أبدى مواطنون في قطاع غزة تفاؤلاً حذراً حيال الاتفاق الذي توصّلت إليه الفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية، القاهرة، الثلاثاء الماضي، ونصّ على إجراء الانتخابات العام الجاري.
ويأمل السكان أن يقود إجراء الانتخابات إلى إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، وهو ما قد يؤدي إلى كسر الحصار المفروض على غزة، وتحسين أوضاعهم المعيشية.
وتضمّن الاتفاق، الذي أعلنت عنه الفصائل، عدة بنود أبرزها تشكيل “محكمة قضايا الانتخابات” بالتوافق بين قضاة القدس، والضفة، وغزة، على أن يُصدر الرئيس محمود عباس مرسوماً بتشكيل المحكمة.
الاتفاق لم يحسم عدداً من الملفات التي وصفها سياسيون بـ”الشائكة”
لكن الاتفاق لم يحسم عدداً من الملفات التي وصفها سياسيون فلسطينيون بـ”الشائكة”، كونها مرتبطة بشكل وثيق بآثار الانقسام السياسي، المستمر بين حركتي “فتح” و”حماس”، منذ عام 2007.
ومن هذه الملفات الجهاز الحكومي (ويشمل الأجهزة الأمنية) في قطاع غزة، الذي تُشرف عليه “حماس”، ولا تعترف به الحكومة الفلسطينية.
كما لا تعترف حركة “حماس” بشرعية “المحكمة الدستورية” التي شكلها الرئيس الفلسطيني عباس، وسبق لها أن حلّت المجلس التشريعي السابق، الذي كانت الحركة تهيمن على غالبية مقاعده.
ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل خلال العام الجاري؛ تشريعية في 22 مايو، ورئاسية في 31 يوليو، وانتخابات المجلس الوطني (خارج فلسطين) في 31 أغسطس، وفق مرسوم رئاسي سابق.
الغزيون يأملون من إجراء الانتخابات إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة التي تؤدي إلى كسر الحصار وتحسين أوضاعهم المعيشية
وعُقدت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي (البرلمان) مطلع العام 2006، وأسفرت عن فوز “حماس” بالأغلبية، فيما سبقها بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها الرئيس الحالي محمود عباس.
ويقول المواطن الفلسطيني خالد الحمارنة (54 عاماً)، (موظف يتبع للحكومة برام الله): إن إجراء الانتخابات كمدخل لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام متوقف على النوايا الصادقة، لدى حركتي “فتح” و”حماس”.
وتابع، بحسب “الأناضول”: نأمل أن يكون لقاء القاهرة، وما نتج عنه من اتفاق، في مصلحة الشعب الفلسطيني، وحتّى هذه اللحظة، تبدو الأمور إيجابية ومُبشّرة.
وبيّن أن إنجاز الملفات الكبيرة، التي تسببت على مدار السنوات الماضية في تعميق الانقسام الداخلي، “هي الخطوة الأهم في المرحلة القادمة.
من جانبه، يقول سامي الهمص (44 عاماً)، وهو موظف متقاعد: إنه يأمل أن تسير الانتخابات والأجواء الإيجابية بالشكل المرجو.
وتابع لـ”الأناضول”: إن الناس تتخوف من اصطدام هذا المسار بالملفات الشائكة، التي تسببت مسبقاً بفشل المصالحة.
ويعتقد أن غياب النقاش حول هذه الملفات والاتفاق حولها قد يؤدي إلى “فشل المسار الحالي نحو المصالحة”.
وعبّر عن آماله في أن تساهم الانتخابات وتداعياتها في “تخفيف الحصار عن غزة”.
حالة التفاؤل بنجاح إجراء الانتخابات يشوبها قلق إزاء التدخلات “الإسرائيلية” المحتملة
تدخلات خارجية
ويقول الفلسطيني أحمد ضاهر (37 عاماً)، محاضر جامعي: إن مخرجات الحوار الوطني قدّمت أملاً بسيطاً للفلسطينيين حول إمكانية تحقيق المصالحة.
وتابع، في حديثه لـ”الأناضول”: في ظل المآسي التي عايشناها خلال الأعوام الـ14 الماضية، نأمل أن نلمس تحولاً إيجابياً حقيقياً، في إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه، وإنهاء للانقسام، والوصول إلى وحدة وحكومة وطنيّة تمثّل المجتمع والشعب الفلسطيني.
ويعتقد ضاهر أن النوايا الحسنة بين الطرفين في إنجاز الملفات الشائكة والمؤجّلة قد يؤدي إلى إنهاء حقيقي للانقسام.
ويرى أن تأجيل حلّ هذه الملفات يأتي حتى لا تشكّل عائقاً أمام إجراء الانتخابات.
لكنّه يقول: إن الفلسطينيين يتخوفون من أن تصطدم هذه الخطوة بالتدخلات الخارجية التي تؤدي إلى تعطيل مسار الانتخابات.
واستكمل قائلاً: نحن شعب يتطلع إلى المصالحة وإنهاء الانقسام، ونأمل ألا يصطدم بالتدخلات الخارجية.
بدورها، عبّرت الفلسطينية ريم عفانة (30 عاماً) عن تخوفاتها من التدخل “الإسرائيلي” لإفشال عميلة الانتخابات.
وقالت، في حديث لـ”الأناضول”: إن حالة التفاؤل بنجاح إجراء الانتخابات يشوبها قلق إزاء التدخلات “الإسرائيلية” المحتملة.
وتضيف أن “إسرائيل” بإمكانها أن تمنع إجراء الانتخابات في المناطق التي تسيطر عليها، كالقدس الشرقية، وأن تجري حملات لاعتقال ناشطين أو مرشحين، كما بإمكانها إغلاق مقار الاقتراع، ومنع الأسرى من المشاركة، والكثير من الملفات تندرج ضمن هذه التخوفات.
وختمت حديثها قائلة: اتفاقات المصالحة كانت دائماً تصطدم بعراقيل “إسرائيل”، وذلك لما يشكّله الانقسام من فائدة تعود عليها.