لا تظن – قارئي العزيز – أن برج “الكلب” برج جديد أضيف إلى الأبراج المعروفة؛ إنما هو هاشتاج “تويتري” ساخر، وفي نفس الوقت شديد اللهجة على حركات وسكنات من ينضوون تحت هذا البرج الجديد!
مواليد هذا البرج طائفة تتكاثر، وتشعر أحياناً أنهم في ازدياد رغم انتشار الفقه والعلم والثقافة وتعدد وسائلها، ورغم كوننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، لكن لا تزال “الكلبية” تجري في دمائهم! يتكاثرون في الشوارع، والطرقات، وفي الدوائر الأهلية والحكومية، يجمعهم أنهم يعرفون الأنظمة ويخالفونها، يقرؤون التعليمات والإرشادات ويرون الصح، ثم يرفضون ويصرون على المخالفة!
من أهم صفات مواليد برج “الكلب” عدم تقيدهم بالأنظمة، ولا تهتز لهم شعرة عند مضايقتهم للناس، هم يمارسون ويفعلون ما يحلو لهم، والمتضرر “بالطقاق” على قولهم، ويمارسون مخالفاتهم مراراً وتكراراً، وعلى مرأى ومسمع من عباد الله!
مواليد هذا البرج تشاهدهم يومياً..
عند الصراف لهم وجود، يرى الواحد منهم “السرا”، ثم يتحايل عليه، بحيث يوقف مركبته، ثم يترجل منها، ويركب مع أحد معارفه في مقدمة “السرا” ليصل إلى الصراف، والبقية ينتظرون، وفي الدوائر الحكومية والمستشفيات، يدخل إلى المسؤول ولا يطالع خلفه ليرى الطابور، وإن أحداً تجرأ وكلمه أن عليه الوقوف مع الناس، يعتذر ويقول فقط: أريد الاستفسار!
في الشوارع حدِّث عنهم ولا حرج..
ففي مواقف السيارات الطولية، يوقف سيارته بالعرض، وفي المواقف العرضية يوقفها بالطول، فيأخذ موقف سيارتين! مولود هذا البرنامج لا يمتنع أن يوقف سيارته على الرصيف غير عابئ بالمارة، وعسى أصحاب المحلات في ستين داهية! يأتي إلى المسجد متأخراً، فيلقى الزحام، فينيخ ركابه في أي مكان ويغلق الشارع، وما شاء الله عليه حريص على الأذكار والنافلة فهو آخر من يطلع من المسجد! وكذا في الأسواق، قد يتسوق هو وحرمه المصون “فيصفط” سيارته في أي مكان، ولا يهم حجزه للسيارات ولا لتعطيل الناس!
بعضهم “يفقع مرارتك”؛ فبينما تكون أنت في موقف ما تنتظر أحداً، يقف بعدك ويقفل عليك، ويستأذنك يقول: دقيقة وراجع لك! فتتحول الدقيقة إلى ربع وثلث ونصف ساعة!
وعند الإشارات تكون أول شخص تقف عند الإشارة، فيأتي من الصفوف الخلفية ليعترض بسيارته ويتقدم كل السيارات!
يصعب عليَّ معرفة الدوافع التي تدفعهم للمخالفات، فلا أعتقد أن السبب التربية؛ لأن بعضهم بات في حكم المربي، وأستبعد أن يكون السبب الجهل وقلة الوعي؛ لأن العلم منتشر، والإرشادات لم يعد أحد يجهلها، والعلم عند الله إذا كان هناك سبب فأظنها “جينات” ترسبت في أفكارهم، وتسربت إلى عقولهم بفعل فاعل مستتر!
قال أبو البندري غفر الله له:
أسأل الله إما أن يهديهم إلى سبيل الرشاد، واتباع الصحيح، أو يأتيهم بنظام “كنظام ساهر” خاص بهم، يرصد مخالفاتهم ويضاعفها، ويعاقبهم على سلوكياتهم حتى يعودوا إلى صوابهم، أو يموتوا بغيظهم!