يستعرض تلاميذ تقل أعمارهم عن عشرة أعوام مهاراتهم في التجويد والتلاوة والتفسير وترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الملاوية، ليتبين أن إجادتهم البالغة كافية للتعريف بمؤسسة لم يمض على تأسيسها ثمانية أشهر هي مؤسسة “ترتيل لتلقي القرآن الكريم والقراءات” التي أسسها ثلة من أساتذة الجامعات العرب في الجامعات الماليزية، خاصة اليمنيين منهم.
لكن طموح أستاذ القراءات عبد الإله هزاع -مؤسس ورئيس مجلس إدارة مؤسسة ترتيل- لا يتوقف عند إقامة عشرات الحلقات لتحفيظ وتجويد القرآن الكريم في العاصمة الإدارية لماليزيا بوترا جايا ومناطق قريبة منها، بل يعتبرها بذرة لجامعة عالمية لعلوم القرآن الكريم.
ويقول الدكتور هزاع -الذي يحمل إجازة بتجويد القرآن الكريم على 14 رواية معتمدة- لـ”الجزيرة نت”: إن الاهتمام بصفات شخصية حامل القرآن هو الهدف الأمثل للمؤسسة، ويلخصها بقوله “الأحسن خلقا والأرسخ حفظا والأجود لفظا والأعرف بمعاني القرآن والأفطن لمواطن الوقف والابتداء”.
ويضيف أن المؤسسة الناشئة تعنى عناية خاصة بالمجازين في حفظ القرآن وتجويده وطلبة المدارس والجامعات ومعلمي القرآن الكريم وأئمة المساجد والمؤذنين، وتسعى إلى الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في تطوير أساليب تعليم القرآن الكريم، وإتاحة الفرصة لغير المتفرغين.
وتوقع الدكتور عبد الوهاب عامر المدير التنفيذي لمؤسسة ترتيل والأستاذ في جامعة الملايا لمؤسسة ترتيل مستقبلا كبيرا بعد أن أثبتت نجاحات كثيرة في غضون أشهر، ولفتت انتباه المسؤولين عن الشؤون الدينية في ماليزيا.
وقال لـ”الجزيرة نت”: إن المجتمع الماليزي متعطش للعلوم الإسلامية والعربية من مصادرها، وهذا سر الترحيب بالأساتذة العرب، ويؤكد أن المؤسسة منذ انطلاقتها قبل عدة أشهر تلقت كثيرا من الاتصالات من مؤسسات ومدارس وجامعات ماليزية للتعاون.
ثروة اللاجئين
مفتي ماليزيا ذو الكفل بن محمد البكري أكد على حاجة ماليزيا الماسة للمتخصصين في علوم القرآن وتجويده، إلى جانب علوم اللغة العربية.
ورأى في حديثه للجزيرة نت أن المتخصصين العرب الذين لجؤوا إليها في السنوات الأخيرة قدموا رافدا كبيرا لهذه العلوم وأنعشتها.
ويضيف البكري أن الأساتذة العرب -ولا سيما اليمنيين منهم- يقدمون إضافة نوعية في العلوم العربية والإسلامية وتطوير المناهج والأساليب القديمة والتقليدية، وأن المؤسسات الماليزية تحرص على الاستفادة من خبراتهم وقدراتهم العلمية.
وبرأي المفتي، فإن وجود هؤلاء الأساتذة يشكل فرصة لتنويع أساليب تعليم القرآن الكريم وتطويرها، ونوه إلى أن إدارة تطوير الشؤون الإسلامية في ماليزيا تحرص على تلاقح الأفكار وتنوع الخبرات.
وتابع البكري أن احتضان بوترا جايا ومسجد السلطان ميزان زين العابدين -أحد أشهر وأكبر مساجد ماليزيا المعروف بالمسجد المعدني- يشير إلى احتضان الحكومة هذه المؤسسة ويسهل الطريق لتطويرها.
القائمون على مؤسسة ترتيل يسعون إلى تحويلها جامعة عالمية للقرآن الكريم وعلومه (الجزيرة)
جامعة عالمية
ويعرب رئيس مجلس الإدارة الدكتور عبد الإله هزاع عن ثقته بمستقبل تعليم القرآن الكريم، ويسعى إلى تطوير مؤسسة ترتيل وأن تصبح جامعة عالمية لتعليم القرآن الكريم.
ويضيف “إننا على ثقة بأننا نمتلك الخبرات والمؤهلات الكافية لإنشاء مؤسسة عالمية لعلوم القرآن، ويشجعه في ذلك إعلان ماليزيا عن بناء ثاني أكبر مركز لطباعة القرآن الكريم في العالم”.
وهو ما ذهب إليه أيضا الدكتور عبد الوهاب عامر الذي رأى أن اعتماد الحكومة الماليزية للمؤسسة وترخيصها وترؤس سماحة المفتي لها مشجع كبير على تطويرها، وأن تحولها إلى جامعة عالمية لعلوم القرآن الكريم يحتاج إلى إثبات وجود وجدارة أولا، وقدرة الإدارة على التطوير وكسب ثقة الجهات المعنية في ماليزيا.
أما فيما يتعلق بالتمويل فيؤكد المسؤولون أنها تعتمد حاليا بشكل كامل على تبرعات أهل الخير، ويأملون في أن تتلقى المؤسسة دعما حكوميا، ولم يستبعد مدير ترتيل إذا ما تحولت إلى جامعة أن تفرض رسوما على الطلاب، وإن كان يفضل أن تبقى مجانية.