أعلنت كندا رسمياً حظر تصدير تقنيات عسكرية متقدمة تقول إنها تستخدم في برنامج صناعة المسيرات التركية التي استخدمت في قره باغ وليبيا وسوريا بشكل “يتعارض مع سياساتها”، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام تكهنات مختلفة حول ما إن كان القرار سيؤدي إلى إعاقة برنامج صناعة المسيرات التركية التي برزت في السنوات الأخيرة وباتت من أهم أوراق تركيا العسكرية.
والإثنين، قال وزير الخارجية الكندي مارك غارنو إن بلاده ألغت تصاريح تصدير تتعلق بتكنولوجيا الطائرات المسيرة إلى تركيا، بعد توصلها إلى أن القوات الأذربيجانية استخدمت هذا العتاد في قتالها مع أرمينيا في إقليم قرة باغ، وقال في بيان: “هذا الاستخدام لم يكن متسقا مع السياسة الخارجية الكندية، ولا مع ضمانات الاستخدام النهائي التي قدمتها تركيا”.
وعملياً، صدر قرار تجميد تصدير التقنيات العسكرية الكندية إلى تركيا في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي لحين التحقق من احتواء الطائرات المسيرة التركية التي استخدمتها أذربيجان في معارك قره باغ على تقنيات عسكرية كندية، قبل أن تعلن الحكومة الكندية التأكد بشكل نهائي وتصدر قراراً قطعياً بإلغاء صفقات بيع التقنيات العسكرية إلى تركيا.
ومنذ ذلك الحين، كشفت التقارير التركية والكندية المختلفة أن الحديث يجري عن أن طائرات بيرقدار المسيرة التي تصنعها شركة بايكار التركية تستخدم بعض التقنيات العسكرية المستوردة من كندا وتحديداً أنظمة التصوير والاستهداف التي تصنعها شركة كندية للتكنولوجيا العسكرية.
ويؤثر قرار حظر التصدير في 29 ترخيصا ممنوحة لتركيا إضافة الى مجموعة واسعة من المعدات والتقنيات العسكرية، بينها مكونات إنتاج طائرات وبرمجيات وبيانات تقنية لأجهزة محاكاة الطيران ومعدات الأقمار الاصطناعية. وبلغت قيمة صادرات الأسلحة الكندية الى تركيا عام 2019 أكثر من 150 مليون دولار كندي (120 مليون دولار أمريكي).
وتعتبر تركيا أن القرار الكندي “لا يتسق مع روح التحالف والشراكة” بين حليفين في الناتو، فيما ذكرت وكالة الأناضول الرسمية أن وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو أعرب لنظيره الكندي خلال اتصال هاتفي عن استيائه من موقف كندا حيال القيود على صناعة الدفاع التركية، داعيا إلى مراجعة الموقف. في حين أصدرت السفارة التركية بأوتاوا بياناً جاء فيه “نتوقع من حلفائنا في حلف شمال الأطلسي تجنب الخطوات غير البناءة التي ستؤثر سلبا على علاقاتنا الثنائية وتقوض تضامن التحالف”.
من جهتها، قالت مصادر كندية إن وزير خارجيتها عبر لنظيره التركي عن قلق بلاده في هذا الإطار، إلا أنه شدد على أن تركيا حليف مهم لكندا تحت مظلة حلف شمال الأطلسي، مبينا أن كندا ستدرس الطلبات المقدمة (من الجانب التركي) في إطار برنامج التعاون الخاص بحلف الناتو.
ورداً على القرار الكندي بتعليق الصادرات في وقت سابق، قال إسماعيل دمير، رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية، إن “الصناعات الدفاعية التركية مستمرة في طريقها دون الالتفات إلى قرارات الحظر”، وأشار إلى أن كاميرات CATS الخاصة بتركيا سيتم إنتاجها بشكل كبير، وسيتم تثبيتها واستخدامها في الطائرات من دون طيار. كما كشف عن أن شركة “أسيلسان” التركية للصناعات العسكرية الإلكترونية تواصل الجهود لتطوير نموذج أكثر تطوراً.
والشهر الماضي، قال وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى وارانك، إن شركة أسيلسان التركية للصناعات الدفاعية طورت أنظمة مراقبة واستهداف محلية (CATS) ، لافتاً إلى أن عملية التطوير تمت عقب قرار الحكومة الكندية تعليق تصدير هذا النوع من الأنظمة إلى الشركة التركية المنتجة لطائرات بيرقدار المسيرة، وشدد على أن “أنظمة أسيلسان تجاوزت الاختبارات على الطائرات المسيرة بنجاح، وأنه تم البدء باستخدامها مؤخرا”.
الإنتاج التركي حالياً يتركز على الطائرة الأحدث والأهم أقنجي التي وصلت مراحل متطورة من الاختبارات النهائية ويتوقع أن تدخل الخدمة فعلياً قبيل نهاية العام الجاري. وتؤكد مصادر تركية أنها لا تعتمد على أي قطع أو إضافات من الخارج
وأشار الوزير إلى أن تركيا تبذل جهودا كبيرة في السنوا ت الأخيرة من أجل إنتاج المعدات التكنولوجية التي تحتاجها بنفسها، وقال إن “بعض الدول تفرض قيودا أو حظرا على صادرات التكنولوجيا إلى تركيا بشكل علني أو سري”، لافتا إلى ارتفاع نسبة الإنتاج المحلي في الصناعات الدفاعية من 20 إلى 70 بالمئة في السنوات الأخيرة.
والثلاثاء، نفى وزير التكنولوجيا التركي بشكل مطلق أن تكون المسيرات التركية تعتمد في مكوناتها الأساسية على تقنيات عسكرية مستوردة من كندا، موضحاً أن بعضها استخدم أنظمة تصوير كندية وأن شركة أسيلسان للصناعات الدفاعية التركية باتت تنتج هذا النوع من الكاميرات ولم تعد تركيا بحاجة للكاميرات المستوردة من كندا.
وفي تصريحات مختلفة للرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الدفاع خلوصي أقار، تعتبر تركيا أن قرارات حظر توريد الأسلحة ساهمت على الدوام في تحفيز الصناعات الدفاعية التركية لسد العجز وتقليل الاعتماد على الآخر قدر الإمكان، ورغم تسببها ببعض التأخير والتأجيل لبعض المشاريع إلا أنها حفزت شركات محلية على إيجاد بديل محلي للقطع والتقنيات والأسلحة التي شملتها قرارات الحظر المختلفة على مدار السنوات الماضية. كما تقول أنقرة إنها اعتادت على هذه القرارات التي واجهتها منذ عقود وأنها ليست وليدة السنوات الأخيرة.
وإلى جانب الانتهاء من صناعة وتطوير نظام تصوير وتوجيه محلي ليكون بديلاً عن الأنظمة المستوردة من كندا، فإن طائرات بيرقدار أنتجت بأعداد كبيرة وهي مزودة سواء بأنظمة التصوير الكندية أو غيرها، والإنتاج التركي حالياً يتركز على الطائرة الأحدث والأهم “أقنجي” التي وصلت مراحل متطورة من الاختبارات النهائية ويتوقع ان تدخل الخدمة فعلياً قبيل نهاية العام الجاري. وتؤكد مصادر تركية أنها لا تعتمد على أي قطع أو إضافات من الخارج.