لا تتوقف القوى الهندوتفية المتطرفة الفاشية منذ السنوات الأخيرة عن إثارة قضايا جديدة وتسخين البيئة، وإضرامها ضد المسلمين في الهند، بل قد أصبحت ممارساتها الشنيعة ثقافة الكراهية والعنف، ورمزاً للتطرف والعنجهية.
وحالياً أثيرت ضجة كبيرة باسم إجراء مسح المساجد التاريخية القديمة في الهند، وصارت عملية إجراء المسح مصدر قلق واضطراب وتوتر للمسلمين، وذلك لأن المحاكم عامة تقوم بانحياز تام، وتتخذ خطوات غير جادة، والعديد من القضاة أغلبيتهم من الطبقات العليا من الهندوس، وينتمون إلى أيديولوجية «الهندوتفا»، وهذا ليس أمراً خفياً.
دعاية كاذبة مضللة
تدعي القوى «الهندوتفية» الفاشية بأن المسلمين في الهند هم من أبناء الغزاة المعتدين الذين أغاروا على الهند وانتزعوها من أيدى الهندوس، وأجبروهم على اعتناق الإسلام بالقوة، ودنسوا ثقافتهم الرائعة المزدهرة، وهدموا معابدهم القديمة التي كانت رمزاً واضحاً لامعاً لعظمة الديانة الهندوسية! وبنوا عليها مساجد في أرجاء البلاد كلها، وقد آن الأوان أن تسترد تلك المساجد التي تم بناؤها على أنقاض المعابد.
وحسب مزاعم أصحاب «الهندوتفا» كانت قائمة المساجد التي بنيت على أنقاض معابد الهندوس طويلة وأكثر من 3 آلاف، ولا يمكن ذكر تفاصيل الجميع، ولكن المساجد التي أصبحت حالياً موضع النزاع ينبغي أن تذكر، فكان في مقدمتها:
1- المسجد الجامع في مدينة بنارس بولاية أترابراديش المشهور بمسجد «غيان وابي»، حيث يدعي الهندوتفيون بأن المسجد كان في الواقع معبد «مهاديو»، ولكن ملك الهند أورنغ زيب هدمه، ثم بنى المسجد على أنقاضه، ولكن هذه الدعوى لا طائل تحتها؛ لأن هذا المسجد في مدينة بنارس قد تم بناؤه بيد الرجل الثري الشيخ سليمان المحدث على أرض مقفرة بين فترة 804 – 842هـ خلال حكم السلطان إبراهيم الشرقي قبل الملك أورنغ زيب (1028/ 1118هـ) بقرنين ونصف قرن، فكيف يصح إيقاف زيب الملك العادل في قفص الاتهام.
2- المسجد الجامع المشهور بمسجد «أتالا» في مدينة جونفور بولاية أترابراديش، فحسب دعاوى «الهندوتفا» أن موضع المسجد كان معبداً للمعبودة «أتل»، ولكن هُدم المعبد ثم بني المسجد عليه، ومن هذا المنطلق إذا خضنا في التاريخ وجدنا أن «أتالا» كان اسم حي ولم يكن اسم معبودة، وإلى ذلك الحي قد نسب المسجد الذي بناه السلطان إبراهيم الشرقي، والذي بدأ بناءه الملك فيروز شاه تغلق عام 1364 أو 1376م حتى لحق فيروز شاه بجوار ربه في عام 790هـ.
3- المسجد الجامع الملكي في مدينة سنبهل بولاية أترا براديش الذي أججت النار بصدده في نوفمبر الماضي، وقتل 5 شباب مسلمين برصاصات الشرطة، وقد رفع المسلمون قضية مدينة سنبهل في البرلمان وطالبوا الحكومة بتفتيش أموات الشبان المسلمين.
ويزعم «الهندوتفيون» أن مبنى المسجد قد تم تكوينه بعد تقويض معبد هرى هر في عصر الملك المغولي بابر الذي قام بهدمه في عام 1526م، ثم قائد جيشه هندو بيغ أنشأ المسجد على أنقاضه، ويقول «الهندوتفيون»: إن كتبنا الدينية القديمة تشير إشارات واضحة إلى تواجد بعض الإرهاصات هناك في غابر الأزمان التي ترتبط بمعبود شيفا، ومعبود فشنو أوفيشنا، ولذا يسمى ذلك معبد هري هر، وكلكي أوتار؛ أي الهادي أو الممثل الأخير من الإله، وهذه الدعاوى جوفاء لم يقم عليها دليل ولا برهان.
4- مسجد «المصلى الملكي» في مدينة متهرا بولاية أترابراديش، طبق دعاوى الهندوس قد بنى وير سنغ حاكم بنديلا معبداً هناك في عام 1618م، ولكن ملك الهند أورنغ زيب قوضه خلال حكمه على الهند، وبنى على أنقاضه المسجد عام 1670م.
5- المسجد الجامع المسمى بـ«شمسي» في مدينة بدايون في ولاية أترابراديش، يدعي المجلس الهندوسي العالمي بأن هذا المسجد قد تم بناؤه بعد هدم معبد «نيل كانت مهاديو»، وبناه الملك شمس الدين التمش عام 1227م فرحاً وشكراً بمناسبة ولادة بنته رضية سلطان.
6- الموقع الجغرافي لمسجد قوة الإسلام، إنما هو في دائرة منارة قطب في مدينة دهلي الذي شرع في بنائه ملك الهند قطب الذين أيبك أثناء حكمه (1206 – 1210)، ثم أكمله وريثه الملك إيلتتمش في عصره قد استغرق بين فترة 1211 – 1236)، يزعم «الهندوتفيون» أن هذا المسجد كان قد أنشئ بعد هدم معابد الهندوس والديانة الجينية، أما منارة قطب فلم يكن قطب الدين بناها بل قد شيدها الحاكم وكرما دتيا لاستطلاع جهة الشمس.
7- يقع المسجد الجامع المشهور في مدينة دهلي، وقد شيده الملك المغولي الخامس شاهجهان بين فترة 1650 – 1656م خلال حكمه من عام 1627 – 1657م.
8- يقع مسجد «كمال مولى» المنسوب إلى الصوفي الزاهد كمال الدين في مديرية دهار في ولاية مدهية براديش، والمسجد من مباني القرن الرابع عشر الميلادي، ولكن «الهندوتفيين» يزعمون بكل وقاحة أن مقبرة الشيخ كمال والمسجد قد عمرا على أنقاض معبد المعبوة «سرسوتي».
9- المسجد التاريخي في مدينة لكناؤ عاصمة ولاية أترابراديش الذي اشتهر بمسجد «التل» المنتمي إلى الشاه بير محمد الجونفوري ثم اللكنوي (1619 – 1674م)، طلب الشاه بير محمد الحاكم المغولي فدائ خان كوكا ببناء مسجد ومدرسة فبناهما خلال حكم أورنغ زيب، أما المدرسة فقد دمرها الإنجليز في عام 1857م بمناسبة الثورة الهندية، وأما المسجد فهو موجود إلى الآن ولكنه في وجه الخطر بسبب مزاعم الهندوس المتطرفين، حيث يدعون بأن هناك معبداً على التل باسم «لكشمن»، فدمر المعبد تدميراً وبُني المسجد عليه، وهذه الدعوى أيضاً لا تمت بصلة إلى الحقيقة.