في حوالي شهرين (64 يوماً) حتى 5 مارس الجاري، شهدت الولايات المتحدة أكثر من 100 حادثة إطلاق نار جماعي، وهذا هو أسرع إطار زمني لهذا العنف المفرط منذ عام 2014 على الأقل، عندما استغرق الأمر 159 يومًا للوصول لـ 100 حادثة إطلاق نار جماعي، وفقًا لأرشيف العنف المسلح.
يُعرَّف إطلاق النار الجماعي بأنه حادثة قتل فيها 4 أشخاص أو أكثر، باستثناء المهاجم.
حتى 5 مارس الجاري، قُتل 149 شخصًا وأصيب 399 آخرون في إطلاق نار جماعي، بزيادة قدرها 75% و38% على التوالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
حتى 5 مارس الجاري، تجاوزت الولايات المتحدة 100 عملية إطلاق نار جماعي في عام 2023، وهو معلم مقلق يبرز التكلفة الجسيمة للتقاعس عن اتخاذ أي إجراء في واشنطن والهيئات التشريعية للولايات في جميع أنحاء البلاد.
وصلت أمريكا إلى الرقم الكئيب بحلول الأسبوع الأول من مارس، وهذا وقت قياسي، وفقًا لبيانات من أرشيف عنف السلاح، الذي يُعرّف إطلاق النار الجماعي بأنه إطلاق نار على 4 أشخاص على الأقل، باستثناء مطلق النار.
في العام الماضي، سجلت الولايات المتحدة 100 عملية إطلاق نار جماعي في 19 مارس، وفقًا لأرشيف عنف السلاح، بعد أسبوعين تقريبًا من تاريخ هذا العام، شهد عام 2021، تاريخ أواخر مارس أيضًا، ومن عام 2018 إلى 2020، لم يصل المعدل إلى 100 عملية إطلاق نار جماعي حتى مايو.
لقد سئم الأمريكيون من الخوف مما إذا كانوا هم أو عائلاتهم سيكونون الضحايا التاليين لإطلاق نار جماعي، يقول كريس براون، رئيس منظمة «متحدون ضد عنف السلاح»، وهي منظمة تسعى للتخفيف من عنف السلاح في الولايات المتحدة: وأطفالنا أيضاً سئموا من التنبيه الدائم عليهم بالركض والاختباء أو القتال.
يجب أن تشكل هذه المآسي العادية فقط في أمريكا دعوة للعمل من قبل قادتنا السياسيين، نحن بحاجة إلى تغيير حاسم في قوانين ولوائح الأسلحة الأمريكية، يقول براون: إن تكلفة التقاعس السياسي عن منع العنف باستخدام الأسلحة النارية واضحة بشكل مأسوي متزايد.
ولكن بعد إقرار قانون سلامة الأسلحة من الحزبين العام الماضي، كان هناك القليل من الزخم السياسي في الكونجرس المنقسم لمزيد من التشريعات المتعلقة بسلامة الأسلحة، حتى مع ارتفاع معدل عمليات إطلاق النار الجماعية.
على الرغم من تزايد الإصابات المميتة وغير المميتة بالأسلحة النارية، لم يتبع ذلك أي رد تشريعي حقيقي لدعم الأفراد أو المجتمعات التي يعيشون فيها، يقول مارك إس كابلان، أستاذ الرعاية الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، لشبكة «CNN»: هناك دليل ضئيل على أن إجراءات الوقاية، مثل التدريبات النشطة على التعامل مع إطلاق النار، قد قللت من الضرر الفعلي.
ويضيف: هناك حلول وأدوات حقيقية –من بينها حظر بيع الأسلحة الهجومية والذخائر عالية السعة- المتاحة الآن التي يمكن أن تحدث فرقًا، عندما يعمل المسؤولون المنتخبون على تنفيذها.
ومع ذلك، فإن علاقة أمريكا بملكية السلاح فريدة من نوعها، وثقافة الأسلحة لديها شاذة عالمياً، مما يعقد الجهود التشريعية.
هناك حوالي 120 بندقية لكل 100 أمريكي، وفقًا لمسح الأسلحة الصغيرة ومقره سويسرا، لا توجد دولة أخرى لديها أسلحة مدنية أكثر من الناس، ويعيش حوالي 44% من المراهقين في الولايات المتحدة في منزل به مسدس، ونحو ثلثهم يمتلكون سلاحاً نارياً شخصيًا، وفقًا لمسح أجرته مؤسسة «جالوب»، في نوفمبر 2020.
يعتقد ما يقرب من ثلث البالغين في الولايات المتحدة أنه سيكون هناك انخفاض في الجريمة إذا امتلك أكبر من الناس الأسلحة، وفقًا لمسح أجرته مؤسسة «Pew»، في أبريل 2021، ومع ذلك، تظهر العديد من الدراسات أنه عندما يتيسر للناس الوصول إلى الأسلحة النارية، تميل الوفيات المرتبطة بالأسلحة النارية إلى أن تكون أكثر تكراراً، وهذا يتضمن الانتحار والقتل والإصابات غير المقصودة.
وفي الوقت نفسه، يؤدي استمرار إطلاق النار الجماعي في زيادة الطلب على المزيد من الأسلحة.
ليس من المستغرب، إذن، أن يكون عدد القتلى في الولايات المتحدة بسبب العنف المسلح أكثر من أي دولة متقدمة أخرى بالنسبة للفرد الواحد، المعدل في الولايات المتحدة أكبر بثماني مرات مما هو عليه في كندا، التي لديها سابع أعلى معدل لامتلاك السلاح في العالم؛ أعلى بـ22 مرة من مثيلتها في الاتحاد الأوروبي، و23 مرة مقارنة بأستراليا، وفقًا لمعهد القياسات الصحية وبيانات التقييم لعام 2019.
تقول ليز دانينج، المتحدثة باسم برادي التي قُتلت والدتها بالرصاص أثناء ردها على باب منزلها في عام 2003: بالنسبة للناجين من العنف المسلح، يعد هذا حدثًا مؤلمًا للغاية يجب الاهتمام به، وتذكره كل عام، لكن الناجين يتخذون إجراءات بشكل متزايد، ويطالبون المشرعين لدينا بالوقوف في وجه صناعة أسلحة الشركات واتخاذ خطوات شاملة للحد من التدفق الأخير لإطلاق النار الجماعي.
أصبح نشاط عنف السلاح بندًا مركزيًا في سياسة الحزب الديمقراطي، حيث أعرب الرئيس جو بايدن مرارًا عن أسفه لعدم قدرة الكونجرس على تمرير إجراءات «الحس السليم» بعد عمليات إطلاق نار جماعية متعددة هذا العام.
وركز النائب الديمقراطي ماكسويل فروست، من فلوريدا، وهو أول عضو في «الجيل زد» (المولود بعد عام 2000) منتخب للكونغرس، في حملته لعام 2022 على إنهاء العنف المسلح في الولايات المتحدة، وإيجاد الدعم بين الناخبين الشباب الذين نشؤوا كجزء من «جيل إطلاق النار الجماعي»، كما يسميها.
لقد رأينا هذه الأشياء ونتساءل عن حياتنا بأكملها كشباب، في المدرسة الثانوية والمدرسة الإعدادية والمدرسة الابتدائية، لماذا؟ لماذا يحدث هذا؟ لماذا لم نصلح هذا؟ وقال فروست عندما فاز بترشيح الحزب الديمقراطي: والآن نحن في مكان يمكننا فيه التصويت ويمكننا الترشح، وسنفعل ذلك.
يمثل مشروع قانون سلامة السلاح الذي قدمه الحزبان العام الماضي -والذي حصل على دعم 14 جمهوريًا في مجلس النواب، و15 في مجلس الشيوخ- أهم تشريع فيدرالي جديد للتصدي للعنف المسلح منذ انتهاء حظر الأسلحة الهجومية لمدة 10 سنوات في عام 1994، لكنه فشل في حظر أي أسلحة وكان أقل بكثير مما دافع عنه بايدن وحزبه.
يفضل معظم الجمهور (66%) قوانين أكثر صرامة بشأن الأسلحة، كما أظهر استطلاع لشبكة «CNN»، في يوليو 2022، حيث قال أكثر من 4 من كل 10: إن التشريع المتعلق بالأسلحة الذي تم سنه مؤخرًا لم يذهب بعيدًا بما يكفي لتغيير الأمور.
لكن العديد من الجمهوريين، الذين يسيطرون الآن على مجلس النواب الأمريكي، استشهدوا بأزمة الصحة العقلية في الولايات المتحدة كسبب لمشكلة العنف المسلح في أمريكا، ولم يظهروا اهتمامًا كبيرًا بالحكومة التي تحاول تنظيم الوصول إلى الأسلحة.
وقد نمت تحديات الصحة العقلية طوال فترة الوباء وازداد العنف، لكن تحليلًا أجراه باحثون في جامعة جونز هوبكنز وجد أن الأسلحة جعلت هذه الحوادث أكثر فتكًا بشكل ملحوظ، بين عامي 2019 و2021، وكانت كل الزيادة في حالات الانتحار ومعظم الزيادة في جرائم القتل ناتجة عن حوادث مرتبطة بالسلاح، وأيضاً ارتفع معدل الانتحار بالأسلحة النارية بنسبة 10% بينما انخفض معدل الانتحار غير المسلح.
ووجد استطلاع لـ«CNN» تم إجراؤه بعد أسابيع قليلة من إطلاق النار الجماعي في مدرسة ابتدائية في أوفالدي، تكساس، وفي سوبر ماركت في بفالو، نيويورك، أن 58% من الأمريكيين يعتقدون أن تشديد قوانين مراقبة الأسلحة من شأنه أن يقلل من الهجمات المسلحة والوفيات ذات الصلة في البلاد، وهذه هي النسبة الأكثر ارتفاعًا فقد كانت النسبة 49% في عام 2019، و56% بعد إطلاق النار الجماعي في عام 2018 في مدرسة ثانوية في باركلاند بولاية فلوريدا.
ولكن حتى يعكس المشرعون في الكابيتول هيل (مقر الحكومة ومجلسي الشيوخ والنواب الأمريكي) هذه الأغلبية، يبدو أن المزيد من تشريعات سلامة الأسلحة غير واردة مع استمرار دائرة العنف المميتة.
_______________
المصدر: «CNN».