كتاب «صناعة الهولوكوست.. تأملات حول استغلال معاناة اليهود» عمل نقدي للأكاديمي والباحث اليهودي الأمريكي نورمان فنكلشتاين صدر عام 2000م، ويتناول فيه موضوع «محرقة اليهود» من زاويتين رئيستين؛ الأولى: تتعلق بتفسير صناعة الرواية حول «الهولوكوست»، والثانية: تركز على كيفية استغلال تلك الرواية لأغراض سياسية وتجارية.
الكتاب أثار جدلاً واسعًا، حيث تعرض لانتقادات من قبل بعض الأوساط اليهودية والصهيونية، وترجم إلى اللغة العربية مرتين؛ الأولى: بواسطة سماح إدريس عام 2000م، والثانية: بواسطة سعود عطية عام 2001م.
ينتقد فنكلشتاين الاستخدام المفرط والمضلل لتاريخ «الهولوكوست» من قبل بعض الجماعات والمنظمات، خاصة تلك التي تستفيد من إدامة صورة الضحية اليهودية.
ويرى أن بعض المؤسسات اليهودية، مثل منظمة «الاتحاد اليهودي الأمريكي»، قد استغلت «الهولوكوست» كأداة ضغط سياسي لتحقيق مصالحهم، مثل تعزيز الدعم العسكري والمالي لدولة الاحتلال.
كما يوجه نقدًا حادًا إلى بعض الأكاديميين الذين يعملون على تثبيت صورة «الهولوكوست» كحدث فريد لا يمكن التشكيك فيه، رغم أن الكتاب يدعو إلى الاعتراف بالفظائع التاريخية الأخرى مثل الإبادة الجماعية للأرمن.
فنكلشتاين يقارن «الهولوكوست» بمعاناة الأقليات الأخرى التي تعرضت للاضطهاد والإبادة في أماكن مختلفة من العالم، محذرًا من استخدام «الهولوكوست» بشكل انتقائي للضغط على الشعوب أو تشويه الحقائق التاريخية.
يقول الإعلامي أحمد منصور، في مقابلة لـ«برنامج بلا حدود»، مع مؤلف الكتاب عام 2004م: على الرغم من أن الكتاب لا يتجاوز 160 صفحة، إلا أن عدد المقالات التي كُتبت عنه لا يُعد بالعشرات، بل بالمئات، وقد نُشرت في معظم الصحف الغربية، خاصة الرصينة والمشهورة.
وأضاف منصور أن الكتاب يقدم دراسة جريئة تكشف عن صناعة «الهولوكوست»، وتكشف عن الجماعات التي تقف وراءها وأهدافها، وكذلك الوسائل والأساليب التي يعتمدها اللوبي اليهودي لابتزاز دول العالم.
كما يتطرق الكتاب بحسب منصور إلى كيفية حصول هؤلاء على عشرات المليارات من الدولارات كتعويضات لضحايا «الهولوكوست»، ليتم توزيعها لاحقًا على «إسرائيل» والجماعات اليهودية، بالإضافة إلى طبقات المحامين والمستفيدين الآخرين.
محاور الكتاب الرئيسة
1- صناعة «الهولوكوست»:
يشير الكتاب إلى أن «الهولوكوست» قد أصبح جزءًا من صناعة ثقافية وتاريخية تستفيد منها مجموعة معينة، وكيف استطاع اليهود استغلال هذه المعاناة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وتجارية واجتماعية، ويوجه انتقادات حادة للمؤسسات الصهيونية واليهودية التي يستفيد بعضها من هذه المعاناة.
2- الاستغلال السياسي:
يشرح الكتاب كيف تستخدم «الهولوكوست» من قبل بعض القوى السياسية لتحقيق مصالح خاصة، وكيف يتم استغلاله كأداة للتلاعب السياسي والاقتصادي مع التركيز على كيفية استغلال المؤسسات الصهيونية وبعض الحكومات لهذا الحدث التاريخي من أجل تحقيق مكاسب مادية ومعنوية.
3- التشكيك في الرواية الرسمية:
يدعو المؤلف إلى نقد ومراجعة بعض من المواقف الأكاديمية والإعلامية المتعلقة بـ«الهولوكوست»، والمبالغة في تقديم أحداثه من أحل خلق رأي عام وصناعة واسعة حوله مما يؤثر على الفهم الموضوعي حول الأحداث التاريخية لصالح اليهود.
4- دور «إسرائيل» في استغلال «الهولوكوست»:
يتناول كيف استخدمت دولة الاحتلال «الهولوكوست» كوسيلة لتعزيز شرعيتها السياسية ودعمها الدولي، وكيف يتم استغلاله لتبرير سياسات «إسرائيل» ضد الفلسطينيين وكسب التعاطف الدولي تجاههم وتعزيز موقفها في الصراع.