اللطف الإلهي بالبعد عن الشبهات
التحرج من شبهة التأمين التجاري واللطف الإلهي ببضاعة التاجر عبدالله العلي العبدالوهاب المطوع:
تحدثنا في موضوع سابق عن النية الطيبة وأثرها في حفظ رأس المال بل البركة فيها والزيادة.
وكان ذلك ضمن استعراض موقف يرويه العم عبدالعزيز محمد الحمود الشايع، واليوم نورد موقفاً مؤثراً مماثلاً للتاجر الكويتي عبدالله العلي العبدالوهاب المطوع الذي عرف بتقواه وورعه إلى درجة لم يسمح لنفسه من خلالها التأمين على شركاته وممتلكاته ومصانعه لوجود شبهة الحرج الشرعي فيه آنذاك، وقبل ظهور التأمين التكافلي الجائز شرعاً، فكان ذلك أحد عوامل حفظ الله تعالى له ولأمواله في الرخاء كما حفظها في الشدة.
فقد كان يوماً شريكاً للتاجر السعودي أسعد سراج جمال في بضاعة من الأقمشة، وهي حساسة للرطوبة وقد قدَّر الله تعالى أن تحدث حادثة للسفينة التي كان تحمل بضاعتهما في ميناء جدة أن تتعرض لحادث جعل الماء يغمر السفينة ويصيب البضاعة، وقد أصابه الضيق الشديد لأنه لا يؤمن بالتأمين على البضاعة أساساً، وبالتالي لا يضمن أي تعويض لبضاعته.
وقد سأله شريكه أسعد سراج جمال عن ذلك فأجاب: “الحافظ الله”، فقد كان يحتسب الأجر من الله، ويرجو لطفه ببضاعته لكونه لم يتورع عن التأمين إلا خشية الوقوع في الحرج الشرعي الذي قال به كثير من العلماء.
وقد رد عليه شريكه أسعد سراج جمال وبكل ثقة: “لا يا أبا بدر أنت مُؤمِّن عليها فلا تخَف”، فرد عليه أبو بدر (عبدالله العلي المطوع): “وكيف ذلك وأنا أقول لك: إنني لم أقم بالتأمين عليها”، فأوضح له شريكه أسعد: “بل أنت قمت بالتأمين عليها من خلال التزامك بزكاتها وزكاة أموالك”، فارتاح عبدالله العلي المطوع واطمأن عليها دون أن يخبره عنها أحد.
وبالفعل، ويا سبحان الله! كانت العناية الإلهية كفيلة بحفظ البضاعة، والله سبحانه خير حافظاً وهو أرحم الراحمين، فقد ذهب إلى ميناء جدة لتفقد بضاعة السفينة التي غمرتها المياه، فوجد أنه من لطف الله تعالى بهما وببضاعتهما المكونة من الأقمشة أن البضاعة المرصوصة فوقها كلها من المواد الغذائية ومنها الطحين الذي ما إن وصله الماء حتى شكل طبقة صلبة غير منفذة للماء، فضلاً عن التغليف الأصلي للأقمشة، فسلمت البضاعة بحمد الله وحفظه.
وهكذا كان حرصه على الحلال والبعد عما يراه حراماً في التأمين خير حافظ بإذن الله، ولعل في ذلك تعويض رباني من آلاف الدنانير التي كان يضحي بها لأنها أرباح البنوك الأجنبية الربوية التي اضطر للتعامل معها لإتمام صفقات استيراد بضاعته من تلك الدول الأجنبية، حيث كان لا يأخذها بل يحولها إلى الفقراء واللجان الخيرية لتوزيعها على الفقراء.