أجرى الحوار- جمال الشرقاوي:
أكد المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية د. عامر البوسلامة الصيادي أنه بانتهاء عصر الظلم والاستبداد، والخلاص من النظام الأسدي المجرم، ستواجه البلاد تحديات كبيرة على مختلف الأصعدة.
وأضاف، في حوار خاص لـ«المجتمع»، أن هناك أولويات لا بد أن يسعى الجميع لتحقيقها، ومنها: ضمان الأمن العام للبلاد، وتأمين ما يحتاجه المواطن في حياته العامة، والمحافظة على وحدة الدولة السورية، وصناعة مرحلة انتقالية يشارك فيها الجميع.
أهم الأولويات ضمان الأمن وتأمين ما يحتاجه المواطن والمحافظة على وحدة الدولة السورية
ما أولويات خارطة الطريق في سورية بعد انتصار الثورة؟
– بالتأكيد، وبعد انتهاء عصر الظلم والاستبداد والخلاص من النظام الأسدي المجرم، ستكون هناك تحديات كبيرة ومتنوعة وتشمل جميع قطاعات الدولة؛ الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وإعادة إعمار ما تهدم من القرى والمدن التي دمرها نظام الأسد المجرم وداعموه في حربه على شعبنا السوري الحر.
وأول هذه الأولويات ضمان الأمن العام للبلاد، وتأمين ما يحتاجه المواطن في حياته العامة، ومن ذلك أيضاً المحافظة على وحدة الدولة السورية، وصناعة مرحلة انتقالية يشترك فيها كل السوريين.
حدثنا عن ملامح النظام السياسي الجديد في سورية، ومدى توافق الأطراف المختلفة على المرحلة القادمة.
– لا شك أن الملف السياسي في سورية من الملفات المهمة التي سيتحقق من خلالها الاستقرار السياسي لبلدنا وشعبنا، الذي عانى العزلة التامة عن المشاركة السياسية في عصر النظام البائد، واليوم وقد زال هذا النظام الاستبدادي المجرم، بفضل من الله تعالى، ومن ثم بتضحيات شعبنا وصبره، الذي كان نموذجاً يحتذى في هذا الإطار، لا بد أن يعيد شعبنا السوري ترتيب الأولويات لوضعه الداخلي عموماً، ولا نعتقد أن هناك اختلافاً كبيراً بين أطراف ومكونات شعبنا، خاصة وأن هدفهم كان واحداً ويجمعهم وطن واحد بلا تفرقة ولا إقصاء، على قيم العدل والحرية والكرامة والحقوق، ولن يعجز شعبنا بكل أطيافه أن يوجد وضعاً سياسياً مناسباً يحقق مصلحة الشعب ويبني الوطن.
سورية جزء من الأمة العربية والإسلامية والأصل بناء علاقات متوازنة ومصالح مشتركة مع دول العالم
ما شكل العلاقات الخارجية وآليات التعامل مع المجتمع الدولي في المرحلة المقبلة؟
– الأصل في هذا أن سورية جزء من الأمة العربية، وكذا الإسلامية، ومثلها العلاقات العالمية، والأصل أن تبنى علاقات متوازنة في كل هذه المنظومات، والابتعاد عن الخلافات، والسعي لتحقيق مصلحة الشعب السوري والمصالح المشتركة بين سورية وجميع دول العالم، على قانون السيادة والمصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
كيف يتجنب ثوار سورية أخطاء ثورات «الربيع العربي» التي حدثت خلال السنوات الماضية، لحماية مكتسبات الثورة؟
– هذا سؤال جيد، وبسبب ما عاناه السوريون لمدة طويلة وسنوات صعاب في اقتلاع نظام طائفي مجرم، قدم شعبنا السوري أكثر من مليون شهيد ومفقود ومعتقل، وأكثر من 13 مليون مشرد ولاجئ ونازح، ومدن دمرها النظام وداعموه.. كل ذلك يدعونا إلى الاستفادة ربما من أخطاء الآخرين، وأيضاً من الخبرة الطويلة لسنوات مر فيها شعبنا بأصعب الظروف، كل ذلك يدعونا إلى التشبث بمكتسبات ثورتنا، بل والدفاع عنها لنحافظ على حياة حرة وكريمة.
نحن ضد أي عمليات انتقامية فردية ونطالب بتحقيق العدالة وملاحقة المتورطين ومحاسبة المجرمين
شكل الحكم المحلي؛ هل تسير سورية نحو اللامركزية الإدارية أم التمسك بالحكم المركزي؟
– المهم التأكيد على وحدة سورية، بكل معاني الوحدة ومحتوياتها، ومقاومة التقسيم بكل الوسائل المشروعة، وما عدا ذلك يمكن أن يكون من خلال عقد اجتماعي يتم التوافق عليه.
كيف يمكن تحقيق العدالة الانتقالية دون خلق موجات انتقامية جديدة؟
– نحن ضد أي عمليات انتقامية فردية عشوائية، ونحن بالتأكيد مع تحقيق العدالة بملاحقة المتورطين ومحاسبة المجرمين الذين أجرموا في حق شعبنا السوري الأبي، ومعاقبة الذين تلطخت أياديهم بدماء شعبنا وارتكبوا أفظع المجازر ضد المدنيين، لا بد من تحقيق العدالة من خلال القضاء العادل، ومن واجب الدولة أن تحافظ على السلم والأمن المجتمعي، وألا تسمح بالانجرار نحو الفوضى التي يسعى لنشرها أزلام النظام الفاشي المنهزم.
كيف ستعيد المعارضة ترميم النسيج الاجتماعي بعد سنوات من الانقسام الطائفي؟
– لم تكن سورية تعاني أبداً من الانقسام الطائفي قبل مجيء حكم عائلة الأسد المجرمة، هم الذين لعبوا على وتر الطائفية والأقلية والأكثرية، وهم الذين سعوا إلى خلق الطائفية وتخويف الأقليات من الأكثرية وزعزعة الأمن والسلم المجتمعي العام، ليخلقوا المبرر الباطل لوجودهم في الحكم وهو «حماية الأقليات»، لذلك نقول: إن الطائفية قد ذهبت مع نظام الأسد ولن تعود للسوريين، وإن شعبنا السوري الحر يكره الطائفية ولن يكون طائفياً، ولن يسمح بممارستها ضد أحد، وسنكون جميعنا على قاعدة السواء الوطني.
الطائفية ذهبت مع نظام الأسد إلى غير رجعة وشعبنا الحر لن يسمح بممارستها ضد أحد
ما مصير اللاجئين السوريين بعد سقوط الأسد؟
– ستكون العودة الآمنة والكريمة عنوان المرحلة لجميع الذين تهجروا ولجؤوا ونزحوا خوفاً وحفاظاً على حياتهم من بطش النظام المجرم، وسيساهمون في بناء بلدهم ونهضة وطنهم.
ما مستقبل جيش «قسد» المدعوم من الولايات المتحدة في المشهد السوري الجديد؟
– الكرد مكون أصيل من مكونات الشعب السوري، وقد وقع عليهم ظلم كبير أيام النظام البائد، ينبغي أن يطبق في شأنهم قانون السواء الوطني، ويُمنحوا حقوقهم كاملة بكل مستوياتها، أما «قسد» فهي مشكلة من مشكلات الواقع السوري، وتمثل خطراً كبيراً في الجسم السوري، وهي منظمة إرهابية، ولا بد من التخلص من هذه الحالة، المرفوضة جملة وتفصيلاً، فلا مستقبل لـ«قسد» في المرحلة المقبلة، والحل يكون بتخليهم عن السلاح والاندماج في المجتمع السوري الجديد، الذي نرجو ألا يُظلم فيه أحد.
سورية تحتاج إلى كل أبنائها الأحرار والخيرين بالعالم من العرب والمسلمين والمنظمات الدولية
هل لكم من كلمة أخيرة؟
– أقول: الحمد لله على زوال هذا النظام، وسنعمل مع القائمين على الأمر على ترسيخ الأمن والاستقرار، وبناء سورية العدل والحرية وتحصين الحقوق، فسورية تحتاج إلى كل أبنائها وكل الخيرين في العالم من العرب والمسلمين والمنظمات الدولية، والمؤسسات العالمية، كما أتمنى من كل السوريين أن يكونوا يداً واحدة نتعاون لنبني هذا البلد، وأرجو نبذ الفرقة والشقاق؛ (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2).
وأقول لأشقائنا في الدول العربية: سورية اليوم ليست كما هي لما كان نظام الإجرام، سورية اليوم والغد، بعيدة عن «الكبتاجون» والإرهاب والتآمر، وستكون لكم عوناً وسنداً.