حكايات صادرة من زنازين السلطات المصرية، تروي تفاصيل موجعة للضمائر الحية، حكايات يتألم أصحابها بقدر ربما لا يفوقه إلا آلام ذويهم الذين منعوا من زيارتهم، وصار أقصى الأمل ليس بأن ينالوا حريتهم بل أن ينالوا رعاية صحية وأن يراهم ذووهم.
لا تخفي الحكومة المصرية إحساسها بصداع “حبس الصحفيين”؛ نظراً لقوة المنظمات الصحفية الأجنبية التي تلاحق المسؤولين المصريين بمختلف المستويات أينما حلوا أو ارتحلوا، ليكون السؤال المنتظر والذي لا يغيب أبداً عن أي مؤتمر صحفي هو: لماذا لا تحبسون الصحفيين؟
لجنة الحريات بنقابة الصحفيين دشنت مؤخراً أسبوعاً حمل عنوان “هنعالجهم ونخرجهم، الصحافة مش جريمة”، يشمل عدة فعاليات مهمة بدأت بمؤتمر صحفي الإثنين الماضي حول أوضاع سجناء الرأي، وسط تغير وقع مؤخراً بحصول أسرة الصحفي حسن القباني المتهم في قضية تخابر مع النرويج وقطر والمحبوس بسجن “العقرب” على حكم قضائي ضد وزارة الداخلية.
الحكم صدر من الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري في الدعوى (رقم 54254 لسنة 69 ق) بتاريخ 27 أكتوبر الماضي، ومن المنتظر أن يتوجه محامي النقابة وزوجة الصحفي لتنفيذ الحكم هذا الأسبوع.
شهادات ذويهم
تقول آية علاء، زوجة القباني: إنه تطور مهم في ظل حالة انسداد كامل وتجاهل تام من السلطة لكل المطالبات والالتماسات التي تقدمت بها وباسم رابطة الدفاع عن سجناء “العقرب”، حيث يقال لي في كل مرة: إن لهذا السجن لوائح خاصة به؛ لأن من يقبع به هم السجناء شديدو الخطورة.
وتضيف حسن: تم التحقيق معه الأربعاء مجدداً، ليكمل العام قريباً رهن الحبس الاحتياطي علي ذمة هذه القضية التي لم يتم السماح للمحامي حتى بالاطلاع على أي من أوراقها ولا نعرف حيثيات الاتهام فيها، حتى يتمكن المحامي من تحضير دفاعه، ومصدر الدهشة في القضية هي في كونها تخابراً مع النرويج التي ربما لا يعرف القباني موقعها على الخريطة!
آخر الصحفيين الذين التحقوا بقطار الاحتجاز على ذمة قضايا الانتماء لجماعة “محظورة” كان الصحفي عبدالرحمن أبوعوف الذي داهمت منزله فجراً قوة أمنية وقامت بمصادرة جهاز اللابتوب الخاص به وحققت معه في منزله، ثم تم عرضه علي النيابة صباحاً ليتم حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيق أتبعوها بـ15 أخرى، وفق ما تحكيه والدته للجنة الحريات وهي تقسم أن ابنها لا ينتمي لأية جماعات، وأن المسألة ترجع لشكوى كيدية من شخص بينه وبين ابنها نزاع على مبانٍ هدده على إثرها بأنه “هيوديه في داهية”.
الحالة الصحية
وأكد رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين خالد البلشي أنه يتلقى العديد من الشكاوى الخاصة بحالات سجناء الرأي من الصحفيين، مشيراً إلى أن بعضها يؤكد تدهور صحة عدد منهم بشكل يستدعي التدخل العاجل للعلاج، ومنهم حالة الصحفي هاني صلاح الدين الذي يعاني من ورم يستدعي فحصه لتبيان خطورته، وذكر أن نقابة الصحفيين تقدمت الإثنين الماضي بمجموعة من البلاغات للنائب العام للمطالبة بإخلاء سبيل وتوفير العلاج لـ18 زميلاً صحفياً من أعضاء النقابة أو الممارسين للمهنة، والمحبوسين في السجون.
وطالبت النقابة بتوفير الرعاية الصحية العاجلة لـ 8 صحفيين يعانون من أوضاع صحية بخلاف طلبات بالعفو وإخلاء سبيل 7 صحفيين وتجديد الطلبات القديمة في هذا الإطار، إضافة لبلاغ للمطالبة بإخلاء سبيل 5 زملاء محبوسين على ذمة قضية غرفة عمليات رابعة بينهم هاني صلاح الدين، وأحمد سبيع الذي انتهت مدة حبسه احتياطياً، وعبدالله الفخراني، وذلك بعد صدور حكم محكمة النقض بإلغاء الحكم الصادر فيها وإعادة القضية للمحاكمة في جلسة الخميس الماضي 3 ديسمبر.
ولفتت النقابة إلى أن جميع الصحفيين المحبوسين على ذمة القضية تجاوزوا فترة الحبس الاحتياطي، ولم يصدر قرار من محكمة النقض بتجديد حبسهم طبقاً للتعديلات الأخيرة على قانون الحبس الاحتياطي؛ وهو ما يقتضي معه صدور قرار بإخلاء سبيلهم جميعاً.
أسماء المعتقلين
وأعلن خالد البلشي خلال مؤتمر عقد الأربعاء الماضي في النقابة لأسر السجناء قائمة بأسماء الصحفيين الذين تم تقديم طلبات توفير الرعاية الصحية لهم وهم: الصحفي يوسف شعبان، حيث إنه يعاني من فيروس “سي” أو ما يسمى التهاب الكبد الفيروسي، والصحفي هاني صلاح الدين رمزي، يحتاج لإجراء جراحة عاجلة لإنقاذ حياته وإزالة ورم بالبروستاتا تم اكتشافه خلال فحص أجري له مؤخراً، فضلاً عن أنه يعاني من التهاب حاد بالشبكية، الأمر الذي يهدده بفقد البصر إلى جانب إصابته بمرض السكر، الصحفي محمود عبدالشكور أبو زيد عطية، المصور بوكالة “ديموتكس” والمودع بسجن استقبال طره، حيث يحتاج لنقله لأحد المستشفيات، حيث إنه يعاني من فيروس “سي”، مما يعرض حياته للخطر، الصحفي محسن يوسف السيد راضي، حيث إنه يعاني من خشونة متقدمة بالركبة اليمنى، وخشونة بالفقرات العنقية، بالإضافة إلى أنه يعاني من الضغط والسكر، الصحفي محمد صابر البطاوي، حيث يعاني الصحفي من غياب الرعاية الصحية وسوء الأوضاع الذي تسبب في إصابته بمرض جلدي مما يحتاج معه لتدخل علاجي ورعاية خاصة، الصحفي مجدي أحمد حسين، رئيس تحرير جريدة “الشعب” والذي يعاني من أمراض مزمنة خاصة في ظل تقدم عمره، كما يعاني من مشكلة صحية خطرة بالعين؛ الأمر الذي يهدد بفقدانه للنظر، الصحفي أحمد سبيع، حيث إنه يعاني من التهابات وآلام مزمنة في الغضروف؛ مما يؤثر على حركته، فضلاً عما له من تأثير على حالته الصحية، الصحفي حسن محمود القباني والذي يعاني طبقاً للشكوى الواردة للنقابة من أمراض مزمنة تحتاج للتدخل العلاجي فضلاً عن منع الزيارة عنه لفترات طويلة ومنع دخول الملابس الشتوية له مما يهدد حياته ويعرضها للخطر.
وأعلن البلشي أن قائمة أسماء الصحفيين الذين طالبت النقابة بإخلاء سبيلهم ضمت محمد صابر البطاوي، ومحمود مصطفى، وحسام الدين السيد، وهشام جعفر، ومحمد علي حسن، وعبدالرحمن محمد عبدالرحمن، ومحمد علي صلاح، بخلاف تجديد الطلبات القديمة بإخلاء سبيل الصحفيين الذين مازالوا قيد التحقيق والعفو عمن صدرت بحقهم أحكام بالحبس والسجن.
وطالب البلشي خلال وزارة الداخلية بسرعة تنفيذ الحكم الذي حصلت عليه زوجة الصحفي حسن محمود القباني، والخاص بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تمكينها من زيارة زوجها الزيارة الاعتيادية دون حواجز وأسلاك مرة واحدة أسبوعياً، مشيراً إلى شكاوى زوجة الصحفي للجنة الحريات من منع الزيارة عنه لمدة اقتربت من 3 شهور ورفض الوزارة تنفيذ الحكم.
وأشار البلشي إلى أن النقابة تقدمت أيضاً بطلب للنائب العام للتصريح لأعضاء المجلس ولجنة الحريات بها بزيارة جميع الصحفيين المقيدة حريتهم؛ وذلك للاطلاع على أحوالهم الصحية والمعيشية، وإعداد تقرير للعرض على المجلس والرد على الشكاوى الواردة ولتقديم ما يلزم من رعاية صحية ومعيشية لهم.