أبو الظفر سِراجُ الدین محمد بُهادر شاه ظفر، ويُعرف كذلك باسم بهادر شاه، أو بُهادر شاه الثاني (دوم) (24 أكتوبر 1775 – 7 نوفمبر 1862م) كان آخر أباطرة مغول الهند المسلمين التي استمرت ما يقرب من 300 عام، وقد أصبح إمبراطوراً عند وفاة والده في 28 سبتمبر 1838م.
وقد احتل الإنجليز الهند في دولته فثار أهلها ضدهم، وبعد فشل الثورة قام الإنجليز بالقبض على بهادر شاه وأهل بيته أسرى، وساقوهم مقيدين في ذلة وهوان، وفي الطريق أطلق أحد الضباط الرصاص من بندقيته على أبناء الملك وأحفاده، فقتل ثلاثة منهم، وقطعوا رؤوسهم.
ولم يكتف الإنجليز بسلوكهم المنحط بالتمثيل بالجثث، بل فاجؤوا الملك وهو في محبسه بما لا يخطر على بال أحد خسة وخزيًا، فعندما قدموا الطعام للملك في سجنه، وضعوا رؤوس الثلاثة في إناء وغطّوه، وجعلوه على المائدة، فلما أقبل على تناول الطعام وكشف الغطاء وجد رؤوس أبنائه الثلاثة وقد غطيت وجوههم بالدم.
لكن طبيعة الأنفة والكبرياء سمت فوق الحدث وفوق الحزن والجزع، فقال في ثبات وهو ينظر إلى من حوله: «إن أولاد تيمور البواسل يأتون هكذا إلى آبائهم محمرة وجوهم»، كناية عن الظفر والفوز في اللغة الأوردية.
وقد بدأ الإنجليز بعد القبض على بهادر شاه في محاكمته محاكمة صورية في دلهي، في 10 جمادى الآخرة 1274هـ/ 26 يناير 1858م، واتهموه بأنه تعاون مع الثورة هو وابنه ميرزا مغل ضد الإنجليز، وأنه أمر وشارك في قتل الإنجليز رجالاً ونساء وأطفالاً، وكانت تهمة كاذبة، والثابت أنه حين تولى قيادة الثورة كانت أوامره صريحة بعدم الاعتداء على الإنجليز من غير المحاربين منهم.
وبعد جلسات المحاكمة أصدر القضاة حكمهم بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى النفي إلى مدينة «رانكون» عاصمة بورما، وتم تنفيذ النفي في يوم الخميس 9 ربيع الأول 1275هـ/ 17 أكتوبر 1858م، ورحل هو وأسرته وبعض أفراد حاشيته إلى بورما وخصصوا له مكانًا لمحبسه، ولزوجه وأولاده مكانًا آخر، وخضع الجميع لحراسة مشددة، وبنفيه سقطت دولة المغول الإسلامية في الهند، وطويت آخر صفحة من صفحات الحكم الإسلامي في الهند الذي ظل شامخًا أكثر من ثمانية قرون، ثم أقدم الإنجليز على تأكيد مخططاتهم وما كانوا يحاولون ستره بأشكال مختلفة، فقد أصدرت الملكة فكتوريا، في 23 ربيع الأول 1275هـ/ 1 نوفمبر 1858م بنقل حكم الهند من يد شركة الهند الشرقية البريطانية إلى الحكومة البريطانية، وبذلك دخلت الهند رسميًا ضمن مستعمرات التاج البريطاني، وظلت كذلك حتى اضطر الإنجليز للجلاء عنها في عام 1367هـ/ 1947م.
وقد ظل بهادر شاه في محبسه حتى وافته المنية في عصر يوم الجمعة 14 جمادى الأولى 1279هـ/ 7 نوفمبر 1862م، وقد بلغ 89 عاماً، قضى منها 4 سنوات في منفاه.