في سابقة، وقف رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو أمام المحكمة المركزية في تل أبيب لمحاكمته في قضايا فساد تشمل الرشوة، والاحتيال، وإساءة الأمانة.
وتشكل هذه المحاكمة حدثاً فارقاً في السياسة الصهيونية، حيث أصبح نتنياهو أول رئيس وزراء في منصبه يمثل أمام القضاء.
وفي محاولة لتأجيل المحاكمة، وقّع 12 وزيراً من حكومة الاحتلال رسالة تطالب بتأجيل شهادة نتنياهو بسبب «الوضع الأمني الاستثنائي»، لكن المحكمة رفضت الطلب وألزمت نتنياهو بالمثول 3 مرات أسبوعياً للإدلاء بشهادته، رغم اعتراضه ومحاولته تقليص الجلسات إلى مرتين فقط.
وقالت صحيفة «هاآرتس» العبرية: يواجه نتنياهو اتهامات بالرشوة والاحتيال وإساءة الثقة في 3 قضايا فساد مختلفة، وتأتي إفادته بعد سنوات من التحقيقات والمداولات والإجراءات القانونية والتأخير.
الصحيفة ذاتها وصفت يوم المحاكمة بالتاريخي يحمل دلالات رمزية كبرى، إذ يُحاكم نتنياهو ليس على جرائم حرب ارتكبها بحق الفلسطينيين، ولكن على قضايا فساد تضع مصداقيته السياسية على المحك.
أبعاد سياسية وأمنية للمحاكمة
ووسط إجراءات أمنية مشددة، استُدعي نتنياهو للإدلاء بشهادته لأول مرة منذ توجيه الاتهامات إليه عام 2019م، الجلسة، التي أُغلقت أبوابها أمام الكاميرات، شهدت حضوراً لافتاً لمسؤولين «إسرائيليين» بارزين، بينهم رئيس الكنيست أمير أوهانا، ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، إضافة إلى عائلة نتنياهو؛ زوجته سارة، وابنه أفنير، في محاولة واضحة لتقديم الدعم له في هذه اللحظة الحرجة.
ووفق تقارير إعلامية، فقد انعقدت الجلسة، التي وُصفت بالاستثنائية، في قاعة محصنة تحت الأرض مخصصة لمحاكمة زعماء «المافيا»! وهي خطوة اتخذتها سلطات الاحتلال بناءً على توصيات جهاز الأمن العام (الشاباك)، الذي رأى ضرورة نقل الجلسات من القدس إلى تل أبيب لحماية نتنياهو وتأمين المحاكمة.
«القناة 12 العبرية» أشارت إلى أن المحاكمة تمثل تحدياً ليس فقط لنتنياهو، بل أيضاً لمؤسسات الدولة التي تواجه انقساماً داخلياً حاداً.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. عبدالله الشايجي: إن مثول بنيامين نتنياهو أمام القضاء يمثل يومًا تاريخيًا شهد إهانة وإذلال «مجرم الحرب»، بعد سنوات من تأجيل المحاكمة، مشيرًا إلى أن محاكمته لا تتعلق بجرائم الحرب التي ارتكبها بحق الفلسطينيين، بل بتهم جنائية تشمل الفساد، والرشوة، وخيانة الأمانة والاحتيال.
وأضاف الشايجي أن نتنياهو أصبح أول رئيس وزراء في تاريخ كيان الاحتلال يمثل أمام المحكمة وهو على رأس السلطة.
وأكد أن نتنياهو يواجه كذلك تهمًا جنائية دولية، حيث أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه إلى جانب وزير دفاعه السابق، بسبب جرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
قضايا الفساد التي تطارد نتنياهو
نتنياهو يواجه 3 قضايا جنائية ثقيلة، لكل منها تفاصيل تكشف عمق الفساد في قمة هرم السلطة الصهيونية:
1- «القضية 1000»: تتعلق بتلقي نتنياهو وزوجته هدايا فاخرة، مثل السيجار و«الشمبانيا» والحُلي، تصل قيمتها إلى 260 ألف دولار، من رجال أعمال أثرياء لا سيما المنتج الهوليوودي من أصل «إسرائيلي» أرنون ميلشان، ورجل الأعمال الأسترالي جيمس باكر في مقابل خدمات سياسية.
2- «القضية 2000»: محاولة عقد صفقة مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت»، لتحسين تغطيته الإعلامية مقابل تمرير قانون يحد من انتشار صحيفة «إسرائيل اليوم» المنافسة.
3- «القضية 4000»: تُعد الأخطر؛ حيث يُتهم نتنياهو بتسهيل اندماج شركات اتصالات تابعة لصديقه شول إيلوفيتش؛ مما أدرّ عليها أرباحاً ضخمة، مقابل تغطية إعلامية إيجابية في موقع «واللا» الإخباري.
مع استمرار الجلسات في الأسابيع المقبلة، قد تكون هذه المحاكمة بداية النهاية لمسيرة أطول رؤساء الوزراء بقاءً في السلطة داخل الكيان الصهيوني.
وبينما يحاول نتنياهو تبرئة ساحته، يظل السؤال الأهم: هل سيخرج من هذه المحاكمة أقوى، أم أنها ستكون نقطة تحول تنهي حياته السياسية؟