أعلن اتحاد المجامع اللغوية بالقاهرة الانتهاء من المعجم التاريخي للغة العربية في 127 مجلداً، واصفاً العمل بأنه إنجاز غير مسبوق، وجاء الإعلان خلال احتفال نظمه الاتحاد في مقره بالقاهرة، السبت 28 ديسمبر 2024م، تحت عنوان «المعجم التاريخي.. إنجاز القرن وأيقونته العلمية».
بدأ الاحتفال بعرض لفيلم تسجيلي عن رحلة إنجاز المعجم، الذي ولدت فكرته على يد صاحب السمو حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، حيث تولى رعاية المشروع وتمويله من بدايته وحتى الانتهاء منه.
د. الشافعي: المعجم أكبر شهادة للعقل العربي بالقدرة على الإنجاز
وفي كلمته، أكد أ.د. حسن الشافعي، رئيس اتحاد المجامع اللغوية، أنه يشعر بالفخر والرضا والامتنان لله كونه واحداً من المشاركين في هذا الجهد، وقال: احتفالنا اليوم هو احتفال بأكبر إنجاز لغوي في العالم، مشيراً إلى أن المعجم أكبر شهادة للعقل العربي بالقدرة على الإنجاز.
لسنا ظاهرة صوتية
وقال د. الشافعي: ليس العرب، أيها الشانئون، ظاهرة صوتية، بل لديهم القدرة على صناعة الإنجازات إن توافرت الإرادة لذلك.
واختتم رئيس اتحاد المجامع اللغوية كلمته مؤكداً أنه وبإصدار المعجم التاريخي للغة العربية نكون قد قضينا دَيْناً للغتنا العربية في رقابنا جميعاً، فهي على عراقتها كانت تفتقد معجماً تاريخياً.
شهادة من «يونسكو»
من جهته، أكد د. عبدالحميد مدكور، الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية، أن منظمة «يونسكو» شهدت بأن المعجم التاريخي الذي أصدره اتحاد المجامع اللغوية أهم إنجاز ثقافي في العصر الحديث.
وقال: «يونسكو» أصدرت شهادة موثقة تقر بكون هذا المعجم «أكبر معجم تاريخي عرفته البشرية».
د. مدكور: «يونسكو» أصدرت اعترافاً مكتوباً بأنه أكبر معجم تاريخي عرفته البشرية
ولفت د. مدكور إلى أن كل اللغات العريقة قد صنعت معاجم لنفسها، وكانت أعرقها وهي اللغة العربية جديرة بهذا العمل، والحمد لله ملئت هذه الثغرة ولم يعد هناك فراغ فيما يتعلق بتاريخ لغتنا العربية على هذا النحو الكبير في 127 مجلداً.
تحديات ثلاثة
وعن التحديات التي واجهت المشروع، تحدث أ.د. محمد صافي المستغانمي، أمين عام مجمع الشارقة اللغوي، مؤكداً أنها لم تخرج عن 3 تحديات أساسية تم التغلب عليها.
وقال: واجهنا تحديات ثلاثة كانت تمثل عقبات في طريق الإنجاز، وهي اتساع التراث اللغوي العربي بصورة لا توجد في أي لغة أخرى، ما بين الشعر والنثر والقرآن وكتب السُّنة وشروحها ومتون العلوم وغيرها، وهو ما اقتضى جهداً مضاعفاً من فرق العمل.
وعن ثاني التحديات أشار د. المستغانمي إلى أنه الجانب المادي، الذي يعتبر أكبر العقبات في طريق أي مشروع موسوعي كبير، لافتاً إلى أن الشيخ سلطان القاسمي ذلل هذا التحدي وأنفق على المشروع من ألفه إلى يائه، حسب تعبيره.
وقال: الشيخ القاسمي كان يتابع أولاً بأول ويذلل أي عقبات تعترض طريقنا.
وأوضح المستغانمي أن التحدي الثالث الذي واجه فكرة المعجم التاريخي توحد العرب وتعاونهم في إنجاز عمل كبير كهذا، مشيراً إلى أن المعجم شهد تعاوناً من 13 مجمعاً عربياً شاركت في إنجازه، عبر أكثر من 500 باحث، و200 إداري، شاركوا في هذا الإنجاز.
لا للمشككين
ورداً على سؤال حول المدة التي استغرقها إنجاز المعجم وهي 7 سنوات، في حين استغرق «معجم أكسفورد»، على سبيل المثال، 70 سنة، رفض المستغانمي التشكيك قائلاً: إنه في غير محله.
د. المستغانمي: 13 مجمعاً لغوياً و500 باحث و200 إداري شاركوا في إنجاز المعجم في 7 سنوات
وقال: عندما كان صناع «معجم أكسفورد» ينجزون عملهم لم يكن هناك إنترنت ولا حاسوب ولا ذكاء اصطناعي، ولذا خاضوا 70 سنة أو أكثر، بل إن الألمان كتبوا معجمهم في 138 سنة، نظراً للطرق البدائية القديمة، أما نحن فقد قطعنا 7 سنوات ونصف سنة تقريباً في عمل دؤوب بصحبة التكنولوجيا التي سخرها الله عز وجل لخدمة العربية التي هي لغة القرآن.
وأشار أمين عام مجمع الشارقة إلى أن تفاصيل العمل ودقائقه كلها تمت من خلال التكنولوجيا في أدق صورها، وبالتالي فإن تشكيك هؤلاء ليس في محله، وفقاً لتعبيره.
وإجابة عن سؤال آخر عن ماذا بعد المعجم التاريخي؟ قال المستغانمي: أعددنا خطة قوية في مجال الذكاء الاصطناعي لتسهيل التعامل مع معجمنا التاريخي، لافتاً إلى أن العمل فيه لن يتوقف تطويراً وتهذيباً وإضافة.
ودعا إلى أن يكون في جامعاتنا مواد تخصص للحاسوبيين واللغويين، حتى نستطيع تطويع التقنيات الحديثة لخدمة اللغة العربية.