يُعد كتاب «النبأ العظيم» للشيخ محمد عبدالله دراز، واحدًا من الكتب المعاصرة التي تميزت في تبيان حقيقة هذا الكتاب الرباني القرآن الكريم، ورفع النقاب عن جملة من الحقائق الخفية المتعلقة به، مع وصايا عملية لفهم توجيهات هذا المنهج الإلهي، الذي جاء لهداية البشر وإرشادهم أثناء سيرهم إلى الله عز وجل.
ويهدف المؤلف من خلال كتابه إلى رسم معالم طريق فهم القرآن بشكل ميسر وبسيط، ومن مميزات الكتاب أنه يمكن للجميع قراءته سواء المثقف أو العامي لسهولته وسلاسة أسلوبه، وهو الأمر الذي أشار إليه المؤلف في بداية كتابه، وبالتالي يُعد هذا الكتاب بمثابة بوصلة حقيقية لمن يريد أن يسترشد بها أثناء انطلاقه في الرحلة الإيمانية لاكتشاف الدرر الكامنة في كتاب الله.
كما أن الكتاب يتمتع بأسلوبه الشيق والربط الجذاب والمتناسق بين أفكاره، ومن جملة ما يميز به هذا الكتاب أيضًا عن غيره من الكتب في هذا المجال، وضع الوسائل العملية والوصايا اللازمة لمحاولة قصر مسافة الوصول إلى الهدف المنشود، وهو من الكتب التي جمعت بين عدة أهداف متميزة، يسعى إليها كل باحث عن جوهر مضمون كتاب الله، وهذه الأهداف تنوعت بين بيان خصائص القرآن الكريم في صورة سهلة بسيطة، بجانب التطرق إلى الشبهات المثارة حوله ودفعها بالحجج العلمية الرصينة، بالإضافة إلى وضع منهج واضح للتعامل مع كتاب الله دراسة وفهمًا، ليجمع بذلك هذا الكتاب عدة أهداف ربما تجتمع في 3 كتب منفصلة، وهو بذلك يوفر كثيراً من الجهد على كل باحث.
وإذا أردنا أن نقف وقفة سريعة مع فصول هذا الكتاب سنجد أن المؤلف قد قسمه إلى بحثين رئيسين و4 مراحل فرعية تابعة لهذين البحثين، وقد جاءت هذه الأبحاث والمراحل على الشكل التالي:
البحث الأول: وقد جاء باسم «في تحديد معنى القرآن»، واحتوى على بيان سر اختصاص القرآن بالخلود وعدم التحريف، والتفرقة بين القرآن والأحاديث النبوية والأحاديث القدسية.
البحث الثاني: جاء باسم «في بيان مصدر القرآن»، ويعتبر معظم الكتاب، واحتوى على 4 مراحل فرعية تابعة له ومكملة لبعضها بعضاً، وجاءت على النحو الآتي:
المرحلة الأولى: يوضح من خلالها أن القرآن لا يمكن أن يكون إيحاء ذاتيًا من نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ويقيم الأدلة العقلية والأمثلة على ذلك لإثبات هذه الحقيقة.
المرحلة الثانية: يوضح من خلالها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تلقى القرآن من مصدر خارجي، ويقيم الإثباتات والأدلة العلمية على أن هذا المصدر لا يمكن أن يكون مصدرًا بشريًا، وإثبات كونه مصدراً خارج عن نطاق البشر وقدراتهم.
المرحلة الثالثة: يبحث من خلالها في ظروف الوحي وملابساته الخاصة عن مصدر القرآن، ثم ينتقل لبيان ظاهرة الوحي مع الاستئناس بما كشفه العلم في العصور الحاضرة.
المرحلة الرابعة: وهو أطول المراحل من حيث البحث والتدقيق، ويحاول من خلالها التأكيد على أن طبيعة القرآن نفسه حجة على سماويته، ومن ثم يبين حدود القدرة البشرية في هذا الصدد مقارنة بحد الإعجاز القرآني، ويتوقف بشكل موسع عند الإعجاز اللغوي في هذا الكتاب الرباني.