تناول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العديد من الموضوعات المتعلقة بتركيا، والتطورات بالمنطقة، في حواره مع قناة “الجزيرة” القطرية، الذي تم بثه مساء أمس الجمعة.
وحول الملف العراقي، قال أردوغان: إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، زار تركيا عام 2014م، وطلب منا مساعدة بلاده فيما يخص تدريب القوات، فقمنا بتأسيس معسكر بعشيقة في محافظة نينوى.
وقال أردوغان: بإمكان العراق أن يتقدم بطلب للأمم المتحدة، وذلك حق طبيعي مكفول له، إلا أن هذه الخطوة لا تعبر عن نوايا صادقة.
وتابع: أكدنا مراراً وتكراراً احترامنا لوحدة الأراضي العراقية، واتخذنا خطوات فعلية لحماية ذلك، وسنواصل ذلك مستقبلاً.
وأضاف: نعارض تماماً السياسات المذهبية بكل أشكالها، في إشارة للحكومتين الإيرانية والعراقية.
وأفاد أردوغان: لا نستطيع إنكار وجود تعاون روسي إيراني عراقي، يتم تنسيقه بمركز في بغداد، والجميع يعلم بأن السُّنة يتعرضون للتهميش في العراق، والتطورات الأخيرة التي جرت هناك ارتكزت إلى رؤية مذهبية.
وأشار أردوغان إلى أنه سيزور تركمانستان، وهناك احتمالية لمقابلة الرئيس الإيراني هناك.
الطائرة الروسية
وعن الطائرة الحربية الروسية التي أسقطت وفقاً لقواعد الاشتباك بعد انتهاكها المجال الجوي التركي، قال أردوغان: لم يكن هناك تنسيق مع واشنطن فيما يخص مسألة إسقاط المقاتلة الروسية، ولكننا أبلغناها بعد إسقاط الطائرة استناداً إلى قواعد الاشتباك.
وأضاف: تتخذ روسيا من وجود “داعش” في سورية ذريعة للدخول إلى المنطقة، إلا أنها لم تقم بتنفيذ عملية عسكرية جادة ضد “داعش” في سورية، بل ركزت على قصف مناطق يعيش فيها التركمان، وليس تلك المناطق التي فيها عناصر “داعش”.
وتابع أردوغان: أظهرنا للعالم بالوثائق والخرائط قيام روسيا باستهداف المناطق التي لا يوجد فيها عناصر من “داعش”، ووجدنا بأن تلك الخرائط والمعطيات تتطابق مع الموجودة لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ونوّه الرئيس التركي أن الوثائق التي تثبت انتهاك المقاتلة الروسية لمجالنا الجوي موثقة من قبل راداراتنا، وقد أرسلنا عشرة تحذيرات للطائرة خلال 5 دقائق فقط، ورغم كل التحذيرات لم تغادر مجالنا الجوي، فقامت مقاتلاتنا بإسقاطها، وقام “الناتو” بتزويدنا بوثائق تؤكد المعطيات الموجودة بين أيدينا حول إسقاط المقاتلة.
وأردف قائلاً: تحرشت روسيا بسفننا في البحر الأبيض في الفترة التي تم فيها إسقاط الطائرة الروسية، وقمنا بتحذيرهم فأوقفوا التحرش.
وقال أردوغان: أعتقد بأن ردود الأفعال الروسية هي عبارة عن ردود أفعال عاطفية صادرة عن بوتين، ومن الأفضل أن يتم التعامل وفق الأعراف الدبلوماسية واحترام القانون الدولي.
وأكد أردوغان أن أي اعتداء يستهدف تركيا هو اعتداء على دول “الناتو”، لأننا عضو في الحلف، ونقف دائماً إلى جانب إيجاد حلول دبلوماسية وهو ما تعمل عليه حكومتنا.
تركيا و”داعش”
ونفى الرئيس التركي أن يكون هناك أي تعاون بين تركيا و”داعش”، فتركيا ألحقت بـ”داعش” خسائر فادحة، وقامت قوات التحالف بشن عمليات جوية ضد المناطق الواقعة تحت سيطرة “داعش” انطلاقاً من تركيا، إضافة إلى العمليات البرية التي شنتها قوات الجيش السوري الحر، وكل ذلك حدث نتيجة التعاون التركي.
وكشف أن تركيا اعتقلت من 1500 – 1600 من المشتبهين بعلاقتهم مع “داعش”، ورحلناهم إلى بلدانهم، كما منعنا دخول 26 ألف شخص إلى بلدنا، وهنا يجب علينا طرح السؤال التالي: هل البلدان التي تعد مصدراً للأشخاص الذين يذهبون للقتال مع “داعش” في المنطقة قد قامت بفعل أي شيء بهذا الخصوص؟
وأشار أردوغان إلى أن قوات الأمن التركية ضبطت خلال عام 2014م، 79 مليون لتر من النفط المهرب، وتم إتلافها من قبل وزارة الجمارك والتجارة التركية ضمن الإجراءات الرسمية.
مؤكداً أن تركيا تحصل على نفطها من روسيا وإيران وأذربيجان ونيجيريا، وتلك المصادر معروفة من قبل الجميع، ولم نأخذ أي نفط من “داعش”.
وقال أردوغان: نشتري سنوياً 29 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا، و10 مليارات متر مكعب من إيران، وكل ذلك رسمي ومعلن، وأعجب كيف يقوم بوتين بتوجيه تلك الافتراءات إلينا مع أنه كان يتحدث بلغة مختلفة تماماً عندما كنا نجلس ونتبادل أطراف الحديث، مضيفاً أن روسيا تعمل كما كان يعمل الشيوعيون قديماً، والطينة التي لا تعلق على الحائط تترك أثراً.
ولفت أن تركيا الدولة الوحيدة التي رفضت فرض عقوبات على روسيا، مردفاً: لا يظن أحد أننا لا نستطيع فتح أسواق جديدة، خاصة وأننا تمكنا من الوصول إلى أسواق كان يصعب الوصول إليها، حتى في فترة الأزمة الاقتصادية عام 2007م، إلى جانب تلقينا طلبات عديدة من الدول العربية.
المنطقة الآمنة
وبخصوص المنطقة الآمنة التي تدعو تركيا لإنشائها شمالي سورية، قال الرئيس التركي: إن تلك المنطقة ليست مسألة خاصة بتركيا وحدها، فهناك خطوات مشتركة يجب اتخاذها خاصة مع قوات التحالف، في حال كنا ضد الإرهاب، فإن المنظمات الإرهابية ليست “داعش” و”النصرة” فقط، وإنما “حزب الاتحاد الديمقراطي”، و”بي كا كا”، منظمات إرهابية أيضاً، ولابد من استهدافها جميعاً.
وفي حال حدوث ذلك سيكون من الضروري تحديد منطقة في شمال سورية، لتكون خالية من الإرهاب، ويمكن عندها بناء مساكن في تلك المنطقة ليقطن بها السوريون النازحون من مناطق أخرى داخل سورية، أو أولئك الموجودين حالياً في تركيا، ويتم توفير جميع احتياجاتهم بها، كما تُعلن منطقة حظر جوي فيها، بحيث يتم ضمان أمن هؤلاء السوريين، وتسكينهم في بلادهم.
بقاء الأسد
ولدى سؤاله عن حدوث تغير في الموقف الأوروبي، حيث بدأ البعض وعلى رأسهم باريس في القول بإمكانية بقاء الأسد، قال أردوغان: هذه أخبار جرائد، لم أسمع حتى اليوم كلاماً بهذا الخصوص من أي من القادة الذين التقيت بهم، لا يمكن أبداً حل الأزمة السورية مع وجود الأسد، نحن نعمل على إيجاد حل بدونه، واجتماع فيينا يعمل في هذا الإطار.
وأكد: الأسد هو أهم داعم لـ”داعش”، وبقاء الأسد مرتبط بـ”داعش”، فطالما بقي “داعش” بقي الأسد، لا يمكن التفكير في أحدهما دون الآخر؛ وبالتالي فأنا أعتقد أن هذه أخبار جرائد لا تستند إلى مصادر جادة.
العلاقة مع الدول العربية
وعن علاقات تركيا مع الدول العربية، قال الرئيس التركي: إن علاقاتنا مع الدول العربية بشكل عام في وضع جيد جداً، ونتمنى أن تتطور على ذلك النحو، وفيما يتعلق بالعلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، تستمر بعض اللقاءات على مستوى منخفض، ولا توجد أي مشكلة مع شعب الإمارات، إلا أنه لابد أن نكون حساسين للغاية بخصوص الجمل التي نستخدمها مع بعضنا بعضاً، ومن الضروري البحث عن أسباب التباعد الذي حدث فجأة (بين تركيا والإمارات).
وأضاف: كانت علاقاتنا، حتى الأمس القريب، قوية جداً مع السلطات الإماراتية، وبصفتي رئيساً لتركيا أقول: إنه لابد من إزالة هذه الأسباب في أسرع وقت ممكن، هناك سبب واحد للتباعد، وهو الأحداث في مصر، إلا أنه يجب حل ذلك بالطرق الدبلوماسية، وليس بالحديث ضد بعضنا بعضاً.