفة التعذيب الصناعية» التي تشتهر بظروفها اللاإنسانية والتعذيب المنهجي والإعدامات الجماعية.
وينتظر الصحفي سامر دعبول، الذي اعتقل عمه بتهمة تهريب الخبز واختفى خلف جدران السجن في عام 2012م، بفارغ الصبر الأخبار المتعلقة بالرجل الذي كان أحد أكثر الأشخاص تأثيرًا في حياته، وقال لـ«بي بي سي»: لقد علمني تاريخ سورية وعلمني الثورة ولماذا كانت الثورة ضرورية.
وأضاف: أريد أن يعرف أن الشاب الذي ألهمه قبل 12 عامًا أصبح الآن صحفيًا يقدم تقارير عن سورية، أريده أن يفخر بي.
ولجأ العديد من الأشخاص إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع الثوار على الوصول إلى السجن البشع وتحرير نزلائه، بينما يأمل آخرون أن يكون أقاربهم، الذين لم يروهم أو يسمعوا عنهم -منذ سنوات- لا يزالون على قيد الحياة.
وقال اثنان من السكان، يوم الأحد: إن أصوات إطلاق نار كثيفة سمعت في وسط العاصمة السورية دمشق بينما كان الثوار في طريقهم نحو العاصمة.
يأتي هذا في الوقت الذي تخلت فيه قوات الحكومة السورية عن مدينة حمص الرئيسة بعد أقل من يوم من القتال، مما ترك حكم بشار الأسد الذي دام 24 عامًا معلقًا بخيط رفيع مع تقدم المتمردين أيضًا نحو العاصمة دمشق.
فرحة عارمة
فرت القوات الموالية للنظام من مدينة حمص مع الآلاف من السكان يرقصون ويهتفون الأسد رحل، حمص حرة وعاشت سورية ويسقط بشار الأسد.
في أعقاب تقدم سريع للثوار في سورية الأسبوع الماضي، عثر الثوار على صورة للزعيم السوري شبه عارٍ عندما كان شابًا.
تُظهر الصورة الدكتاتور وهو يقف إلى جانب 3 أشخاص آخرين يرتدون ملابس السباحة وهم يقفون على جانب قارب في الليل.
يأتي رد الفعل المضحك على الإنترنت وسط تقارير من مسؤولين غربيين تفيد بأن حكومة الأسد قد تسقط في غضون الأسبوع المقبل.
أطلق الثوار النار في الهواء احتفالاً بسيطرتهم على حمص، وقام الشباب بتمزيق ملصقات الرئيس السوري، الذي انهارت سيطرته الإقليمية في انسحاب مذهل استمر أسبوعاً كاملاً من قبل الجيش.
أبو محمد الجولاني
ووصف أبو محمد الجولاني، زعيم الثوار الأكثر قوة، الاستيلاء على حمص بأنه لحظة تاريخية وحث المقاتلين على عدم إيذاء أولئك الذين يلقون أسلحتهم.
وقال الجولاني، في بيان منفصل: إن الثوار على وشك الاستيلاء على البلاد بأكملها، وإن نهاية النظام الإجرامي قريبة.
منذ اجتياح الثوار لحلب قبل أسبوع، انهارت دفاعات الحكومة بسرعة مذهلة حيث استولى الثوار على سلسلة من المدن الكبرى وأعادوا إشعال الثورة في أماكن بدا أنها ميتة منذ فترة طويلة.
إن الاستيلاء على حمص، وهي مفترق طرق مهم بين العاصمة والبحر الأبيض المتوسط، يقطع دمشق فعليًا عن المعقل الساحلي للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، وعن القاعدة الجوية والبحرية الروسية.
قال ضابط كبير في الجيش: إن قادة الجيش والأمن السوريين غادروا حمص يوم السبت بطائرة هليكوبتر إلى الساحل، بينما انسحب قافلة عسكرية كبيرة عن طريق البر، وقال المعارضون: إنهم دخلوا وسط المدينة.
وشهد الهجوم المذهل للمعارضين للنظام أسرع تقدم في ساحة المعركة من أي من الجانبين منذ بدء الحرب الأهلية قبل ما يقرب من 13 عامًا.
وادعى مكتب الأسد، أمس السبت، أن الرئيس باق في العاصمة ويواصل مهامه بعد فرار أبنائه وزوجته المولودة في بريطانيا إلى روسيا الأسبوع الماضي، وسفر أصهاره إلى الإمارات العربية المتحدة، بحسب مسؤولين أمنيين سوريين.
الهجوم باغت الجميع
لم يظهر حلفاء الأسد في روسيا وإيران و«حزب الله،» المشتتين أو المنهكين بسبب صراعات أخرى، أي علامات على التدخل.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لشبكة «CNN»: إن تركيا تتمنى أن تتمكن سورية المجاورة من الوصول بسرعة إلى السلام والهدوء الذي تتوق إليه خلال 13 عامًا من الصراع.
وقال: أريد أن أقول هذا بصراحة: نحن لا نضع أعيننا على أرض -ولا حتى حصاة- تنتمي إلى بلد آخر.
وقال تشارلز ليستر، مدير برامج سورية ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط، لـ«بلومبرج» إن مستقبل الأسد كان أكثر هشاشة مما نعتقد.
روسيا لن تنقذ الأسد
ومع أن الاستيلاء على حمص يغلق الطريق البري بين دمشق وطرطوس، موطن الميناء الروسي الوحيد على البحر الأبيض المتوسط، يبدو أن روسيا ليست في وضع يسمح لها بمساعدة الأسد على استعادة الأرض مع التركيز والموارد الموجهة إلى أوكرانيا.
وقال مصدر قريب من الكرملين لوكالة «بلومبرج»: ليس لدى روسيا خطة لإنقاذ الأسد ولا ترى خطة ناشئة طالما أن جيش الرئيس السوري يواصل التخلي عن مواقعه.
إيران عاجزة
وبالمثل، كانت إيران مترددة، أو غير قادرة، على توجيه دعمها إلى سورية، قال وزير الخارجية عباس عراقجي، يوم الجمعة: إنه لن يساعد الأسد إلا بالقدر الضروري، لكنه وعد سابقًا بالنظر في إرسال قوات.
أعطى الاستيلاء على حماة قوات الثوار، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، السيطرة على مدينة مركزية إستراتيجية لم يتمكنوا من الاستيلاء عليها من قبل.
وقال جهاد يازجي، محرر نشرة «تقرير سورية» لـ«رويترز»، في وقت سابق: لا يستطيع الأسد الآن تحمل خسارة أي شيء آخر، إن المعركة الكبرى هي تلك التي ستدور رحاها ضد حمص، وإذا سقطت حمص فإننا نتحدث عن تغيير النظام.
_________________
المصدر: «ديلي ميل».