تواجه منظمات مدنية في فرنسا ضغوطاً سياسية بسبب إصرارها على عدم التوقيع على ميثاق المبادئ الإسلامية الذي أعدته الحكومة ويحمل اسم “ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسي”، بصيغته الحالية ما لم يتم إجراء تعديلات عليه.
وفي حوار مع “الأناضول”، تحدث فيه إبراهيم ألجي، رئيس لجنة تنسيق الجمعيات التركية الإسلامية بفرنسا، نائب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CCMTF)، وفاتح صاري قير، الأمين العام لمنظمة الرؤية الوطنية للمجتمع الإسلامي (CIMG)، عن الميثاق الذي أثار ردود فعل رافضة لدى المسلمين في فرنسا خلال الفترة الأخيرة.
وقال ألجي: إن تأسيس “مجلس الأئمة الوطنيين” الذي يهدف إلى تشكيل آلية للموافقة على الأئمة الذين سيتم تعيينهم ولتقييمهم وفقاً لمعلوماتهم الدينية وقدراتهم على التعليم وتوصيل المعلومات الدينية أمر مهم بالنسبة للمسلمين في فرنسا، لكنهم في الوقت نفسه لا يرغبون في التوقيع على ميثاق المبادئ الإسلامية لأن بعض مواده ضد المسلمين.
وأضاف ألجي أنهم تلقوا العديد من رسائل الدعم والتأييد من الجمعيات الإسلامية الأخرى في فرنسا، وأنهم أجروا لقاءات تشاورية مع الأئمة والجمعيات الإسلامية في البلاد، وأرسلوا خطابات إلى وزارة الداخلية الفرنسية والمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية تحوي نتائج استشاراتهم.
وأكد ألجي رفضهم لتسمية “الإسلام الفرنسي”، وأنه لا يجوز حصر الإسلام بمجتمع معين أو أيديولوجية محددة؛ لأنه دين عالمي.
وأشار إلى أنه التقى وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان ونقل إليه بنفسه آرائهم بخصوص الموضوع.
الميثاق يفتري على الإسلام
وأوضح ألجي أن الميثاق يُظهر بعض الأمور غير الموجودة في الإسلام على أنها شائعة، مضيفاً: مثلاً يُظهر الميثاق أن الإسلام يعادي المرأة مع أن ذلك مخالف للحقيقة.
وأشار إلى أن رغبة الحكومة الفرنسية في عدم قدوم أي إمام من الخارج بحلول عام 2024 يمكن أن تؤدي إلى بقاء 260 جمعية إسلامية تركية بدون إمام، وأنهم يعملون على إيجاد حل لذلك.
وشدد على أن كلاً من لجنة تنسيق الجمعيات التركية الإسلامية بفرنسا، ومنظمة الرؤية الوطنية للمجتمع الإسلامي وحركة الإيمان والممارسة لن توقع على الميثاق ما لم يتم إجراء التعديلات التي اقترحوها.
وبخصوص تصريحات وزير الداخلية الفرنسي بأن المنظمات التي لن توقع على الميثاق يجب أن تنفصل عن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وأنه سيتم تشديد الرقابة على الجمعيات التابعة لتلك المنظمات، قال ألجي: يمكن له أن يقول ما يشاء، ولكن هناك قانون بالبلاد، ولدينا محامون، التقيت مع بعض الصحفيين والنواب في البرلمان وأعضاء في مجلس الشيوخ وهم أيضاً يرون أننا لم نرتكب أي خطأ.
وأضاف أنه تم الانتهاء من إعداد الصيغة النهائية للميثاق في 15 ديسمبر الماضي، وكان الجميع متفقين عليه آنذاك، إلا أنه تم إجراء تعديلات كبيرة على الميثاق، مؤكداً رفضهم لتلك التعديلات.
اعتراضات على تسمية “الإسلام الفرنسي”
أما الأمين العام لمنظمة الرؤية الوطنية للمجتمع الإسلامي، فأوضح أن العديد من المنظمات الإسلامية وقعت على الميثاق في 18 يناير الماضي، ثم تم رفعه للرئيس الفرنسي.
وأشار إلى أنهم تسلموا الميثاق قبل يوم واحد فقط من هذا التاريخ، وأنهم أكدوا أكثر من مرة ضرورة مشاركة أئمة المساجد ورؤساء الجمعيات المسؤولة عن إدارتها، وأن تتم استشارتهم في عملية إعداد الميثاق.
وأضاف صاري قير أنهم أدلوا بعدة تصريحات صحفية حول انتقاداتهم ومقترحاتهم بخصوص الميثاق.
ولفت إلى أن الميثاق في البداية كان يحمل اسم “ميثاق مبادئ مجلس الأئمة الوطنيين”، إلا أنه تم تغييره بعد ذلك إلى “ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسي”.
وتابع: تم الإعلان عن الميثاق بصفته مبادئ للإسلام الفرنسي وتم تغيير محتواه وفقاً لذلك، وبناء عليه لم يعد الأئمة فقط هم المستهدفون، بل كل المسلمين، إذ يحوي الميثاق عبارات حول “كيف يجب أن يكون المسلمون في فرنسا؟”.
ولفت صاري قير إلى أن الميثاق يضم أيضاً عبارات غير لائقة وغير مقبولة في حق الأئمة.
وأبدى صاري قير اعتراضه عل عبارات في الميثاق تزعم أن الدين الإسلامي ضد فرنسا، وعبارات ترى أن القوانين الفرنسية يجب أن تكون أعلى من الدين، مؤكداً أن ذلك مخالف للقوانين الفرنسية وينتهك قانون العلمانية لعام 1905 الذي ينص على فصل الدين عن الدولة.
وشدد على ضرورة أن يلقى الميثاق قبولاً من قبل الأئمة ورؤساء المنظمات الإسلامية في البلاد.
وأبدى صاري قير تحفظه على تصريحات وزير الداخلية الفرنسي متمنياً ألا يكرر مثل هذه التصريحات في المستقبل.
وأكد أنهم سيصرون على موقفهم، مضيفاً: ليس لدينا أي مشكلات مع القوانين الفرنسية، كل ما يشغلنا هو الكفاح من أجل أن يتمكن المسلمون من ممارسة دينهم بحرية.
وأوضح أن هناك ضغوطاً نفسية وسياسية تمارَس عليهم لأنهم لم يوقعوا على الميثاق، وأن بعض السياسيين حولوا الموضوع لأداة سياسية.
وتابع: ستُجرى الانتخابات قريباً في فرنسا، وهناك ضغط نفسي يمارَس علينا، إلا أننا سنصر على موقفنا، وسنراعي القيم التي نرى أنها الصواب فيما يخص ديننا.
وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان طالب في تصريح له بانفصال المنظمات الرافضة لتوقيع الميثاق، عن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
ووقعت اتحادات ومنظمات إسلامية في فرنسا “وثيقة المبادئ”، فيما امتنعت لجنة تنسيق الجمعيات التركية الإسلامية بفرنسا (CCMTF)، ومنظمة الرؤية الوطنية للمجتمع الإسلامي (CIMG)، و”حركة الإيمان والممارسة” عن التوقيع.