يقدم كتاب «الشباب في مرآة الإسلام» إطلالة واسعة على أحد عناصر قوة الأمم، ومصدر عزتها وشموخها، الذي إذا زال وفسد؛ انهارت معه الأمم والأوطان، وإذا شب وقوي؛ نهضت معه المجتمعات والشعوب.
يقول مؤلف الكتاب الداعية المصري عبد الخالق الشريف: إن الشباب هم عماد الأمة، والشجرة الغنية التي تطرح الثمار، مستعرضاً في الباب الأول بعض ما ورد في القرآن الكريم والسُّنة النبوية عن الشباب.
ويسلط الكتاب الصادر عام 2002م الضوء على نماذج شبابية لمن تأثر بالكتاب والسُّنة، ومن أبرزهم زيد بن ثابت، والأرقم بن أبي الأرقم، وصهيب الرومي، وعمر بن الخطاب، وسعد بي أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وأنس بن مالك.. وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً.
ويتناول الباب الثاني من الكتاب ما يجب أن يُربى عليه الشباب، مشيراً إلى منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية، وصفات الرعيل الأول، والمبادئ التي يجب أن يربى عليها الشباب المسلم، وهي الإيمان بالله تعالى، والاعتزاز بالإسلام ديناً، وأن يحول حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى برنامج عملي.
وتتضمن تلك المبادئ الفهم الشمولي للإسلام، والاستقامة على منهاج هذا الدين، والذكر والتفكر وطلب العلم، والتوازن في فهم الإسلام، والبعد عن الحرام والمنكر والشبهات، وتجنب الجدل والسلبية وما يؤذي الصحة، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، وألا يكون إمعة، وأن يعرف مسؤوليته تجاه تبليغ هذا الدين، وأن يهتم بأمر الأمة الإسلامية.
ويستعرض الباب الثالث من الكتاب، وعدد صفحاته 333، بعض المشكلات التي تواجه الشباب، محذراً من أساليب الغرب للاحتلال الثقافي والفكري بدلاً من العسكري، بعدما ثبت فشله، عبر عملاء له يروجون ثقافته وقيمه، ويدعون إلى الفصل بين الدين والدولة، إضافة إلى إشباع المجتمع المسلم بالثقافة الغربية، وإفساد الشباب بالشهوات والمخدرات والجنس والكرة، وترهيب المتدينين والتضييق عليهم في جميع أمور الحياة.
ويفصل الشريف في تبيان أخطار الصحبة السيئة والفراغ والجنس والبطالة والمخدرات، كأبرز المشكلات التي تواجه الشباب في هذه المرحلة، مذكراً إياهم بقول الإمام الشافعي: «نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل».
ويعرف الباب الرابع قيمة الإيجابية وأدلة القرآن والسُّنة عليها، حتى يتحقق في نفس المسلم معنى قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام: 162)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك» (متفق عليه).
ويتساءل المؤلف: كيف تتحقق الإيجابية في الفرد؟ مجيباً: إذا توافرت لديه بعض الأسس العامة، التي منها استشعار مسؤوليته كفرد عما أمر الله تعالى، وعدم استصغار العمل أو التقليل منه، والنظر إلى النتائج والأجر الكبير، وألا يكلف النفس فوق ما تطيق، وأن يكون عالي الهمة، مبدعاً، واثقاً في موعود الله سبحانه.
ويشرح الكتاب آثار الإيجابية على المجتمع وكذلك سلبياتها، منوهاً بأهمية تقديم النصح وفضل النصيحة، والأسس التي يجب أن تبنى عليها النصيحة، وآداب النصيحة، وأن المسلم العاقل لا ينتظر من الناس أن ينصحوه، بل عليه أن يطلب منهم ذلك، إذا استشعر أنهم أهل للنصيحة، وإذا جاءته ممن هو ليس أهلاً لها فعليه أن يقبلها وينتفع بما فيها من الخير.
ويدعو الشريف قراء الكتاب إلى التفوق العلمي، مذكراً بمكانة العلم في الإسلام، وحكم معرفة العلوم، والهدف من التفوق، وطرق التفوق ومعوقاته، محذراً من الملل والنسيان والمعاصي والصحبة السيئة والاغترار بالنفس، والبعد عن ذكر الله والصلاة وقراءة القرآن، والانشغال بالملهيات وتوافه الأمور.
ويفند الباب الخامس طبيعة الأسباب التي تقف وراء المشكلات التي يواجهها الشباب، ومنها عدم قيام الوالدين بواجبهم، والتفكك الأسري، وضعف العلماء، وشيوع وسائل الفساد في المجتمع، وفساد المناخ السياسي، والإغراق في اللهو المباح.
ومن أساليب علاج ذلك النصح والتوجيه، والترغيب والترهيب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحوار، واختيار الأقران، وحل المشكلات، والمتابعة والتقييم والتقويم، أما الوسائل اللازمة لتحقيق خطة العلاج، فتتضمن ضرورة وجود الأسوة العملية في البيت، والقدوة في المؤسسة التعليمية، وتعزيز دور العلماء والمصلحين في المجتمع، وتطوير أدوار المسجد والمدرسة والأندية والمكتبات تربوياً واجتماعياً، والنهوض بمحتوى وسائل الإعلام، وتشجيع المشاركة السياسية والأهلية وإشاعة حب اللغة العربية وغيرها من الوسائل التي تنهض بالشباب فكرياً ودينياً وعلمياً وأخلاقياً وسياسياً حتى ننجو بهم بعيداً عن طريق الهوى والشيطان.