نستكمل في هذا المقال استعراض بعض النماذج المختلفة للإنجازات التي خرجت من رحم الأزمات، نذكر منها:
1- المدارس العائمة في كشمير وبنغلاديش:
مع ندرة الأراضي اليابسة في بنغلاديش، ومع أجواء ماطرة طوال العام؛ ما يجعل مرافقهم العامة مهددة من الأمطار، يعمدون لتدشين مدارسهم على الماء في قوارب تتنقل فيما بين القرى متجاوزين بذلك أزمتهم ومبهجين بذلك أطفالهم.
2- معاناة «والت ديزني»:
في 1 يونيو 1911م، بدأ العمل في توزيع النسخ اليومية لجريدة نجمة مدينة كانساس، اتفق والت وأخوه روي على مساعدة أبيهما في توزيع الجرائد، كان في العاشرة من عمره، الذي يُعد عملاً شاقاً يتطلب الاستيقاظ حتى منتصف الليل، وكانا يقومان في الصباح بتوزيع جريدة «كانساس سيتي تايمز» إلى حوالي 700 عميل، بينما في المســـــاء يقومان بتوزيع «صنداي ستار» لأكثر من 600 عميل، وزاد عدد العملاء تدريجياً مع مرور الوقت.
وكان والت يستيقظ صباحاً في الساعة الرابعة والنصف، ويقوم بتوزيع الجرائد اليومية حتى ضــرب جرس المدرسة، ويستأنف العمل ليلاً في الرابعة مساء وحتى وقت العشاء، وقد كلفه هذا الأمر كثيراً، فهو لم يكن طالباً مجتهداً بسبب عمله في توزيع الجرائد اليومية، ووجد أن العمل قد استنفد منه كثيراً، وجعله يواجه صعوبة في التركيز، وكان يحصل في كثير من الأحيان على درجات ضعيفة جراء تقصيره وغفوته في الصف، وكان عرضة أيضاً لأحلام اليقظة، وكان يحب قضاء وقته في رسم الخربشات، واستمر في هذه العملية الروتينية لأكثر من 6 سنوات.
3- تحويل مخلفات الأسلحة بأفريقيا إلى حُلِيّ:
كان الحد من العنف المسلح، وإزالة البنادق من الشوارع، سبباً في تدشين شركة «ليبرتي يوناتيد»؛ وهي شركة جديدة لها هوية علامتها التجارية المركزية، أسسها بيتر ثوم، فأثناء زياراته لأفريقيا رأى أطفالاً يحملون بنادق هجومية، فقرر أن يجمع تلك البنادق بشكل سلمي لصالح الحد من العنف المسلح وبيعها في هيئة فن رفيع بعد إعادة صهرها وتشكيلها في هيئة مجوهرات الأساور والقلائد والخواتم القوية الأنيقة المصنوعة من البنادق والرصاص.
حيث عبر كل قطعة منها يتم ختم الرقم التسلسلي للبندقية التي صنعت منها، وقد تمكن من إزالة 30 ألف بندقية هجومية هو وزوجته من المناطق التي مزقتها النزاعات عام 2012م، كما امتد هذا النشاط في معالجة عنف السلاح بالولايات المتحدة ليتم التبرع بجزء من كل قطعة يتم بيعها لجماعات العنف ضد السلاح.
4- اليمن.. 450 ألف يتيم:
مؤسسة اليتيم باليمن مؤسسة إنتاجية وتأهيلية، بما تمتلكه من مصانع ومشاغل في ظل فقر مدقع وتطلع لخدمة نصف مليون يتيم لتصبح مؤسسة منتجة تصنيعية وقيمة مضافة للدولة، لتنشئ مصانع للملابس تزود عبرها الطلبة والمدرسين، وسخانات تعمل على الطاقة الشمسية والمنجور في أثاث المطابخ والمنازل وغيرها.
ويتطور مفهوم الأزمات دولياً، بما يجعل الشركات الكبرى تلتفت إليه كفرصة في تعظيم مواردها وسعر أسهمها في البورصات حين دشنت برامج المسؤولية المجتمعية (CSR).
منتجات ومشاريع إيجابية
وتؤكد النتائج البحثية أن الأزمات التي تعصف بهذا العالم، وهي مستمرة ولن تنتهي على الدوام، يتمخض عنها ما يعزز لأفكار ومنتجات ومشاريع إيجابية، يكون لها عوائدها الاقتصادية وعلى التنمية أيضاً.
وفيما يلي نستعرض لمجموعة من تلك المنتجات ونبين الالتفات الذي أصبحت تتجه إليه الاستثمارات من قبل الشركات الكبرى بغية الاستفادة من العائد على الاستثمار فيها، مثل منتجات القرى اليدوية حين تمول جامعات بلجيكا وفرنسا وألمانيا أساتذة جامعاتها عبر إرساليات للقرى الفقيرة الأفريقية لبيع منتجاتها اليدوية في متاجرها في مواسم السياحة بأثمان تفوق في أرباحها أرباح مصانع جنرال موتورز الأمريكية:
1- إنارة مخيمات اللاجئين:
المصباح المتوائم مع الطبيعة مصنوع من العديد من المكعبات البلاستيكية المعاد تدويرها (PET) تلك المستخدمة في المشروبات الغازية.
وصممت شركة «إكيا» السويدية للأثاث مأوى بمساحة 88 قدماً مربعة، يتم طيه بشكل مسطح، ويصلح لإيواء 5 أفراد، مزود بمصدر لطاقة الشمس، ومصدر «USB» لشحن أجهزة الهواتف والحواسيب، وسطح قادر لتخزين الطاقة المجمعة من أشعة الشمس لاستغلالها وقت الليل، تقدر تكلفة المأوى الواحد بـ10 آلا دولار.
2- الطاقة البديلة:
طالب من جامعة برنتستون، طور قضباناً لخلايا شمسية قادرة على تجميع الطاقة الشمسية واستغلالها بشكل يومي، تبلغ كلفة المنتج 10 دولارات، ويستخدم النظام 40% أقل من الأنظمة المماثلة لتأمين الطاقة.
3- تحلية الماء:
تتعرض العديد من الدول الأفريقية والعديد من القرى الفقيرة حول العالم لأزمات انتشار الأوبئة الناجمة عن عدم صلاحية مياه الشرب، فتنشط مؤسسات الابتكارات المجتمعية لابتكار مصاص مائي بتقنية كهروكيميائية ليتمكن سكان القرى من شرب الماء باطمئنان، وبكلف لا تذكر مقارنة بالأساليب التقليدية في تنقية المياه.
4- الحكومة البريطانية تفوض منظمات المجتمع لإدارة مرافقها:
لتحقيق التقشف في ميزانيات الدول الأوروبية، يظهر نظام «social innovation» ليمنح حلولاً تسمح لمنظمات المجتمع المدني لإدارة بعض مرافق الدولة عوضاً عن إدارتها عبر أجهزة الحكومة، فتوفر على ضوء ذلك ميزانية بريطانيا، على سبيل المثال، ما يعادل 70% من ميزانية الدولة.