لقد تابعنا بطولات رياضية كثيرة على المستوى المحلي والخليجي والآسيوي والعالمي أيضا، وكنا نستمتع بهذه البطولات لا شك، وحقيقة لم نكن نرى أن هذه البطولات تحمل شيئا إنسانيا أو رُقيًّا فكريا وفنيا دعويا. لم نكن نرى فيها إلا “الكرة، الحكم، والخاسر والفائز، والكأس فقط”، ولا غير ذلك.
لكن النسخة الثانية والعشرين من بطولة كأس العالم في قطر الحبيبة مختلفة تماما من حيث تنافس المنتخبات المشاركة فيها؛ وظلال وتداعيات البطولة الإنسانية والفنية والفكرية التي نعايشها لأول مرة في هذه النسخة من كأس العالم؛ لذلك أقول: “قطر غير”.
شارك في هذه البطولة بداية ٣٢ منتخبا، ورغم حرارة الجو المرتفعة في قطر الحبيبة فإنها عملت -وهذا أول إنجازاتها وأعتبره إنجازا غير عادي- على أن تكون هذه البطولة بتاريخ مختلف عن تاريخها العالمي المعتاد منذ البداية؛ حيث جعلتها في أواخر نوفمبر حتى منتصف ديسمبر تقريبا، وذلك لاعتدال الأجواء في هذه الفترة بدولة قطر الحبيبة، وهذا بحد ذاته إنجاز حقيقة وهو أول الإنجازات.
اشتد هجوم الخصوم على قطر بشكل أو بآخر؛ محاولين سحب البساط من تحت القطريين العمالقة، وما علم هؤلاء أن قطر فيها الرجال الفحول الذين لا تستطيع حتى الأسود مواجهتهم.
تحرك خصوم قطر والعرب على مستوى حقوق الإنسان كما يزعمون، مروجين سوء معاملة قطر للمهاجرين، محاولين إيقاف البطولة أو سحبها من قطر، إلا أن الرجال في قطر وقفوا في وجه “هلاميي الرجولة” أدعياء نصرة “السحاقيات والمخنثين” أصحاب الأخلاق السيئة، ووقفوا وقفة الرجل الذي لا يتزحزح عن مبادئه وأخلاقه الحميدة وآرائه الصائبة شرعا وفطرة.
تحدّت قطر جميع الأوضاع والأعداء، وأنجزت الملاعب وكل ما يتعلق ببطولة كأس العالم ٢٠٢٢م. وبالفعل قبل عامين تم كل شيء؛ ففي عام ٢٠٢٠م كانت قطر جاهزة بكل معنى الجهوزية للبطولة؛ فكانت أفضل الملاعب في العالم جاهزة للبطولة لعام ٢٠٢٢م، وهذا ما قال به رئيس الاتحاد الدولي “الفيفا” سنة ٢٠٢٠ م: “إن أفضل الملاعب في العالم موجودة هنا في قطر”. وقال أيضا حينها: “سيكون كأس العالم ٢٠٢٢ الأفضل، وسيكون فريدا من نوعه”.
لقد غيرت قطر حرارة الجو داخل الملاعب عن طريق الطاقة الشمسية من أجل راحة المشجعين، وعملت على أن تكون للمشاهد القدرة على متابعة أكثر من مباراة واحدة في اليوم الواحد أيضا. ومن أهم إنجازاتها أنها تابعت عملها الإنساني والإسلامي في تحضير المكان الخاص والمريح لأصحاب الاحتياجات الخاصة ولمن يرافقهم، وهذه لأول مرة تحصل في تاريخ هذه البطولة وبهذا الشكل.
أنا شخصيا من خلال هذه البطولة وإدارتها تنظيما وهذا التجمع العالمي، تعلمت من قطر المعنى الأعمق والأكثر ذكاء في معنى قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
نعم الأنشطة الجانبية للمونديال واللقاءات التلفزيونية والصحفية كلها تصب في معنى الآية الكريمة. وأيضا.. في المقابل استفدت من الذين أنكروا على قطر استغلالها الأمر في الدعوة لله تعالى وللأخلاق والإسلام حتى تطاول أحدهم قائلا بما معناه: “ليس من فنون الدعوة أن نزج الإسلام في كل شاردة وواردة! باسم الوعظ”. هؤلاء أيضا علمت من خلال مواقفهم السلبية الحاقدة، ومقابلهم الرد العملي والضمني القطري الراقي؛ علمت بشكل دقيق وعميق المعنى قوله الله تعالى: {لو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}. وقول الله تعالى: {مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين”.
شكرا قطر.. شكرا قطر.. شكرا قطر.
قطر.. أتعبت من بعدك..
ـــــــــــــــــــــــــــ
إعلامي كويتي.