• بين عامي بين 2013 و2016م استقبل “سند” 177 حالة تعرضت للتعذيب 88% من الذكور و12% من الإناث
• من المفارقات أن العاطلين عن العمل هم الفئة التي تعرضت أكثر من غيرها للتعذيب حيث نالوا نصيب الأسد بنسبة 37% تليهم الطبقة العاملة بنسبة 32%
• العقيدة الأمنية في تونس موروثة عن الجندرمة الفرنسية ولم تقم السلطة المحلية بعد 1956 م بتغييرها
الإفلات من العقاب لماذا؟ هو عنوان التقرير السنوي للمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، لسنة 2016 م والذي أعده مكتب المنظمة بتونس، في إطار برنامج “سند” التابع للمنظمة.
وقد صدر التقرير مشفوعا بالأرقام وتم عرضه في ندوة صحافية واكبتها “المجتمع”، وحضرها رئيس المنظمة، ديك مارتي، وأدارها رئيس برنامج “سند” مختار الطريفي، الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
أرقام تتحدث
في الفترة الفاصلة بين 2013 و2016م استقبل برنامج المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب” سند” 177 حالة تعرضت للتعذيب أغلبها من الذكور بنسبة 88% في حين شكل النساء النسبة المتبقية وهي 12%. وترواحت أعمار الضحايا بين أقل من 17 سنة فما أقل، وأكثر من 61 سنة، ونال الشباب من بين هذه العينة النسبة الأكبر وهي 64% من حالات التعذيب، وهي الفيئة التي يتراوح أعمارها بين 18 و35 سنة. يليهم الكهول الذين تترواح أعمارهم بين 36 و60 سنة بنسبة 24%. ومثل الأطفال حتى سن 17 سنة والشيوخ الذين تجاوزوا 60 سنة نسبة 6%. ورغم أن الانتماء السياسي أحد محفزات جرائم التعذيب إلا أن نسبة المنتمين نقابيا أو سياسيا لم تتجاوز 19%، في حين مثل غير المنتمين نسبة 81% . وقد اختلفت أسباب الايقافات الأمنية والتي تعرض فيها الضحايا للتعذيب منها 6% بسبب انتماءات سياسية، و13% بسبب المشاركة في مظاهرة، و19% بتهم الارهاب، و7% بسبب ممارسة العنف، و3% بسبب تهم الاعتداء على موظف يعمل في مؤسسات الدولة، والبقية جنح وقضايا حق عام.
وتعتبر ولاية (محافظة) سيدي بوزيد في مقدمة المناطق التي ارتكبت بها جرائم التعذيب، بنسبة 26%، تليها الكاف بنسبة 14%، ثم تونس العاصمة بنسبة 12%، ثم القصرين وصفاقس بنسبة 9% لكل منهما، وتوزعت بقية النسب على الجهات الاخرى.
ومن المفارقات أن نجد العاطلين عن العمل هم الفئة التي تعرضت أكثر من غيرها للتعذيب حيث نالوا نصيب الأسد بنسبة 37%، تليهم الطبقة العاملة بنسبة 32%، ثم الطلبة بنسبة 18%، ثم الطبقة الوسطى بنسبة 13%. وتتوزع جرائم التعذيب بين العنف والتعذيب وسوء المعاملة والموت المستراب والاغتصاب. حيث بلغت نسبة التعذيب وسوء المعاملة 82%، والعنف 12%، والموت المستراب 5%، والاغتصاب 1%. وقد تم استخدام التعذيب لعدة غايات منها العقاب والانتقام بنسبة 18%، ولانتزاع اعترافات تحت التعذيب بنسبة 35%، والتمييز بنسبة 3%، والتمييز وغايات أخرى بنسبة 21%، وتفريق مظاهرات بنسبة 6%، وغايات أخرى لم يذكرها التقرير بنسبة 17%. وتسببت جرائم التعذيب في أضرار نفسية وأضرار جسدية للضحايا. أما مرتكبوا هذه الجرائم فهم الشرطة بنسبة 59% والحرس بنسبة 21%، وأعوان السجون بنسبة 15% ، والموظفون في الدولة بنسبة 5%.
الإفلات من العقاب
رغم كل هذه الجرائم لم يصدر حتى الآن حكم واحد رادع للجناة، بل هناك حكم واحد رغم مرور كل هذه الفترة الزمنية وهي قضية اعتداء عنصري أمن على موظف وألحقا أضرارا فادحة بإحدى عينيه، ونالا البراءة. وفي قضية أخرى تحول الحكم من سنة سجنا في قضية حق عام، إلى 14 سنة سجنا بسبب تقدم الضحية بشكوى تتعلق بالتعذيب، حيث ألصقت به عديد القضايا المفتعلة الانتقامية وفق ممثل برنامج المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، مختار الطريفي الذي اشتكى في حديث ” للمجتمع” مما وصفه بالسلبية في مواجهة جرائم التعذيب من قبل القضاة والسلطة التنفيذية، وطالب ب” إعادة النظر في كامل السياسة الجزائية للدولة، وهذا يتعلق بالإرادة السياسية للقائمين على الحكم” في حين أكد المستشار القانوني للمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، مكتب تونس، محمد مرام أن” التعذيب في الجرائم الإرهابية ليس حلا بل أحد أسباب تفاقم الظاهرة وهو ما أثبتته الدراسات والتجارب في هذا الخصوص” .وفي نفس الإطار عبر رئيس المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب ديك مارتي، عن انزعاجه من كم الملفات والانتهاكات التي لم يبت فيها القضاء وأشار إلى أن “للعدالة دور حاسم في القطع مع ممارسة التعذيب وسوء المعاملة” وأن ” إدانة الجلادين كافية للشروع في القطع مع هذه الممارسات”.
تجدر الإشارة إلى أن العقيدة الأمنية في تونس موروثة عن الجندرمة الفرنسية، ولم تقم السلط المحلية بعد 1956 م بتغييرها، كما أن استمرار تنسيق أذرع الدولة العميقة في الأمن والقضاء والإعلام والإدارة حال دون تطبيق القانون والتحسينات التي طرأت عليه بعد الثورة، فضلا عن الاتفاقات الدولية في هذا الخصوص .