كشفت “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مساء السبت، عن بعض التفاصيل التي سُمح بنشرها من نتائج تحقيقاتها في عملية “حد السيف”، التي طالت قوة “إسرائيلية” خاصة تسللت إلى قطاع غزة في 11 نوفمبر الماضي.
وأوضح المتحدث باسم الكتائب أبو عبيدة خلال مؤتمر صحفي أن “القسام” تمكنت من كشف أفراد القوة بأسمائهم وصورهم وطبيعة مهماتهم والوحدة التي يعملون فيها، وأساليب عملها، ونشاطها الاستخباري والتخريبي في العديد من الساحات الأخرى.
وبيّن أن “القسام” سيطرت على أجهزة تقنية ومعدات تحتوي على أسرار كبيرة ظن العدو أنها تبخرت باستهدافه لمركبات ومعدات القوة.
وقال: يجب على العدو وأجهزته الأمنية أن تقلق كثيرًا، كون أن الكنز المعلوماتي الذي تحصلنا عليه سيعطينا ميزة إستراتيجية على صعيد صراع العقول مع الاحتلال.
وأعلن أبو عبيدة أن فرصة التوبة لكل العملاء الذين سقطوا في وحل العمالة ما زالت قائمة، وأن أي عميل يسهم في استدراج قوة صهيونية خاصة أو ضباط “شاباك” فإن المقاومة تتعهد بالعفو عنه ومكافأته بمبلغ مليون دولار.
وأضاف أنه في الوقت الذي كان يدور فيه الحديث عن وساطات وجهود من أطراف عديدة للتوصل إلى تفاهمات لتفكيك الأزمة الإنسانية في القطاع، ظنّ العدو الصهيوني بأن المقاومة في حالة تراخ وانشغال، أو أنها ستقف عاجزة عن الرد على عدوانٍ سافر أو جريمة قذرة، فقرر العدو تنفيذ عملية أمنية استخبارية خطيرة وحساسة.
وتابع أبو عبيدة أن الاحتلال جنّد للعملية إمكانات كبيرة وأوكل مهمة تنفيذها إلى قوة “الكوماندوز” الأولى على مستوى جيش العدو، والمعروفة بـ وحدة “سيرت متكال” بمشاركةٍ مباشرة من جهاز المخابرات الصهيوني المعروف بـ”الشاباك”.
وأشار إلى أن القوة تلقت تدريباتها عملياتيًا وفنيًا بين شهري يناير وأكتوبر من العام 2018م.
وأوضح أن العملية كانت تهدف إلى زراعة منظومة تجسس للتنصت على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة في قطاع غزة، في مسعى متكرر استطاعت المقاومة إفشاله وكشفه رغم المحاولات الحثيثة من استخبارات العدو وتجنيدها لذلك كل ما توصلت إليه من منظومات وتكنولوجيا ووسائل وأساليب.
وكشف عن أن العملية بدأت قبل التنفيذ بعدة أشهر من خلال إدخال المعدات الفنية واللوجستية والسيارات المخصصة لها تهريبًا على مراحل مختلفة عبر المعابر المؤدية إلى القطاع، وخاصة معبر كرم أبو سالم المخصص للبضائع والاحتياجات الإنسانية والمعيشية، وتم تخزين المعدات في بعض الأماكن التي نتحفظ عن ذكرها لدواع أمنية.
وقال: مساء يوم تنفيذ العملية تسلل أفراد قوة “الكوماندوز” وقوامها خمسة عشر فردًا جميعهم من الجنود الصهاينة ليس بينهم أي عميل وبعضهم يهود شرقيون، موزعين على مجموعتين، إحداهما مجموعة تنفيذ، والأخرى مجموعة تأمين، وقد تسللوا من إحدى المناطق الوعرة في السياج الفاصل، مستغلين وجود الضباب الكثيف.
وأوضح أن القوة كانت مجهزة بأدوات متقدمة ومنظومة قيادة وسيطرة، ومعدات طوارئ، وكل ما يلزم لعمل قوة عسكرية خاصة.
وأشار إلى أن القوة كانت أعدّت كل الوثائق اللازمة للتمويه والغطاء لتنفيذ مهمتها، فزورت بطاقات شخصية باسم عائلات حقيقية في غزة، واستخدمت مركبتين بأوراق مزورة، وزورت أوراقًا لجمعية خيرية استخدمتها كغطاء لعملها.
وكشف عن أن إحدى الضابطات المشاركات في المهمة كانت دخلت سابقًا إلى القطاع وخرجت تحت غطاء مؤسسة دولية عاملة في غزة.
ولفت إلى أن القوة استأجرت إحدى الشاليهات السياحية في منطقة خانيونس من مواطن فلسطيني لعدة ساعات كنقطة التقاء، مستخدِمة الغطاء المذكور والأوراق المزورة.
وأوضح أنه أثناء تحرك القوة لتنفيذ مهمتها اعترضتها قوة أمنية لـ”كتائب القسام” بعد الاشتباه بها، ولاحقت المركبة التي كانت تقل قائد القوة الخاصة الصهيونية شرقي خانيونس.
وتابع: بعد تحقيق الشهيد نور بركة وضباط استخبارات “القسام” مع أفراد المركبة اشتبهوا بالقوة وقرروا احتجازها، وعندما باشرت دورية “القسام” باعتقال أفراد القوة، أشهرت القوة السلاح وأطلقت النار، الأمر الذي أدى إلى استشهاد القائد الميداني نور بركة والمجاهد القسامي محمد القرا، فيما قام المجاهدون بالرد على القوة وقتل قائدها وإصابة آخر على الفور، فيما تمكن بقية أفراد القوة الصهيونية من سحب القتيل والمصاب والهروب من مكان الحدث، قبيل قدوم التعزيزات من “كتائب القسام”.
وذكر أن المجاهدين بدؤوا على الفور عملية مطاردة القوة وإغلاق السياج الفاصل شرق القطاع، والانتشار والسيطرة على المنطقة، وتأمين جميع محاور القطاع.
واستطرد: وتم أثناء المطاردة الاشتباك مع القوة الصهيونية الخاصة، وبالتزامن مع ذلك حصل تدخل الطيران الحربي والمروحي وطائرات الاستطلاع والمدفعية الصهيونية، ونُفذت عشرات الغارات على محاور الطرق وضد المجاهدين الملاحِقين للقوة الخاصة الهاربة، فعزلت بالنيران قواتنا عن القوة المعتدية، وأشار إلى أن القوة الخاصة تمكنت من الهروب بالقتيل والإصابات تحت هذا الغطاء الناري وبمساعدة طائرة مروحية تدخلت لإخلائها.
وذكر أن العدو أقدم مباشرة على قصف المركبات التي استخدمتها القوة داخل القطاع في محاولة لتضليل المقاومة عن هدف العملية أو تفاصيل عمل القوة.
وأوضح أن خمسة مقاومين استشهدوا في عمليات المطاردة والاشتباك التي أعقبت هروب القوة، هم: علاء الدين فسيفس، ومصطفى أبو عودة، ومحمود مصبح، وعمر أبو خاطر، وخالد قويدر، وأضاف أن العالم شاهد كيف أن نشر صور أفراد هذه القوة شكّل صدمة لهذا العدو وحالة ارتباك كبيرة، مما اضطره لاتخاذ كل التدابير في حظر نشر الصور ومحاولة محاربة انتشارها بالتخويف والضغط على الأفراد والمؤسسات وحجب وسائل الإعلام والمواقع والصفحات والتآمر مع بعض شركات مواقع التواصل الاجتماعي للتقليل من حجم الخسارة الأمنية والاستخبارية لوحدة تعدّ بنظر العدو الأهم والأخطر.
وأكد أن هذا الإخفاق والفشل الذريع للقوة “الإسرائيلية” الخاصة من الحالات النادرة في تاريخها، لكن حالة التعتيم لم تفلح في كبح رغبة أبناء شعبنا وأمتنا في إسناد المقاومة بكل ما يستطيعون.
وأكّد الناطق باسم القسام أنّ فصائل المقاومة في الغرفة المشتركة اتخذت قرارًا بالرد على العدوان والغدر “الإسرائيلي” بعد ساعات من وقوع الجريمة، مشدّدًا على أن أمن شعبنا ومقاومتنا خط أحمر لن نسكت عليه، واللعب بالنار سيواجه بحد السيف.
ولفت إلى أن ما نشرته الكتائب جزء مما تحصلت عليه استخبارات “القسام” من معلومات تسمح الظروف والمعطيات بنشرها.
وذكر أن العملية الأمنية تثبت صواب رهان المقاومة على حاضنتها الشعبية ومراكمتها للقوة، مؤكّدًا أن “القسام” قادرة على مواصلة الطريق وكبح عنجهية الاحتلال والرد على عدوانه.
وشكر أبو عبيدة أبناء الشعب الفلسطيني والأجهزة الأمنية على تعاونهم في التحقيقات وإسنادهم للمقاومة، موجّهة الشكر أيضًا لأمتنا في كل الساحات على تواصلهم وتقديمهم للمعلومات وتعاونهم المثمر.