منذ نشأة مجلة «المجتمع» وهي تتابع عالم التكنولوجيا بشكل حثيث، ففي العدد (1744) الصادر عام 2007م، نشرت هذا المقال للأستاذ عمر عبدالعزيز مشوح، خبير تقنية المعلومات، يتحدث فيه عن الذكاء الاصطناعي ـ الذي أصبح حديث العالم الآن ـ بعنوان «الذكاء الاصطناعي غبي في بلادنا!»، نعيد نشره في السطور التالية:
قليل جداً من يسمع بهذا العلم المهم جداً في المجال التقني، وقليل من هذا القليل من يهتم به ويتخصص فيه، وقليل من قليل من قليل من يبدع به في عالمنا العربي!
هو تخصص مهمل كمعظم التخصصات المهمة التي أبدع فيها الغرب والشرق الأقصى، وأسهموا فيها بمجالات حيوية تحتاجها البشرية، وتضع من يبدع فيها في مصاف الشعوب المتقدمة.
بدأ هذا العلم في الحرب العالمية الثانية، وأُعطي هذا الاسم، واعتُبر علماً منفصلاً بذاته في عام 1956م.
تعريف الذكاء الاصطناعي
تعريف الذكاء الاصطناعي يعتمد اعتماداً كبيراً على تعريف الذكاء أصلاً، لذلك لا نجد اتفاقاً أو إجماعاً على تعريف علم الذكاء الاصطناعي بين الكتب الأساسية لهذا العلم، ولكنها تدور حول بعدين أساسيين للنظام أو «الكمبيوتر»، هما التفكير والتصرفات.
– أن يفكر النظام بشكل منطقي.
– أن يفكر النظام بشكل بشري.
– أن يتصرف النظام بشكل منطقي.
– أن يتصرف النظام بشكل بشري.
بشكل أكثر تحديداً، يقوم الذكاء الاصطناعي بجعل الحواسيب تقوم بمهام مشابهة -وبشكل تقريبي- لعمليات الذكاء البشرية من خلال آليات وبرمجيات وأدوات معينة.
وبمجرد ظهوره على الساحة العلمية، بدأ تطبيقه من خلال مجالات مختلفة، وبدأ دمجه كعنصر أساسي في العلوم الأخرى.
بعض مجالات الذكاء الاصطناعي
التخطيط وجدولة العمليات: وأمثلة هذا المجال كثيرة، كان من أبرزها اعتماد «ناسا» (عام 2000م) على نظام ذكائي يعمل على جدولة التحركات والأوامر المركبة فضائية.
هذا النظام يعمل على التخطيط للوصول إلى أهداف محددة له سابقاً، ويعمل على تقصي تحركات المركبة في الفضاء وتشخيص الأخطاء التي قد تحدث وإصلاحها.
الألعاب
وقد يكون أشهر مثال في هذا المجال هو خسارة بطل الشطرنج كاسباروف أمام نظام «IBM» عام 1997م، حيث صرح البطل السابق في وقتها أنه شعر بنوع جديد من الذكاء خلال اللعبة!
التحكم
ومن أمثلة هذا المجال «كمبيوتر الفن» (ALVINN) الذي يستطيع أن يقود سيارة ويبقيها في مسارها؛ علماً بأن هذا الكمبيوتر عنده القدرة على التعلم من خبراته السابقة، التي تضاف بشكل دائم ما دام هناك خبرات جديدة أو تجارب متجددة.
تشخيص الأمراض واستنباط علاجات
وهذا مجال خصب وكبير، وله تطبيقات واسعة ومتعددة، منها معاونة الأطباء والمختصين في تشخيص الأمراض، ومنها استنباط قواعد خاصة بالأمراض عن طريق اكتشاف أسبابها ونتائجها وصياغتها عن طريق قوانين.
مثال على هذا المجال، دراسة قام بها الاتحاد الأوروبي عام 2006م لدراسة مرض سرطان الثدي عن طريق استنتاج قوانين وقواعد عامة من قواعد البيانات الموجودة عن المرض والمتوافرة بكثرة في المستشفيات الأوروبية.
الروبوت
هذا المجال خاضع للخيال الواسع وغير الواقعي لدى عامة الناس، وقد يكون هو سبب عدم إيمان جزء كبير من الناس بعلم الذكاء الاصطناعي، حتى إن الروبوت (الرجل الآلي) إلى الآن لم يستطع أن يصل إلى مستوى عالٍ من المرونة التي يتوقعها الناس.
ومع ذلك، فإن الروبوت قد أثبت وجوده إذا استخدم في مجالات معينة، مثل معاونة المكفوفين في الحركة، أو الدخول إلى أماكن ضيقة جداً تفتقر إلى الأوكسجين أو الضوء.
معالجة اللغات والكلام البشري
لهذا المجال تطبيقات كثيرة، منها ما يخص المكفوفين في صناعة بعض البرمجيات والأنظمة التي تستطيع محاكاة حاجاتهم وتنفيذ جزء من رغباتهم، ومنها ما يساعد الناس العاديين في التعامل مع الأنظمة المعقدة عن طريق الكلام المباشر المفهوم.
محاكاة الأنظمة
هذا المجال مستخدم لتدريب الطيارين على قيادة الطائرة بدون خوض تجارب قد تكون مكلفة من الناحية المادية والناحية البشرية.
لماذا هو غبي في بلادنا؟
لقد أهمل هذا القطاع تماماً نتيجة المناهج المتأخرة والبالية التي تدرس في الجامعات العربية، وأصبح مجرد ذكر اسم هذا المجال يعني أننا سوف نستورد كل ما يخصه ونتعلم كل ما يخصه في الغرب، فلم تعد هناك فرصة للطالب أن يفهم هذا التخصص ويتعرف عليه ويرغب في دراسته.
أضف إلى ذلك ضعف البحوث والمراكز العلمية المتخصصة فيه وإهمال تطبيقه إلا في مجال حجب المواقع في جميع البلاد العربية.