فيما تشارف معركة درنة على الانتهاء سيكون على اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، الاستعداد لمواجهة ما سبق أن واجهه في بنغازي إثر انتهاء الحرب فيها، إذ دخلت مليشياته، ومن ورائها شخصيات سياسية ورجال أعمال، في صراعات كادت تغرق المدينة في فوضى عارمة، خصوصاً بعدما نجح الرائد فرج قعيم، المنشق عن حفتر والمنضم لحكومة الوفاق، في تنفيذ شبه انقلاب عسكري في أكتوبر الماضي.
وتندلع الخلافات عادة في معسكر حفتر بسبب الصراع على “تقاسم الغنائم”، التي كادت تكسر تحالفه في بنغازي أساسا.
ويرصد “العربي الجديد” مكونات “حلف حفتر”، إذ بتتبع الأسماء والشخصيات المحيطة باللواء الليبي المتقاعد يخلص المتابعون إلى وجود ثلاثة أجنحة تحيط به، وهي:
قبيلة الفرجان
تنتشر قبيلة الفرجان في أغلب أنحاء ليبيا، وقد اختار حفتر أهم مساعديه منها، إذ إن أبرز المتحكمين في الوضع العسكري هم من أبناء عمومته، فعون إبراهيم الفرجاني، الرجل الذي يليه في الترتيب والأشد إخلاصا وولاء له، يتولى صلاحيات مطلقة في إدارة قواته، كما أنه مدير مكتبه الخاص.
وبعد عون إبراهيم الفرجاني، يوجد نجلا حفتر خالد وصدام، اللذان يتوليان قيادة أغلب المعارك، وعبرهما تتم صفقات الأسلحة والتحويلات المالية. أما نجله الآخر بلقاسم، فهو آمر كتيبة حماية والده والمسؤول عن أمن مقرّه العسكري في منطقة الرجمة.
ولحفتر ابن رابع هو عقبة الذي يقيم في فرجينيا الأميركية، ويرتبط بعلاقات تجارية مع سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، كما أنه شريكه في إدارة استثمارات اللواء الليبي في شركات وأسواق بالولايات المتحدة، وهو ممول عدد من شركات العلاقات العامة التي تروج لحفتر ومشروعه العسكري للتأثير على دوائر صنع القرار الأميركي.
ومن أبرز أركان حلف حفتر زوج ابنته أيوب الفرجاني، المسؤول عن شركات أمنية أفرادها مسلحون من قوات حفتر تم تدريبهم في الخارج، إذ توفر الحماية للكثير من الشخصيات الحكومية والسياسية، من أبرزهم رئيس حكومة مجلس نواب طبرق شرق ليبيا عبد الله الثني، وشخصيات أخرى، خاصة من رجال الأعمال، والذين يتحصّل من طريقهم على نسب من أرباح الاعتمادات والمناقصات التي تجريها الحكومة، كما أنه يضمن بشركاته الأمنية ولاء هذه الشخصيات والتحكم فيها.
وحتى الجانب الإعلامي الخاص يتولاه ابن عم حفتر، محمود الفرجاني، مدير مكتب قناة “العربية” في ليبيا، ومالك قناة “ليبيا الحدث” التي تبث من بنغازي، كما أنه رئيس الفريق الإعلامي الخاص لحفتر، والذي يرافقه في كل رحالاته الخارجية، وهو من أمّن له أول ظهور إعلامي عبر قناة “العربية”، والذي أعلن من خلاله انقلابه التلفزيوني الشهير في فبراير 2014 من طرابلس.
شخصيات قبلية ورجال أعمال
ويتشكل حلف حفتر أيضا من رجال أعمال بارزين من شرق البلاد، في طليعتهم حسونة طاطاناكي وعلي التريكي اللذان كانا من أوائل المتبرعين ماليا لإطلاق “عملية الكرامة” منتصف عام 2014، وبسبب وجاهتهما تمكنا من إقناع زعامات قبلية لدعم حرب حفتر بأبنائهم كمقاتلين، ليتزايد الإقبال على دعم اللواء الليبي بعد انتقال مجلس النواب إلى شرق البلاد وانبثاق حكومة منه.
وعزف طاطاناكي والتريكي على وتر الجهوية والمطلب الفدرالي لجلب ولاءات القبائل.
ومن أبرز وجوه هذه الجبهة، أيضا، عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وأحد زعامات قبيلة العبيدات، أكبر قبائل الشرق، وصالح لاطيوش زعيم قبيلة المغاربة، الذي مكنه من السيطرة على الهلال النفطي، إضافة لشخصيات سياسية أخرى، كزياد دغيم وأبوبكر بعيرة وعيسى العريبي والصالحين عبد النبي، وغيرهم.
وتمتلك هذه الجبهة أذرعا إعلامية، من أهمها قناة “ليبيا” الإخبارية، وعدد من المواقع.
ومن أشهر الشخصيات الإعلامية المؤثرة وذات الانتشار الواسع الإعلامي محمد امطلل.
وشهد حلف حفتر في الكثير من المرات تصدعات، خاصة بعد انتهاء حرب بنغازي، إذ سجّل فتور في علاقة عقيلة صالح بحفتر، بالإضافة إلى تراجع تأييد شخصيات فدرالية بارزة كأبو بكر بعيرة، كما أن أغلب القبائل التي دفعت بأبنائها كوقود لحروب حفتر أصبحت متذبذبة في ولائها له، بل جاهر بعضها بالعصيان، ومنها قبيلة البراغثة والعواقير، ونسبيا قبيلة البراعصة.
“شهد حلف حفتر في الكثير من المرات تصدعات، خاصة بعد انتهاء حرب بنغازي، إذ سجّل فتور في علاقة عقيلة صالح بحفتر، بالإضافة إلى تراجع تأييد شخصيات فدرالية بارزة”
وعلى الصعيد الإعلامي، فقد انشق إعلامي معروف بدفاعه المستميت عن حفتر، ورحل إلى تونس لإطلاق قناة “ليبيا الوطن” التي أصبحت منبرا لكل غاضب من ممارسات حفتر وأبنائه، وتستضيف عبر شاشتها معارضيه السابقين أيضا.
أنصار القذافي
واعتنق طيف واسع من أنصار نظام معمر القذافي فكرة “عسكرة الدولة”، ووجدوا في رفيق قائدهم السابق فرصة لهم للرجوع من نافذته، على الرغم من جنوح قسم آخر منهم للحلول السياسية، والاقتراب من خصوم حفتر في طرابلس، حيث يقبع أكثر من ثلاثين مسؤولا من النظام السابق في السجون.
ومن أبرز المناصرين للواء الليبي المتقاعد من مسؤولي النظام السابق محمد الزوي، آخر رئيس للبرلمان في عهد القذافي، والذي عينه عقيلة صالح مستشارا خاصا له إثر إطلاق سراحه من محبسه في طرابلس في إبريل 2017، ومصطفى الزائدي منسق الحركة الشعبية الجماهيرية، وأحمد قذاف الدم ابن عم القذافي المقيم في القاهرة، والذي جاهر وطالب في العديد من المرات بدعم حفتر وقواته وشرعيتها.
وفي منتصف الشهر الماضي، نظم أبرز قيادات حكم القذافي، مصطفى الزائدي ومحمد الزوي، وغيرهم، “ملتقى القوى الوطنية” الذي غطته وسائل إعلام مقربة من حفتر، حيث أعلنوا خلاله دعمهم اللامحدود لحفتر وقواته.
كما يعرف عن حفتر دوره الكبير في إطلاق سراح سيف نجل القذافي من سجنه في الزنتان غرب البلاد، بواسطة كتيبة أبوبكر الصديق الموالية له، وبقرار عفو عام من مجلس النواب، وسط حديث متزايد عن وجود علاقة غير معلنة بينه وبين القذافي الابن، وإمكانية تكامل مشروع حكم ثنائي بينهما.
ويتولى صالح إبراهيم، أبرز رجال حركة اللجان الثورية، إدارة قناة “ليبيا 24″، التي تبث من لندن للترويج لدعم شرعية قوات حفتر وحروبه.
ويبدو أن هذه الدائرة من جبهة حفتر تمتلك تأثيرا كبيرا في أوساط أنصار النظام السابق، كما عرف عن اللواء الليبي المتقاعد عدم وثوقه الكامل بهم، فكثيرا ما اضطر لتعيين شخصيات منهم لتولي مناصب قيادية في معسكره ثم عزلهم، مثل تعيينه للعقيد محمد النائلي آمرا لقواته بالجنوب ثم عزله، وقبله العميد عمر تنتوش آمرا لقواته في منطقة ورشفانة غرب طرابلس قبل إقالته.
- نقلا عن العربي الجديد.