تثير استطلاعات الرأي التي تجريها مؤسسة “سيغما كونساي” الكثير من الجدل في تونس، ويتهمها ناشطون بأن عمليات سبر الآراء تتم حسب الطلب، وبأسعار باهظة جداً، ويتردد في عديد الأوساط معلومات عن طلب صاحب المؤسسة حسن الزرقوني مبالغ مالية مقابل رفع أسهم، وخفض أخرى، وهو ما أكده الإعلامي معز بن غربية الذي ذكر، في وقت سابق، بأن الزرقوني طلب منه مبلغ 300 ألف دينار تونسي (نحو 100 ألف يورو) من أجل تحسين ترقيم المحطة التلفزيونية التي كان يعمل بها في نسب المشاهدة.، وما ردّده الإعلامي محمد الهامشي الحامدي من أنه سأل الزرقوني عن غياب حزبه في استطلاعات الرأي فأجابه: “غالي عليك”؛ وهو في العرف المحلي طلب رشوة.
وتغلب على ردود الفعل الغاضبة الإشارة إلى استخدام المال السياسي كقول رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف للزرقوني: لن نعطيك مليماً واحداً من أجل تحسين نسب التصويت في استطلاعات الرأي التي تجريها.
العلوي: هناك تلاعب ملحوظ في نسب المشاهدة والمتابعة
توجيه الرأي العام
وفي المدة الأخيرة، نشرت جريدة “المغرب” التونسية ما قيل: إنها نتائج سبر آراء قامت بها مؤسسة “سيغما كونساي” أثارت الكثير من ردود الأفعال الموغلة في اتهام المؤسسة وصاحبها الزرقوني بنشر عمليات سبر آراء حسب الطلب وبخلفيات سياسية وتجارية، حيث زعم الزرقوني أن “الحزب الدستوري الحر” يستحوذ على أكثر من 40% من نوايا التصويت، في حين تأتي حركة النهضة في المرتبة الثانية بـ18%، وهي أرقام شكك فيها كذلك المقربون من “الحزب الدستوري الحر” مثل الإعلامي برهان بسيس الذي علّق على ذلك في تدوين على صفحته على “فيسبوك”: يبدو أن استطلاعات الرأي هدفها توجيه الرأي العام، أكثر من كونها انعكاساً لنوايا التصويت لدى الجمهور.
أرقام مزيفة
وعلق الأستاذ والباحث زهير إسماعيل، على عمليات سبر الآراء التي تقوم بها شركة “سيغما كونساي”، عبر حسابه على “فيسبوك” قائلاً: سبر الآراء استطلاع لاتجاهات التصويت وليس صنع رأي عام بأرقام مزيّفة ونتائج مفبركة لفائدة الحزب الفاشيّ وكسر مسار الديمقراطيّة.
وتابع: ما تقوم به “سيغما كونساي” من سبر آراء لا يصدّقه أحد، وأوّلهم الزرقوني نفسه؛ لأنّها نسب مفبركة، وأهل الاختصاص بإمكانهم إذا أرادوا أن يتبيّنوا ثغرات تكشف زيف الزوقونيّات.
الحمروني: استطلاعات تهدف إلى خلق واقع سياسي موهوم أكثر مما تعبر عن واقع موجود
وأردف: تواتر الكذبة وتكرّرها بما يشبه “الماتراكاج” (يقصد الاعتراف تحت التعذيب)، وقرع انتباه الرأي العام المتواصل (لاحظ القرب الزمني بين سبر وآخر) سيخلق نوعاً من المصداقيّة، ويصبح تقدّم الفاشيّة في الاستطلاعات أشبه بالمسلّمة أمام رأي عام متوتر وفاقد لكل معنى جامع، فتصبح كذبة تقدّم الفاشيّة معنى يلجأ إليه في غياب المعنى محاولة توجيه سياسي عبثي في أعلى مؤسسات الدولة يساوي فيه الإعلام الموجه بين الجميع.
الطيور على أشكالها
الكاتب والأستاذ الجامعي عبداللطيف العلوي علّق على إحصائيّات واستطلاعات رأي شركة “سيغما كونساي”، قائلاً: هي استطلاعات رأي موجّهة وعلى القياس! والجميع يعرف ذلك وكلّ الطبقة السياسيّة تعرفه وتدركه وكلّ الإعلام بالتلفزيونات والإذاعات والصحف والإعلاميّين والصحفيّين يعرفون ذلك تمام المعرفة، ولا يثقون لا بالزرقوني ولا بما يصدره بل أنّ وسائل الإعلام والإعلاميّين يتهّمونه تباعاً بالتلاعب حتّى في نسب المشاهدة والمتابعة، خدمة لوسائل إعلام دون أخرى لمغالطة الجمهور والمعلنين، وقد اتّهموه مراراً بذلك علناً.
خلق واقع وهمي
بسيس: استطلاعات الرأي هدفها توجيه الرأي العام أكثر من كونها انعكاساً لنوايا التصويت لدى الجمهور
وكتب الإعلامي محمد الحمروني تعليقاً في جريدة “الرأي العام” على عمليات سبر آراء “سيغما كونساي”، قائلاً: إن كل محاولات خلق واقع وهمي وافتراضي سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمجموعات التي تشتغل عليها وتنفق في سبيلها أموالاً طائلة، أو عبر مجموعات سبر الآراء الموجهة، التي تهدف إلى خلق واقع سياسي موهوم ومزعوم أكثر مما تعبر عن واقع موجود حقيقة على الأرض.
وأضاف: كل هذه المحاولات انهارت تحت أقدام عشرات الآلاف الذين تدفقوا على شارع محمد الخامس، يوم 27 فبراير الماضي، ليؤكدوا أن الزبد يذهب جفاء، وأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض.