تعيش مستشفيات قطاع غزة واقعاً حرجاً للغاية، بعد إعلان شركات النظافة والتغذية توقفها التام عن تقديم خدماتها للمرضى; بسبب عدم تلقي العاملين فيها مستحقاتهم منذ ستة أشهر.
الهندي: لن نستطيع إكمال عملنا داخل المستشفيات لعدم صرف المخصصات
القدرة: تواصلنا مع حكومة التوافق دون جدوى واستمرار الأزمة ينذر بكارثة صحية
خوف وقلق يسيطر على نفوس المرضى جرّاء استمرار الأزمة
تعيش مستشفيات قطاع غزة واقعاً حرجاً للغاية، بعد إعلان شركات النظافة والتغذية توقفها التام عن تقديم خدماتها للمرضى; بسبب عدم تلقي العاملين فيها مستحقاتهم منذ ستة أشهر.
وقال أحمد الهندي، الناطق باسم شركات النظافة: إن الشركات سرّحت 750 عاملاً مقسمين على 9 شركات عاملة في المستشفيات؛ نتيجة عدم تلقيهم مستحقاتهم المالية، وأضاف الهندي في حديثه: نحن لن نستطيع إكمال عملنا داخل المستشفيات لعدم صرف المخصصات؛ لأن موردي البضائع والعاملين يريدون رفع قضايا على الشركات لتراكم الديون، موضحا أن الشركات تواصلت مع جميع المسؤولين في الحكومة لكن لا يوجد ردود ولا وعود بحل الأزمة.
ويأتي الإضراب الشامل والمفتوح الذي اتخذته شركات التغذية والنظافة بعد تنفيذ عدة إضرابات جزئية في كافة مستشفيات قطاع غزة؛ في محاولة لتسليط الضوء على معاناتهم المتمثلة في عدم دفع مستحقاتهم المالية دون أن ترى أي تجاوب من قبل الأطراف المعنية.
ويتبع العمال لشركات تجارية خاصة، تقدم خدماتها لوزارة الصحة مقابل مكافآت مالية شهرية.
أزمات عديدة:
الأزمات التي تعصف بالقطاع الصحي اليوم تتمثل في ستة أركان حيوية، كما يقول الناطق باسم وزارة الصحة د. أشرف القدرة، في حديثه لـ”المجتمع”، وهي: شح الوقود اللازم لتشغيل المولدات وسيارات الإسعاف والنقل الصحي، وكذلك توقف خدمات شركات النظافة والتغذية في كافة مستشفيات قطاع غزة عن تقديم خدماتها للمرضى، إلى جانب عدم توافر المصاريف اللازمة لتدبير شؤون الوزارة المالية، بالإضافة إلى عدم تلقي 60% من موظفي وزارة الصحة رواتبهم للشهر السادس على التوالي، وعدم توافر 30% من الأدوية و55% من المستهلكات الطيبة الرئيسة والتخصصية، ولفت القدرة إلى أن تفاقم هذه الأزمات ينذر بتدهور مجمل الخدمات الصحية بشكل متسارع، في ظل غياب حكومة التوافق تجاه قطاع غزة ولاسيما المرضى.
اتصالات غير مثمرة:
وفيما إذا كان هناك تواصل مع وزارة الصحة في حكومة التوافق الفلسطيني لحل الأزمة قبل أن تتفاقم، يقول الناطق باسم وزارة الصحة: تواصلنا بشكل مباشر مع وزير الصحة، وكافة الأطراف المعنية لرفع المعاناة, إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات فاعلة من قبل الحكومة لإنهائها, مما يشكل حملاً متصاعداً أمام المرضى والطواقم الطيبة، وبالتالي سنكون أمام خيار صعب للغاية بتوقف العديد من الخدمات الصحية والمرافق الحيوية للتخفيف من حدة الأزمة ومن من آثارها على المرضى.
وتأتي هذه الأزمات في ظل ما يشهده القطاع الصحي من تدهور واضح في كافة الطواقم الطبية والخدمات اللوجستية; نظرً للحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 8 سنوات، حيث يعد القطاع الصحي من أكثر القطاعات التي تضررت جراء استمرار إغلاق المعابر, وعدم توريد الأدوية والمستهلكات الطبية، والأجهزة اللازمة لإجراء العمليات الجراحية للمرضى؛ مما سبب خطراً على صحة العديد من المرضى الذين لقي بعضهم حتفه نتيجة هذه الأزمات المتلاحقة والتي تتفاقم يوماً بعد يوم.
انعكاسات خطيرة:
المواطنون المرضى الموجودون في المستشفيات يعبّرون عن خوفهم وقلقهم إزاء الواقع الذي يعيشونه داخل المستشفيات، ويتخوفون من أن يكون المكان الذي ذهبوا إليه ليساعدهم على التخلص من أمراضهم وأوجاعهم سبباً في تفشي المرض، بل والإصابة بأمراض أخرى إذا ما واصلت شركات النظافة إضرابها عن العمل؛ ما دفع بعض ذوي المرضى إلى أن يصرخوا بصوت عالٍ داخل المستشفى يطالبون بالتدخل السريع لإنقاذ حياة مرضاهم الذين باتت تهدد صحتهم الروائح الكريهة المنبعثة من الدم ومخلفات الأدوية، مطالبين الأطراف المعنية بتحميل مسؤولياتهم.
وحذر د. أشرف القدرة في حديثه الخاص لـ”المجتمع” من تراكم القاذورات المدمّمة والجراثيم والميكروبات؛ نتيجة إضراب شركات النظافة عن العمل؛ مما ينعكس على صحة المريض وانتشار العدوى، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه أن ينتقل إلى المجتمع، وأوضح القدرة أن الطواقم الطبية في ظل عدم توافر الموارد التي تساهم في إتمام العمل ستكون غير قادرة على تقديم خدماتها، وستتوقف العمليات الجراحية في المستشفيات, لافتاً إلى أن الوزارة أعلنت حالة الطوارئ في كافة المستشفيات والعيادات الصحية وإغلاق بعض المراكز الصحية.
وأشار القدرة إلى أن توقف الشركات عن عملها سيكون له تداعيات خطيرة على 113 طفلاً في حضانات المستشفيات، و100 مريض راقد في أقسام العنايات الفائقة، ومئات المرضى الراقدين في أقسام المستشفيات، وتوقف العمليات الجراحية لمئات المرضى في 45 غرفة عمليات جراحية، بالإضافة إلى توقف عمليات الولادات القيصرية في مستشفيات الولادة.
إدارة الأزمة:
وحول طبيعة إدارة الأزمة أمام هذا الواقع الذي تعيشه مستشفيات قطاع غزة، بيّن القدرة أن الوزارة تدير الأزمة يوماً بيوم، وتحاول لملمة ما تبقى من موارد لتأمين الخدمة الصحية بحدها الأدنى، إلا أن إدارة الأزمة تحتاج إلى مقومات لاستدامتها قائلاً: “إنه في ظل غياب الحاضنة الحكومية الرسمية، وعدم تلقي المساعدات والإمكانيات، فإننا سنكون في المستقبل القريب غير قادرين على إدارة الأزمة بالشكل الذي يضمن استمرار الخدمات بحدها الأدنى.
احتياجات:
وفيما يتعلق باحتياجات القطاع الصحي في غزة، كشف القدرة أن القطاع يحتاج 750 لتر سولار لتشغيل المولدات الكهربائية شهرياً، إضافة إلى 30 ألف لتر من السولار لتشغيل سيارات الإسعاف، و15 ألف لتر بنزين لتشغيل سيارات الإسعاف والنقل الصحي، إلى جانب70 ألف دولار شهرياً لتغطية خدمات التغذية في مستشفى الشفاء الطبي، و150 ألف دولار لشركات النظافة العاملة في المستشفيات.