تيار الوسطية الإسلامية
نوقش البحث الذي قدمه د. القرضاوي تحت عنوان “الصحوة الإسلامية وهموم الوطني العربي.. نظرة عامة” في الجلسة الأولى من جلسات الندوة، حيث تناول الباحث الإطار العام للصحوة الإسلامية المعاصرة، ممثلة في تيارها الأقوى والأوسع والأكثر انتشاراً وهو ما أطلق عليه “تيار الوسطية الإسلامية”، ثم تحدث عن الخصائص البارزة للإسلام كما تفهمه الصحوة وتقدمه للناس، وركز في هذه النقطة على أربع خصائص رئيسة، وهي:
1- الجمع بين السلفية والتجديد: بمعنى الصحوة تدعو إلى العودة إلى الأصول إلى السلف الصالح، وأهل السلف هم أهل القرون الأولى خير قرون الإسلام، بالإضافة إلى معايشة العصر ومواكبة التطور، وفهم طبيعة الواقع المعاصر، ويرى د. القرضاوي أنه بالاستقراء وجد أن الصحابة هم أفقه الناس لروح الإسلام وأكثرهم تيسيراً على الأمة، وأقدرهم على ربط الدين بالحياة وأجعهم في مراعاة مقتضيات الزمان والمكان والحال، وهذا هو سر التمسك بالسلفية كمنهج أساس للصحوة المعاصرة.
2- الموازنة بين الثوابت والمتغيرات: هناك ثوابت لا تتغير مثل العقائد (التوحيد والإيمان بالله وملائكته.. إلخ)، والعبادات (الصلاة والزكاة.. إلخ)، والقيم الأخلاقية العليا (الإخلاص لله والرجاء في رحمته.. والصبر، والحياء والشجاعة والعز.. إلخ)، والأحكام القطعية في شؤون الفرد والأسرة وغيرها.. وفيما عدا هذه الثوابت، نجد أن أحكام الشريعة قابلة للاجتهاد وتعدد الاتهام.
3- التحذير من التجميد والتمييع والتجزئة للإسلام.
4- الفهم الشمولي للإسلام: فهناك البعد الإيماني بإصلاح النفس وتزكيتها، والبعد الاجتماعي بتحقيق العدالة في المجتمع، والبعد السياسي، والبعد التشريعي عن طريق إصلاح النظم بالتشريع الإلهي، وهذه أصول أربعة في الفهم الشامل للإسلام.
أما فيما يتعلق بهموم الوطن العربي، فقد حددها د. يوسف القرضاوي بسبعة هموم رئيسة، وهي: التخلف، والظلم الاجتماعي، والاستبداد السياسي، والتغريب، والتخاذل أمام الصهيونية، والتمزق والتسيب.
وتحدث د. القرضاوي عن النظرة الشمولية للصحوة إلى هذه الهموم، بعيداً عن النظرات الجزئية والسطحية والقطرية والآنية والتلفيقية والتبريرية، وكان أبرز ما حاول التأكيد عليه هو أن التيار الأقوى والأوسع في الصحوة هو التيار المعتدل، الذي يؤمن بالوسطية الإسلامية، وهو تيار الغد المرجو والمستقبل المأمول، وخصوصاً أن عموده الفقري هم الشباب، وهم ذخيرة الغد.
___________________________________________________________
العدد (813)، 16 شعبان 1407هـ/ 14 أبريل 1987م، ص36-39.