حُلْمٌ على جَنَبَاتِ الشـامِ أَم عيدُ لا الهمُّ همٌّ ولا التسهيدُ تسـهيدُ
أتكذبُ العينُ والرايـاتُ خافقةٌ؟ أَمْ تكذب الأذْن، والدّنيا أغاريــدُ؟
الله أكبر ولله الحمد.. هذا يومٌ من أيامِ الله.. يوم هروب الطاغية الباغي الأظلم الأهبل بشار الأسد من الشام خاسئاً مدحوراً تلاحقه اللعنات، وتُصَبُّ عليه الويلات، وترميه الشتائم والمسبَّات.
قد فرَّ الجُرْذُ فلا رجَعَا وأزالَ عن القلب الوجعا
طاغوتٌ كان بساحتنا ما راءٍ فيهِ كَمَنْ سمعا
يومَ الثامن من كانونْ..
يا أجملَ يومٍ في الكونْ..
يا يوم الفرح المكنونْ..
الحمد لله وحده، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ..
اليومَ قرَّت عيني وحقَّ لها، بعد طول عناءٍ ومرارةٍ وقهر..
اليوم سُرَّت نفسي بعد طول حزنٍ وألمٍ ووجع..
اليوم شُرح صدري بعد طول ضيقٍ وضَنْكٍ وضَيم..
الحمدُ للهِ على ما أنعمَا حمدًا بملءِ الأرضِ طرًّا والسَّمَا
لا شيءَ يعدلُ فرحةَ النصرِ!
جرَّبتُ أصنافَ الفرحْ..
وعرفتُ أصنافَ الحزْنْ..
فلم أذقْ أحلى من فرحة النصرْ..
ولم أتجرَّعْ أمرَّ من مرارة القهرْ!
(قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس: 58).
سروري لا يعادلُهُ سرورُ يكادُ القلبُ من فرحٍ يطيرُ
أحقاً قد تحرَّرَتِ الشامُ وزالَ الغمُّ وارتاحَ الضميرُ
عدتُ من صلاة الفجر يوم الأحد السابع من جمادى الآخرة 1446هـ، الموافق للثامن من ديسمبر 2024م، لأسمعَ أعظم بشرى في حياتي، بشرى اندحار الظلم والطغيان عن بلدي.. عن أهلي.. عن وطني.. عن شعبي.. عن نفسي.. عن كل من عنده مسكة من إنسانية..
لأن الذي هرب ليس عدوَّ الشام فحسبْ.. وليس عدوَّ الدين فحسبْ.. وليس عدوَّ الشعب فحسبْ.. وليس عدوَّ العرب فحسبْ.. وليس عدوَّ الأمم فحسبْ.. إنه عدوُّ الله سبحانه.. وعدوُّ الإنسانية على اختلاف ألوانها، وأشكالها، ومللها، وأديانها، وعروقها، وأنسابها..
بل هو عدو البشر، والحجر، والشجر، والـمَـدَر.. عدوّ المآذن، والمساجد، والكنائس، والمعابد.. إنه عدو الطفل، والمرأة، والابن، والابنة، والأم، والأب.. عدو الطفل الذي يتَّمه.. والمرأةِ التي رمَّلها.. والابنِ الذي قتله.. والابنةِ التي استباحها.. والأمِّ التي أثكلها.. والأبِ الذي قهره.. والأسرةِ التي شردها..
بل هو عدو المآذنِ التي نسفها.. والبلادِ التي دمرها.. والمدنِ التي أبادها.. والأمةِ التي نكبها.. والخيمةِ التي قوَّضها.. والنفوسِ التي روَّعها.. والأجسادِ التي عذَّبها.. والأرواحِ التي أزهقها.. والأَسْرى التي اعتقلها..
إنه عدو الدنيا بأسرها.. والنُّعْمَى برَغَدِها.. والحريةَ والكرامةَ بكل معنى من معانيها.. إنه حاويةُ شرٍّ، وسوء وبغيٍ وعدوان.. ليس مثلها حاوية!
وإني لأتساءل والله وأنا أخاطبه، لا جمعني الله به، ولا كان: أيُّ سوءٍ ليس لكْ؟! أيُّ شرٍّ ليس فيكْ؟! أيَّ ذنبٍ لم تقترفْ؟! وأيَّ خطيئةٍ لم ترتكبْ؟!
جحيماً أيها الأسدُ خسِئتَ ويخْسَأ الولدُ
وتحيا أمةٌ شهدَتْ بأنَّكَ شرُّ مَنْ تلِدُ
فكما تنفي العينُ قَذاها.. وكما ترمي النفسُ أذاها.. وكما تنفي النارُ خَبَثَها.. وكما تنفي المدينةُ شِرارَها.. نفتِ الشام ضُرَّها وبَلواها.. ولفَظَت جاحمَها وأخرجت أشقاها..
مَنْ كان يحسب أن الشامَ تلفظهمْ وأن طيفهمُ في الشامِ مفقودُ
هلِّلي يا شامُ وكبِّري، وصلِّي وسبِّحي، واسجدي لله واركعي.. واحمدي المولى على جميل عطاياه، فهو المنعم والمتفضل، وإن فَتْحَك لآيةٌ من آياتِ الله، وفتحٌ من فتوح التاريخ، سيذكره الناس، وترويه الرواة، ويتغنَّى به الشعراء والخطباء، وتُكتَبُ فيه القصص والروايات.
ويغدو طغاةُ الشام أحاديثَ بعد أن مزَّقهم اللهُ كلَّ ممزَّق.
فتحُ الْفُتُوحِ تَعَالَى أَن يُحِيطَ بِهِ نظمٌ من الشّعْرِ أَو نثرٌ من الْخطبِ
فتحٌ تَفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاء لَهُ وتبرزُ الأَرْض فِي أثوابها القُشُبِ
وستغدو الشام أحلى.. والعيشُ أرغد.. والدنيا أجمل.. إن شاء المولى سبحانه.
ما أحْلَى الشامَ بلا أسَدِ أحبِبْ بالعيشِ بلا نَكَدِ
سُحْقًا، بُؤسًا، تَعْسًا، لَعْناً للظالمِ يَطْغَى في البلدِ
ويلُ أمِّ الباغي وزُمْرَتهِ ويلٌ لأبيهِ وللولدِ